أكد الأمين العام لمكتب التظلمات نواف محمد المعاودة أن الأمانة العامة للتظلمات هي أول جهاز يختص بالشكاوى والتظلمات بحق منتسبي وزارة الداخلية، ليس فقط في البحرين، وإنما في دول مجلس التعاون الخليجي ككل، مشيرا إلى أن عملية إنشائها مرت بمراحل عديدة، وأنه تم التدشين الرسمي لها في زمن قياسي بالمقارنة بمكاتب التظلمات المماثلة التي دشنت في أماكن أخرى من العالم.
وقال في حوار خاص مع وكالة أنباء البحرين "بنا" إن الأمانة العامة للتظلمات اتخذت شعارا لها يتمثل في دروع خماسية ترمز إلى عدة مبادئ رئيسية تسعى إلى تحقيقها، وهي: الاستقلالية والمصداقية والحيادية والمساءلة والشفافية، مؤكدا أن هذه المبادئ تتجسد بشكل واضح ليس فقط في الآليات والضمانات التي أكد عليها مرسوم إنشائها، وإنما أيضا في استقلال ميزانيتها الخاصة وهيكلها الإداري والوظيفي، وتأهيل العاملين بها من مؤسسات مرموقة داخل وخارج البحرين، فضلا عن تعاون والتزام الأجهزة المعنية باحترام استقلالية الأمانة، ناهيك عما تنشره من تقارير أو أخبار أو ردود على منظمات حقوقية دولية، وما تعتزم نشره عن مجمل أنشطتها في تقرير سنوي دوري، الأمر الذي يعكس إيمانها والتزامها بالمبادئ التي رفعتها شعارا لها.
واعتبر المعاودة أن العلاقة بين الأمانة العامة للتظلمات ووزارة الداخلية هي علاقة تقوم على التعاون والتنسيق الكامل، خاصة أن هناك هدفا مشتركا يسعى الطرفان إلى تحقيقه، وهو ضمان الالتزام بقوانين المملكة والمعايير المهنية للعمل الشرطي وكذلك باللوائح الإدارية التي تحكم أداء الموظفين المدنيين في الوزارة، مؤكدا أن هناك العديد من البراهين التي تثبت ذلك، منها على سبيل المثال لا الحصر تركيب كاميرات مراقبة في جميع المباني والممرات والعنابر بالسجون ومركز الحبس الاحتياطي بالحوض الجاف، وبما يصب في اتجاه التطوير النوعي لمؤسسات الإصلاح والتأهيل، وفصل نزلاء الفئة العمرية من 15 إلى 18 سنة بمركز الإصلاح والتأهيل بـ (سجن جو)، وغير ذلك الكثير، وفيما يلي نص الحوار:
1. تعتبر الأمانة العامة للتظلمات أول جهاز يختص بالشكاوى والتظلمات بحق منتسبي وزارة الداخلية، ليس فقط في البحرين بل وفي دول مجلس التعاون الخليجي، فهل لكم أن تطلعونا على أبرز ما حققته من إنجازات منذ إنشائها وحتى اليوم؟
إنشاء الأمانة العامة للتظلمات مر بمراحل متعددة، تركزت على تشكيل هيكلها ومقومات عملها القانونية والإدارية والفنية من خلال عدة مسارات، كان أبرزها صدور المرسوم الملكي رقم 35 لسنة 2013 الخاص بتعديل بعض مواد المرسوم رقم (27) لسنة 2012 وهو المرسوم الخاص بإنشاء الأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلية..
وقد حوى هذا المرسوم كثيرًا من الجوانب الفنية والإدارية التي كانت ضرورية وهامة في مسيرة عمل الأمانة العامة وانطلاقها نحو تحقيق الغايات والأهداف المرجوة من إنشائها، ومنها: تغيير مسمى مكتب أمين عام التظلمات ليصبح الأمانة العامة للتظلمات، وتوسيع اختصاصاتها لتمتد من أعضاء قوات الأمن العام فقط لتشمل جميع منتسبي وزارة الداخلية من مدنيين وعسكريين، وإجازة التحرك للتعامل مع أي فعل مؤثم حتى من دون شكوى، وتكليفها بالنظر في طلبات الصلح والتسوية المدنية وتعويض المتضررين، وإبداء الرأي في هذه الطلبات، علاوة على زيارة السجون ومراكز التوقيف وأماكن الحبس الاحتياطي.
