زهراء حبيب:
ألغت المحكمة الكبرى الشرعية الجعفرية الاستئنافية برئاسة القاضي الشيخ صلاح عبد العزيز الستري
حكم حضانة أب لابنته لتنتقل حضانتها للأم مع الزام المستأنف ضده بالمصاريف. وذلك بعد أن عاملها وزوجته الآسيوية الجديدة كخادمة وقاما بضربها رغم صغر سنها.
وبعد سنتين من تداول قضية حضانة طفلة بلغت 8 سنوات من عمرها، أرجعت المحكمة الشرعية الاستئنافيه الحق بحضانة الطفلة للأم بدلا من الأب الذي تعمد هو وزوجته اساء معاملتها بضربها على رجلها،وتعمدهما تكليفها بمهام المنزل رغم صغر سنها،وتجريحها بالكلام.
وتسرد المحامية ابتسام الصباغ وكيلة الأم تفاصيل القضية بأن الأب رفع دعوى في عام 2012 أمام المحكمة الصغرى الشرعية الجعفرية ضد طليقته، طالبا ضم حضانة ابنته التي بلغت 8 سنوات له وهو السن الذي تختص فيه بحضانته.
وقالت الصباغ بأنه في 20 نوفمبر 2013 قضت محكمة اول درجة بضم حضانة البنت للاب،مستنده في حكمها
إلى أن الحضانة تكون للأم لمدة أقصاها بلوغ الولد سبع سنين هجرية، ثم تنتقل للأب، وثبت من المستندات أن البنت أتمت سن السابعة بالتأريخ الهجري، ومن ثم قضت له بطلبه.
وطعنت الأم في الحكم امام المحكمة الاستئنافية طالبه بالغاء الحكم المستانف والقضاء برفض الدعوى.
ودفعت الصباغ في مذكره دفاعها بالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق،مردفة بالقول أن" الحكم التفت عن تقرير مركز البحرين لحماية الطفولة الذي ورد فيه بأن الطفلة ذكرت حادثة ضرب والدها لها على إحدى رجليها، كما عبرت عن بعض المشاعر السلبية ببعض العبارات مثل "ما أحب أبوي" و"أخواتي يخلوني خدامة"،و تبين من خلال تطبيق اختبار الضغوط بأنها تعاني من ضغوط بدرجة متوسطة.
وخلص التقرير إلى "أن احتياجات الطفلة في هذه المرحلة تتمركز في الرعاية الصحية والتربوية والنفسية والاجتماعية والعاطفية، وعادة ما تكون الأم هي المصدر الأساسي الملبي لهذه الاحتياجات"،مبينة بأن الحكم المستأنف خالف النتيجة التي توصل إليها التقرير،ولم يرع مصلحة المحضون.
وزادت الصباغ بان" الحكم شابه القصور في التسبيب، كون معاملة المستأنف ضده للطفلة معاملة سيئة جداً أوقات الزيارة،و أن المستأنف ضده غير ملتزم بالزيارة في أغلب الأوقات مما يكشف عن عدم اهتمامه بالطفلة".
ودللت على عدم اهتمامه بالطفلة بأنه لم يقم باستخراج الأوراق الثبوتية لها، إلا بعد صدور حكم من المحكمة الكبرى المدنية الأولى.
وأكدت معاملة المستأنف ضده وزوجته للطفلة معاملة سيئة، ويسمعانها كلاماً جارحاً ويكلفانها بالأعمال المنزلية وهي في مثل هذا السن الصغيرة، منوهه الى واقعة قص شعرها من الجديلة في إحدى الزيارات.
واستطردت الصباغ قائله بأن ا?م قلقة على مستقبل طفلتها الدراسي في حال ضمها للأب، إذ أنه ضم ابنيه من زوجته وكلاهما لم يكملا الدراسة نتيجة لإهماله وعدم حثهما على مواصلة الدراسة، وحيث إن الحكم المستأنف لم يلحظ ذلك في أسبابهن فإنه يكون مشاباً بالقصور في التسبيب، الأمر الذي يتعين إلغاؤه.
وفي المقابل دفع دفاع الاب بأن التقرير حماية الطفل لم يصدر توصية بحرمان الأب من الزيارة، وما ورد من وقوع ضرر من المستأنف ضده على الطفلة ما هو إلا كلام مرسل لا يسنده دليل أو برهان، مدعي بأن الأم هي تضع العراقيل في سبيل عدم التقاء الطفلة بوالدها في كل مرة.
