^ مع اكتمال العام على أحداث البحرين المؤسفة تبرز لنا وبشكل فاقع مأساة جمهور عريض من التجار البحرينيين الذين أُصيبت تجارتهم بالكساد والتعطّل ووقف العمل كنتيجة مباشرة للوضع الأمني. وترتب على ذلك تراكم الديون وتسريح العمالة وإغلاق الأعمال. واستتبع ذلك قضايا في المحاكم وتشرّد أسر غالبها يعاني بصمت، والآخر لا يجد من يقف معه في ظلّ ظروف معيشيّة تزداد قسوة وكآبة. بلاشك تتحمّل المعارضة كامل المسؤولية عن هذا التردّي في أحوال قطاع كبير من تجار البلد، خصوصاً أصحاب الأعمال المتوسطة والصغيرة. والوضع يشمل كبار التجار أيضاً ممَّنْ أصبح بعضهم يفكِّر بنقل أعماله للبلدان المُجاورة طلباً للأمان وسعياً وراء وقف نزيف المال. وفي هذا الخيار أيضاً هدم لبيوت كثيرة من المواطنين ممَّنْ يعملون في قطاعات العمل والتجارة الخاصّة. ومع مرور الوقت يتضح يوماً بعد يوم أنَّ المعارضة التي من الواجب أن تقف إلى صف المواطن المسكين وتُدافع عن مصالحه، باتت -هذه المعارضة غير الناضجة- تسعى وبكلّ غباء إلى تدمير مصادر أرزاق البسطاء عبر تأزيم الأوضاع وإضاعة فرص التعايش بين أبناء الوطن الواحد وإيذاء الجسم التجاري على طريقة “عليّ وعلى أعدائي”. ورغم جهود الدولة للحفاظ على سير النشاط التجاري والمحافظة على استمراره وتقليل مخاطره من الهزّة العنيفة التي ضربت البلاد جرَّاء المحاولة الانقلابية الطائفية الفاشلة، فإنَّ الجهود الآن ينبغي أن تكون أكثر وعياً وشمولاً من أطراف عدّة لوضع حدٍ لهذه المأساة التي يعيشها قطاع كبير من المواطنين دون بارقة أمل للخروج من الأزمة. لعلّ أُولى الجهات التي يجب أن تُسارع في إنقاذ التجار، هو بنك البحرين المركزي. وذلك باعتماد آليات مصرفية وتجارية تُلزم البنوك بالتسهيل على التجار المعسرين ووقف رفع القضايا للقضاء. بالطبع من حق هذه البنوك أن تنال حقوقها المالية من التجار الذين يعتمدون عليها، لكن الوضع يستلزم مخيّلة وطنية تستجيب لتحدّيات الوضع المستمر في التأزم. اعتماد إجراءات توفيقيّة بين هذه البنوك والتجار بما يحفظ حقوق والتزامات الطرفين من شأنه دعم صمود التجار في السوق. الجهة الثانية، هم أصحاب العقارات المُؤجَّرة لمحلات ودكاكين التجار الصغار. فقد تم تأجير هذه المحلات بعقود آجلة وفي ظروف آمنة قبل بدء الأحداث. لكنَّ الأوضاع انقلبت رأساً على عقب ولم يعد لدى كثير من التجار القدرة على رفع الدخل التجاري وللوفاء بالتزاماتهم والدفع لأصحاب هذه العقارات. فشيء من التدخل الحكومي المُرضي للطرفين من شأنه إبقاء عدد لا بأس به من التجار للصمود في السوق. ولاحظ أنَّ انهيار تجارة هؤلاء التجار هو دمار أيضاً لأصحاب هذه العقارات. فقد أصبح أنَّ مَنْ يخرج من السوق لا يحلّ أحد غيره كما هو الوضع في دورة الحياة التجارية العادية. والأمر ينسحب أيضاً على عمل البنوك التي ستجد نفسها غير قادرة على الاستمرار فيما لو خرج هذا العدد الكبير من التجار. الجهة الثالثة، هي مرة أخرى، المعارضة. فحركات المعارضة في كلِّ البلدان إنَّما تقوم بدعم جهد الحكومة لتيسير الحياة على المواطنين، لا بتأزيم الوضع لتحقيق مصالح سياسيّة ضيّقة على حساب اقتصاد البلد وتدمير أرزاق المواطنين. فشيء من العقل والرحمة بتجارنا البحرينيين