وخلال الفترة الماضية تم استكمال الكادر البشري الأساسي، حيث يعمل بالأمانة العامة للتظلمات في الوقت الراهن موظفون من الجنسين من كافة التخصصات القانونية والشرطية، من محققين ومفتشين وغيرهم من ذوي المهارات والتدريب المطلوبين، ويحظى هؤلاء الموظفون بالتدريب الضروري الذي يوفره خبراء من داخل وخارج البحرين، كما سبق وأن عُقدت دورات تدريبية عملية لهم، في كل من: المحاكمة العسكرية بوزارة الداخلية، المحاكم الجنائية، النيابة العامة، إدارة الإصلاح والتأهيل، وذلك بهدف إكسابهم الخبرة والمعرفة اللازمتين.
وقد تم التدشين الرسمي للأمانة العامة للتظلمات في زمن قياسي عند المقارنة بمكاتب التظلمات المماثلة التي دُشنت في مناطق أخرى من العالم، وذلك في حفل أُقيم يوم الثلاثاء الثاني من يوليو 2013، وقد باشرت الأمانة فور تدشينها الرسمي عملها بتلقي الشكاوى والتعامل معها وكذلك بمهمة مراقبة مراكز الإصلاح والتوقيف.
وحصلت الأمانة العامة للتظلمات على عضوية المعهد الدولي لمكاتب أمناء التظلماتInternational Ombudsman Institute الذي يعد من الجهات الدولية المرموقة في هذا المجال، حيث يضم في عضويته أكثر من 140 من مكاتب التظلمات على مستوى العالم، وذلك بعد مراجعة عضوية الأمانة العامة للتظلمات من جانب اللجنة التنفيذية للمعهد في شهر سبتمبر 2013، وبعد التأكد من استيفائه للمعايير الدولية في مجال عمل مكاتب أمناء التظلمات، خاصة فيما يتعلق بالاستقلالية في ممارسة اختصاصاتها.
2. أكدتم في أكثر من مناسبة على المبادئ الأساسية التي تسعى الأمانة العامة للتظلمات للعمل في إطارها ومنها الاستقلالية، فما هي الضمانات التي تكفل تحقيق هذا المبدأ؟
اتخذت الأمانة العامة للتظلمات شعارها المتمثل في دروع خماسية لترمز إلى خمسة مبادئ رئيسية تسعى إلى تحقيقها، والعمل بمقتضاها وهي: الاستقلالية والمصداقية والحيادية وضمان المساءلة والشفافية، وهي بالتأكيد مبادئ مهمة، وعلى رأسها مبدأ الاستقلالية، الذي ينبع من الآليات والضمانات التي أكد عليها مرسوم إنشاء الأمانة العامة للتظلمات والمرسوم المعدل، والمتمثلة في استقلال ميزانيتها الخاصة، واستقلال هيكلها الإداري وهيكلها الوظيفي، كما أن الكادر العامل بها، تلقى تدريبات مهنية متميزة من مؤسسات مرموقة داخل وخارج البحرين، لتأهيلهم علميًا ومهنيًا من أجل أداء ما يقومون به من تحقيقات ومهام باستقلالية وحيادية.
وأبدت وزارة الداخلية التزامًا باحترام استقلالية الأمانة العامة للتظلمات، مع الأخذ في الاعتبار نقطة هامة وهي أن عمل الأمانة العامة يتم تبعًا لمرجعيات قانونية وإدارية محددة، وهي تمارس مهام عملها في هذا الشأن بالتعاون والتنسيق مع الجهات ذات الصلة مثل: النيابة العامة، وحدة التحقيق الخاصة، المحاكمة العسكرية بوزارة الداخلية، مجالس التأديب الإداري بوزارة الداخلية، وغيرها من الأجهزة والإدارات ذات الصلة، ولذلك فإن مسألة تقييم مدى استقلالية الأمانة العامة للتظلمات، تتعلق بمسألة أخرى وهي مسألة الشفافية في أداء عملها، وهي متحققة بالفعل سواءً من خلال ما نشرته من تقارير أو أخبار أو ردود على منظمات حقوقية دولية، وكذلك من خلال ما تعتزم نشره عن مجمل أنشطتها في تقرير سنوي دوري.