وبعد تقديم دفوع الطرفين اشارت المحكمة في حكمها بأنه على ضوء أحكام المذهب الجعفري القانون الواجب التطبيق على محل الدعوى أن الولد تبقى حضانته لدى أمه إلى سبع سنين وبعدها تنتقل أمور الحضانة إلى الأب، ويجب أن تتوافر فيه شروط الحضانة.
وأوضحت المحكمة بأن من الشروط التي يجب توافرها في الحاضن ليكون صالحاً للحضانة سواء كان أماً أو أباً أن يكون أميناً على المحضون وتربيته، فإن فقد هذا الشرط كان غير أهل للحضانة، وأن تقدير ذلك هو مما تستقل به محكمة الموضوع، كما يجوز للقاضي الشرعي المختص بعد سن السابعة إبقاء المحضون بيد حاضنته إذا رأى أن المصلحة في ذلك.
وبينت المحكمة بأن المقرر شرعاً أن المدار في الحضانة هو مصلحة الصغير أولاً، لأن أمر الحضانة مبني على حفظ الصغير، فلابد من النظر في مصلحته لما له من حق في الحضانة بجانب حق الأم وحق الأب، ولذلك يشترط في الحاضن جملة صفات ترجع في حقيقتها إلى المحافظة على مصلحة المحضون وتوفير راحته وصحته من نحو عقل الحاضن وأمانته وقدرته على التربية.
وقضى الحكم المستأنف بنقل حضانة البنت لوالدها المستأنف ضده استناداً لتجاوزها سن السابعة من العمر، وكان الثابت بالأوراق أن المستأنف ضده لم يطالب بحضانة الطفلة رغم بلوغها ثمان سنوات، وعدم التزامه بأوقات الزيارة في أغلب الأوقات، وعدم التزامه باستخراج أوراق ثبوتية لها إلا عن طريق صدور حكم من المحكمة المدنية الأولى بذلك.
وكان الثابت أن الطفلة قد تجاوزت سن اختصاص حضانة والدتها المستأنفة ببلوغها سن الثامنة من العمر، إلا أنها ما زالت صغيرة ولا تستغني عن خدمة النساء في مثل هذا السن، وقد تتضرر من ضمها لوالدها المستأنف ضده، لا سيما وأن والدها ليس لديه متعهدة سوى زوجته الأجنبية، وهي هندية الجنسية وأن الغالب في زوجة الأب أن تكون مبغضة لأبناء ضرتها، وقد أباحت الشريعة الإسلامية إبقاء المحضون بيد والدته حتى لو تجاوز فترة حضانتها لأجل مصلحته.
وأشارت المحكمة إن صلاحية الأب للحضانة ليست محل ثقة هذه المحكمة لما تكشف عنه الأمور سالفة الذكر،بالاضافة الى إلى أن المحكمة ترى من خلال مطالعتها للتقرير المقدَّم من مركز البحرين لحماية الطفل عن حالة الطفلة النفسية والذي أثبت فيه أن المستأنف ضده وزوجته يسيئان معاملة الطفلة ويوجهان إليها ألفاظاً غير لائقة، وأن احتياجات الطفلة في هذه المرحلة (ثمان سنوات) تتمركز في الرعاية الصحية والتربوية والنفسية والاجتماعية والعاطفية، وعادة تكون الأم هي المصدر الأساسي الملبي لهذه الاحتياجات.
وعولت المحكمة على التقرير،واعتبرته قرينه مساندة مع بقية القرائن الأخرى الدالة على فقدان المستأنف ضده أولى واجبات الحضانة والرعاية للطفلة، ويجعله غير أمين عليها، وينأى به عن الصلاحية للحضانة.
كما وأن صلاحية الأم المستأنفة قائم وثابت إذ أن حقها متقدم، ويشك في زواله فيستصحب بقاؤه، مضافاً إلى أن الأوراق خلت مما ينفي صلاحيتها للحضانة، ومن ثمَّ تكون المستأنف ضدها وهي ممن تتوافر فيها شروط الحضانة، هي الأحق بحضانة ابنتها المذكورة ومن مصلحتها البقاء في يدها، مما يتقرر إبقاء الطفلة في حضانة والدتها المستأنفة وتحت رعايتها، لأنها أشفق وأقدر على تحمل مشاق الأولاد في مثل سنها.