3. كيف تضطلعون بعملية التنسيق بينكم وبين وزارة الداخلية والنيابة العامة من جهة، وبينكم وبين مؤسسات الحركة الحقوقية البحرينية، الحكومية منها والأهلية، من جهة أخرى؟
العلاقة بين الأمانة العامة للتظلمات ووزارة الداخلية هي علاقة تقوم على التعاون والتنسيق بين الجانبين، فمن ناحية تحظى الأمانة العامة للتظلمات باستقلالية إدارية ومالية عن هيكل الوزارة، ومن ناحية ثانية تعد جهازًا يتولى تلقي الشكاوى بحق أيٍ من منتسبي الوزارة في حال ارتكب أحدهم لفعل مؤثم بمناسبة أو أثناء أو بسبب ممارسته لاختصاصاته، كما تعمل الأمانة على ضمان الالتزام بقوانين المملكة والمعايير المهنية للعمل الشرطي المنصوص عليها في مدونة سلوك الشرطة، وكذلك باللوائح الإدارية التي تحكم أداء الموظفين المدنيين الوزارة.
وقد تُرجمت العلاقة بين الطرفين في شكل إجراءات عملية أكثر من مرة، فعلى سبيل المثال قدمت الأمانة العامة للتظلمات في يوليو الماضي، توصية بتركيب كاميرات مراقبة في جميع المباني والممرات والعنابر بالسجون ومركز الحبس الاحتياطي بالحوض الجاف، تبعًا للمعايير الدولية المعتمدة والمتعارف عليها في هذا الشأن، وقد تلقت ردًا من وزارة الداخلية يفيد بالأخذ بهذه التوصية، بما يصب في اتجاه التطوير النوعي لمؤسسات الإصلاح والتأهيل، وفي نفس السياق قامت وزارة الداخلية بفصل نزلاء الفئة العمرية من 15 إلى 18 سنة بمركز الإصلاح والتأهيل بمنطقة جو (سجن جو)، وذلك تنفيذًا لتوصية بهذا الشأن واردة في تقرير الأمانة العامة للتظلمات الأول الخاص بنتائج زيارة سجن جو، والذي تم الإعلان عنه في شهر سبتمبر الماضي.
وفيما يتعلق بالعلاقة مع النيابة العامة ووحدة التحقيق الخاصة فهي علاقة وظيفية بحكم القانون ومرسوم إنشاء الأمانة العامة، وفي هذه السياق تم في الأول من يوليو الماضي توقيع مذكرة تفاهم مع وحدة التحقيق الخاصة ممثلة برئيسها سعادة السيد نواف عبدالله حمزة، وذلك في إطار التعاون المهني بين الجانبين، وقد جاء التوقيع على هذه المذكرة تطبيقًا لأحكام القانون وفي إطار التزام مملكة البحرين بالاتفاقيات والعهود والإعلانات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وضمانات المتهم، وبالأخص اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية.
وبالنسبة للتنسيق مع مؤسسات الحركة الحقوقية البحرينية، الحكومية منها والأهلية، فإن الأمانة العامة للتظلمات ترحب بأي تعاون مشترك مع هذه المؤسسات، سواءً في موضوع تقديم الشكاوى أو موضوع الجانب التوعوي الخاص بقضايا حقوق الإنسان، وفي هذا الإطار تم في ديسمبر الماضي، التوقيع على مذكرة تفاهم مع المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، لتكون الإطار الذي ينظم أواصر التنسيق والتعاون المشترك بين الطرفين فيما يتعلق بترسيخ مبادئ حقوق الإنسان، وتبادل الخبرة في هذا المجال، والعمل على تعزيزها وتشجيعها ونشرها، وتوفير التسهيلات التي من شأنها المساهمة في تحقيق الأغراض التي يسعي الطرفان إلى تحقيقها.
4. عملية تدريب الكوادر البحرينية العاملة في الأمانة العامة للتظلمات هي عملية مهمة نظرًا لحداثة التجربة، فما هي خطط تدريب هذه الكوادر لامتلاك مهارات التحقيق وخبرات التعاطي مع المراجعين والأدوات التي تؤهلهم لأداء مهامهم؟
تحرص الأمانة العامة للتظلمات على تنظيم وعقد برامج ودورات التدريب والتأهيل المهني سواءً لمنتسبيها أو منتسبي بعض الجهات الأخرى ذات الصلة بعملها، فعلى سبيل المثال، نظمت في أكتوبر الماضي ورشة عمل تدريبية، بالتعاون مع رابطة المحامين الدولية «IBA» تحت عنوان «المفاهيم الأساسية لحقوق الإنسان»، وقد حضرها عدد من ضباط الشرطة، كما عقدت في نوفمبر الماضي أيضًا ورشة عمل عن المفاهيم الأساسية لحقوق الإنسان بالتعاون مع سفارة جمهورية ألمانيا الاتحادية بمملكة البحرين، وحاضر فيها أعضاء من المؤسسة الألمانية للتعاون القانوني الدولي IRZ، وذلك في إطار الاستفادة من الخبرة الألمانية في هذا المجال، وهو ما يعكس حرصها على التعرف إلى العديد من التجارب والخبرات الدولية فيما يتعلق بمفاهيم حقوق الإنسان وتطبيقاتها النظرية والعملية المتبعة في المؤسسات العاملة أو ذات الصلة بقضايا حقوق الإنسان.
وبالنسبة للدورات المتعلقة بمهمة مراكز الإصلاح والتوقيف، فقد نظمت الأمانة العامة للتظلمات برامج تدريب وتأهيل متطورة لكوادرها العاملة في هذا المجال، حيث أقامت ورشة عمل بالبحرين في أبريل 2013 حاضر فيها عدد من أعضاء مفتشية صاحبة الجلالة للسجون بالمملكة المتحدة، وتعلقت بآليات التفتيش على السجون ومراكز التوقيف وبيان للتجربة البريطانية والمعايير المتبعة في هذا المجال، وأيضا ورشة عمل تدريبية متخصصة في سبتمبر 2013 بالتعاون والتنسيق مع سفارة المملكة المتحدة بالمنامة.
وكل ما سبق ذكره، وغيره من الدورات وورش التدريب والتأهيل المهني، جاء ضمن خطة التدريب الممنهجة التي تتبعها الأمانة العامة للتظلمات، لمنتسبيها داخل وخارج البحرين، مما يصب في عملية تطوير الكوادر البشرية المتخصصة واطلاعها على كل ما يستجد من تطبيقات وممارسات عملية متبعة في بلدان مختلفة.
5. للأمانة العامة للتظلمات الكثير من الأدوات التي تنظم عملها، خاصة الميداني، فما هي أطر التواصل المباشر التي تربطكم مع المواطنين والمقيمين على السواء، وهل من السهل الوصول إليكم؟
أطلقت الأمانة العامة للتظلمات بدايةً من يوليو 2013 بالتزامن مع تدشينها الرسمي حملة إعلامية توعوية، هدفت إلى تعريف الجمهور بمهامها واختصاصاتها والخدمات التي تقدمها، وذلك عبر وسائل الإعلام كافة من صحافة وإذاعة وتليفزيون، شملت وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية، بلغات عدة منها العربية والإنجليزية والهندية، كما قامت فرق منها بتقديم عدة محاضرات تعريفية طيلة أسبوعين خلال منتصف شهر يونيو 2013، شملت مختلف القطاعات والإدارات العامة بوزارة الداخلية ومنها المديريات العامة للشرطة بالمحافظات الخمس، الإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة، الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية، الإدارة العامة للمرور، وقوات الأمن الخاصة، وشئون الجمارك، وذلك للتعريف بالأمانة العامة للتظلمات واختصاصاتها ومهام علمها.
وكذلك حرصت على التواصل الإيجابي مع السادة أعضاء البرلمان الموقرين، وذلك من خلال ندوة عقدت بمجلس الشورى في ديسمبر الماضي، للتعريف بمهامها واختصاصاتها، حضرها عدد من أعضاء مجلسي الشورى والنواب، من منطلق اهتمام المجلسين بالاطلاع على أعمال المؤسسات والهيئات الحكومية بالمملكة وحرص المجلسين على التعاون والتواصل المستمر مع تلك الجهات للتعرف على تجاربهم وما يسعون إليه، وقد أكد أعضاء البرلمان الموقرين، أن ما تقوم به الأمانة العامة للتظلمات يعزز قيم حقوق الإنسان والمعاملة الإنسانية في مجال عملها.
وفي سياق توعوي آخر قام أعضاء من الأمانة العامة للتظلمات، بجولة في يوليو 2013 شملت زيارة كل من سفارة جمهورية الهند، وسفارة جمهورية الفلبين، وسفارة جمهورية بنغلاديش الشعبية بمملكة البحرين، التقوا فيها بالسادة سفراء تلك الدول، في إطار التواصل مع ممثلي الجاليات الأجنبية المقيمة في البحرين، وتعريفهم بمهام الأمانة العامة للتظلمات، وكذلك حقوق وواجبات أفراد هذه الجاليات القانونية فيما يخص تعامل منتسبي وزارة الداخلية معهم، ترسيخًا لمبادئ المساواة أمام القانون، واحترام حقوق الإنسان.
ومن كل ما سبق أكدت الأمانة العامة للتظلمات أنها جهاز يستهدف خدمة الجمهور، تبعًا للصلاحيات والاختصاصات الممنوحة لها، وأنها ترحب بكل من يرغب في التعامل معها، من خلال وسائل التواصل المختلفة، سواء بالحضور الشخصي لمقرها، أو من خلال البريد العادي، أو البريد الإلكتروني، وذلك موجود وموضح في موقعها الإلكتروني.
6. تنشر بعض الصحف والمنظمات الحقوقية بين الفينة والأخرى تقارير حول مراكز التأهيل والتوقيف، وحول ظروف وطرق معاملة النزلاء فيها، فما هو دور الأمانة العامة للتظلمات في هذا الشأن، وهل من صلة ستربط بينها وبين مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين التي أُنشأت مؤخرًا؟
منذ الإعلان الرسمي عن تدشين الأمانة العامة للتظلمات في مطلع يوليو2013 وهي تباشر التحقيق في الشكاوى الواردة إليها بخصوص حالات بعض نزلاء مراكز الإصلاح والتوقيف من السجناء أو الموقوفين سواءً وردت هذه الشكاوى عن طريق أفراد أو منظمات مجتمع مدني، وتتعامل مع هذه الشكاوى تبعًا لآلية العمل الموضوعة والتي تضمن مبادئ المساءلة والشفافية، كما تمارس دورًا رقابيًا على مراكز الإصلاح والتوقيف، وأماكن الحبس الاحتياطي، من خلال آلية عمل واضحة ومحددة، منها الزيارات التي تقوم بها لهذه المقار، وهي نوعان من الزيارات: زيارات ميدانية مخطر عنها مسبقًا، وزيارات ميدانية غير مخطر عنها مسبقًا، يتم فيها التأكد من جملة من المبادئ والمعايير، وهي التي تم الكشف عنها في مؤتمر صحفي عُقد في سبتمبر الماضي، وقد جاء إصدار النسخة الأولى من مبادئ ومعايير زيارة السجون وأماكن الحبس الاحتياطي، حرصًا من الأمانة العامة للتظلمات على ترسيخ الأعراف المهنية المتبعة دوليًا في هذا المجال، وهي تعد الأولى من نوعها على مستوى المنطقة، وتؤشر إلى ما وصلت إليه البحرين من تعزيز لمفهوم احترام حقوق الإنسان.
وفي نفس التوقيت أعلنت الأمانة العامة للتظلمات عن نتائج الزيارة التفتيشية التي أجرتها إلى مركز الإصلاح والتأهيل (سجن جو) والتي استمرت لثلاثة أيام خلال الفترة من 3 وحتى 5 سبتمبر 2013، تم خلالها التأكد من مدى تحقق المعايير القياسية المتعلقة بالمعاملة الإنسانية، وظروف المكان، والحقوق والضمانات القانونية للنزلاء بالإضافة إلى الرعاية الصحية المتوافرة.
أما بالنسبة للعلاقة مع مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين التي أُنشأت بموجب المرسوم الملكي رقم (61) لسنة 2013، فإنها علاقة وظيفية تقوم على التعاون والتكامل بين الطرفين، كما أن مجال عمل الجهتين يتشابه فيما يتعلق بمراقبة مراكز الإصلاح والتوقيف، وللأمانة العامة للتظلمات خبرة في هذه المجال، يمكن أن تعرضها على المفوضية للاستفادة منها.
7. هل هناك خطط وبرامج تنفذها الأمانة العامة للتظلمات لتدعيم صلاتها بالغير وللاستفادة من الخبرات الدولية، خاصة مع الكيانات والهيئات الشبيهة؟
استمرت الأمانة العامة للتظلمات في تواصلها الهادف والإيجابي مع العديد من المؤسسات والجهات ذات الصلة بعملها، ولاسيما خارج البحرين وفي هذا السياق، قام وفد منها بجولة عمل خارجية خلال منتصف يناير 2013 شملت كل من المملكة المتحدة وفرنسا، تمت بالتنسيق مع السفارتين البريطانية والفرنسية بالمنامة، وكذلك قام وفد آخر بزيارة عمل للولايات المتحدة الأمريكية في الفترة من 28 سبتمبر وحتى 6 أكتوبر2013.
كما تواصلت الأمانة العامة للتظلمات مع العديد من المنظمات والمؤسسات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان، فمثلاً قام وفد منها يوم 16 يناير 2013 بزيارة لمقر منظمة العفو الدولية بالعاصمة البريطانية لندن، وكذلك تم الاجتماع يوم 27 فبراير 2013 بوفد من منظمة هيومان رايتس ووتش في المنامة، وأيضًا تم الاجتماع يوم 6 ديسمبر 2012 مع أعضاء الفريق التقني لمكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالمنامة أيضًا، وغيرها من اللقاءات والاجتماعات التي عقدت مع بعض البعثات الدبلوماسية الأجنبية الموجودة في مملكة البحرين.
8. كيف ترون وسائل دعم ثقافة حقوق الإنسان في الأجهزة المختلفة، وما هي الأدوات لتعزيز مفاهيمها عند الأفراد، عمومًا والشرطة بشكل خاص، باعتبارها خطوة مهمة، لتعميق وتجذير الوعي بالمسائل الحقوقية واحترام مقوماتها؟
شهد الاهتمام بقضايا ومبادئ حقوق الإنسان في مملكة البحرين، نقلة نوعية كبيرة، منذ تدشين المشروع الإصلاحي لعاهل البلاد المفدى، بشكل أصبحت معه البحرين متقدمة في هذا المجال على الصعيدين العربي والإقليمي، من خلال جملة من التشريعات والخطوات الإجرائية والمؤسساتية التي ترجمت هذا التوجه البحريني الخاص باحترام حقوق الإنسان، في صور متعددة ومتنوعة، منها على سبيل المثال ما تم بخصوص تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، ولاسيما التوصية رقم (1717) والفقرة (د) من التوصية رقم (1722)، وهما المتعلقتان بعمل الأمانة العامة للتظلمات، مما يصب في صالح تعميق وتجذير الوعي بالمسائل الحقوقية واحترام مقوماتها..
وهنا أود أن أشير إلى أن مسألة دعم ثقافة حقوق الإنسان في الأجهزة المختلفة، وتعزيز مفاهيمها عند الأفراد، عمومًا وأفراد الشرطة بشكل خاص، هي مسألة تكاملية تراكمية، لا يمكن أن تتم دون ترسيخ هذه المفاهيم في الوعي الاجتماعي للأفراد بشكل عام، لأنها ترتبط بمنظومة أكبر تتمثل في المحددات التي تحكم طبيعة العلاقة بين أفراد المجتمع والمؤسسات الموجودة فيه، بل وطبيعة العلاقة بين أفراد المجتمع بعضهم البعض، الأمر الذي يتم في إطار جملة من التفاعلات تفرزها البيئة القانونية والاقتصادية والاجتماعية، والثقافية الحاكمة للمجتمع، بما تحمله من محفزات أو معوقات، وهنا تبرز أهمية الموازنة بين جملة من القيم والمبادئ والمفاهيم مثل الحرية والمسئولية، مثل الحقوق والواجبات، مثل الحق الشخصي للفرد، وحق المجتمع ...إلخ، وبالتأكيد فإن المهم في ذلك كله هو البناء الإيجابي لتلك المبادئ والمفاهيم في نفوس أفراد المجتمع، سواء كانوا من منتسبي وزارة الداخلية، أو حتى من عموم المواطنين والمقيمين.
9. باعتباركم أول جهاز خليجي مستقل يقوم بمهام النظر والتحقيق في الشكاوى المقدمة بحق منتسبي وزارة الداخلية، هل هناك إمكانية لنقل هذه التجربة إلى دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، للاستفادة منها ؟
ترحب الأمانة العامة للتظلمات بأي تعاون مع المؤسسات المهتمة بمجال عملها، ولاسيما في الدول الشقيقة بمجلس التعاون الخليجي، خاصة وأنها قد اكتسبت طيلة الفترة الماضية خبرات متنوعة، ومنها خبرات دولية مرموقة في مجال عمل أجهزة أمناء التظلمات فيما يتعلق بتلقي الشكاوى المقدمة بحق منتسبي وزارة الداخلية والتعامل معها، وكذلك فيما يتعلق بمراقبة وزيارة السجون ومراكز التوقيف وأماكن الحبس الاحتياطي، مع الأخذ في الاعتبار أن لكل دولة خصوصية نابعة من بنيتها القانونية، والمؤسساتية، وبيئتها الاجتماعية .
أما عمليًا فقد استقبلت الأمانة العامة للتظلمات في ديسمبر الماضي وفدًا يمثل إدارات الإصلاح والتأهيل بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي زار مملكة البحرين للمشاركة في فعاليات "أسبوع النزيل الخليجي الموحد الثاني"، حيث تم تقديم عرضًا تعريفيًا لهم بمهام الأمانة العامة للتظلمات، واختصاصاتها وأهم الإنجازات والأنشطة التي شهدتها بعد تدشينها الرسمي ومنها إصدار أول نسخة من مبادئ ومعايير مراقبة السجون ومراكز التوقيف، وهي الأولى من نوعها ليس على مستوى البحرين فحسب بل على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية.
10. في نهاية حديثكم، هل من رسالة يمكن أن توجهونها للجمهور الذي تتعامل معه الأمانة العامة للتظلمات؟
أؤكد للجمهور الكريم من المواطنين والمقيمين أن الأمانة العامة للتظلمات، تعمل لخدمتهم في إطار اختصاصاتها والصلاحيات الممنوحة لها بموجب مرسوم إنشائها، فيما يتعلق بتلقي والتعامل مع الشكاوى المقدمة إليها بحق أيٍ من منتسبي وزارة الداخلية من عسكريين ومدنيين في حال ارتكاب أحدهم لفعل مخالف للقانون، بمناسبة أو أثناء أو بسبب ممارستهم لاختصاصاتهم، وهي وتسعى لأداء مهامها بكل مسئولية ومصداقية، بما يحفظ حقوق الإنسان، ويضمن المعاملة الإنسانية لأفراد الجمهور عند تعاملهم مع منتسبي وزارة الداخلية، كما أؤكد لهم أن التحقيقات التي تجريها الأمانة العامة للتظلمات، تتم بكل حيادية وتضمن الخصوصية ولا يجوز الاطلاع عليها أو الكشف عنها بأي حال من الأحوال طبقاً للقانون، وأنها ستخطر صاحب الشكوى بكافة ما جرى فيها وكافة مراحلها أولاً بأول، وصولاً إلى القرار النهائي بشأنها، ضمن بيان يحتوي على معلومات وافية وكافية، وهي في ذلك ترحب بأي تواصل مع أفراد الجمهور سواءً لتلقى الشكاوى أو للرد على الاستفسارات من خلال وسائل التواصل المختلفة، وبعدة لغات.