كتب – محرر ملحق ملفى الأياويد: تزخر البحرين قديماً وحديثاً بكثير من الكفاءات في عديد من المجالات، لعبت دوراً بارزاً في الازدهار الحضاري الذي اشتهرت به البحرين على مدار تاريخها الطويل، وجعلها كالشامة في الجسد البشري. وقد دأبت الأمم والشعوب والدول المتقدمة على الاحتفاء بأبنائها الذين شكلوا صورتها، وساهموا في بنائها وتطويرها ووضعها في المكان اللائق بين الأمم. ومن بين هؤلاء الذين ضربت شهرتهم الآفاق عبدالله بن خميس الشروقي؛ الشاعر والأديب الفذ والسياسي اللامع والوطني الغيور، وخبير القماش “اللؤلؤ”، وصاحب المواهب، الذي ظلمته الأجيال الصحافية والإعلامية في البحرين، ولم تذكر مساهماته الوطنية والإبداعية في المجالات المختلفة التي جعلت منه أحد أعلام البحرين. نحن هنا بصدد تعريف الأجيال الجديدة بعبدالله بن خميس الشروقي في إطار التنقيب في تاريخ البحرين المعاصر، واستخراج اللآلئ منه وتقديمها في صورة زاهية للقراء، من أجل توثيق سيرته العطرة. حيث سيصدر قريباً بإذن الله تعالى كتاب يحوي سيرته وإبداعاته ودوره الوطني والأدبي والثقافي، وعلاقته بالتعليم وبالبحر والتجارة ومداعباته الشعرية ومساجلاته الأدبية التي وثقتها المجالس العفوية في منطقة الحد، قبل أكثر من عقود ثلاثة. سيرة ذاتية عطرة هو عبدالله بن خميس بن جمعة الدويس الشامسي الملقب بالشروقي. ولد في مدينة الحد بمملكة البحرين العام 1328 هـ أي حوالي 1905 درس لدى المطوع حتى حفظ أجزاء من القرآن الكريم وأجاد الكتابة وختم القرآن الكريم وهو في سن السابعة، ثم التحق بمدرسة الهداية الخليفية بالمحرق، وعمل بالغوص ثم الطواشة، ونظم العديد من القصائد ثم انقطع عن قول الشعر لأسباب خاصة به، توفي عليه رحمة الله العام 1968 بالحد. عمل في البحر وكان طواشاً ماهراً ونوخذة فذاً كأجداده وأعمامه. وسجل له التاريخ أنه أول من اكتشف الفرق بين اللؤلؤ الصناعي والطبيعي في البحرين. واشتهر دون أنداده في الحد بالمعرفة والثقافة العالية في كافة المجالات وفي أدب الغوص والتعليم والشعر، مما مكنه من نظم الشعر. فكان ماهراً في نظم الشعر النبطي الذي اتسم بالمشاعر الإنسانية والأخوية والعاطفية الرفيعة، كشفت عن معدن روحه المفعمة بروح الانتماء للدين والوطن، واعتزازه بأهله وعشيرته. ومن مدينة الحد انطلقت إبداعات عبدالله بن خميس الشروقي ولامست شغاف القلوب عبر قصائده المفعمة بالحب والمودة والاعتزاز بالعلاقات الاجتماعية، التي ربطته بكثير من الأصحاب من مناطق البحرين وخارجها. ومن خلال الحركة النشطة التي كان يقوم بها في المجتمع في خدمة الناس وتعليم أبنائهم، وروح المعرفة التي انعكست في علاقته بخدمة بلده وأهله، اختاره صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء عضواً في مجلس المعارف الذي أعاد تشكيله 13 يناير 1957، والذي كان يضم كلاً من الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيساً، والأعضاء؛ الشيخ عطية الله بن عبد الرحمن آل خليفة، حمد جاسم كانو، راشد عبدالرحمن الرياني، صادق محمد البحارنة، محمد يوسف جلال، الشيخ خالد بن حمد آل خليفة، والحاج عبد الله بن خميس الشروقي، الأمر الذي يؤكد المكانة الكبيرة التي كان يحظى بها، والاحترام والتقدير الذي كان يلقاه من الحاكمين آنذاك. بروز ملفت لشخصيته ظهرت شخصية الشاعر عبدالله بن خميس الشروقي بشكل أكثر بروزاً في منتصف الخمسينات بعطائه الوطني والأدبي والتعليمي. كل ذلك شكّل شخصيته الوطنية، حتى تم اختياره عضواً في هيئة الاتحاد الوطني رقم (63). ومرة أخرى عُين في بلدية المحرق من قبل صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة. كما تم تعيينه من قبل الدولة في منطقة الحد لصرف جوازات السفر للمواطنين. والشاهد في بروز هذه الشخصية الوطنية أنها كانت قريبةً من المواطنين. حيث كان الشاعر عبدالله بن خميس الشروقي يتلمس همومهم ويقف على طلباتهم وقد خرج من صلب الشعب، وجيهاً في مدينة الحد يرجع إليه أهل المنطقة لحل المشاكل التي تنشب بين أفراد المجتمع والتوفيق بينهم. تزوج الشروقي وأنجب خمسة أبناء يعملون في مجال التعليم. وقد لعبوا دوراً مهماً في سلك العمل التعليمي. توفي ودفن في مدينة الحد بعد حياة حافلة بالعطاء المعرفي والفكري والاجتماعي. ومازال أهل مدينة الحد وتلامذته في البحرين عامة يتحدثون عن علمه وفكره وكرمه وطيبته وأخلاقه وشعره وسيرته العطرة. مكانته ونماذج من شعره الشِّعرُ هو فنُّ العرب الأول بلا منازع وهو أكثر فنون القول هيمنة في تاريخ العرب الأوائل. كان الشعر يمثل لهم كثيراً في الحياة وفي علاقاتهم مع بعضهم البعض، وفي علاقاتهم بالحُكام وكبار القوم في مجتمعاتهم، وفي التعبير عن ما تجيش بهم دواخلهم من مشاعر عاطفية واجتماعية..إلخ. والشعر النبطي فن عريق لصيق بهذه الأمة منذ القدم، هو شعر الروح والبوح المعبّر عن اللوعة والحنين والصفاء. ولقد وظف شعراء النبط عناصر اللغة التي تتمثل في الأصوات والمفردات المختلفة لخدمة المعاني التي عكفوا على إبرازها في صورة مقبولة نقية غير متكلفة تعزف على أوتار النفس وتهمس في الآذان بأعذب الألحان فتوغل فينا بما تحمله من لوعة فراق أو زفرة وجد أو لحظة صدق. إن الشعر النبطي عربي النشأة، ويمتد الشعر النبطي من (الزمن الهلالي) بني هلال في قلب الجزيرة العربية، ومعنى كلمة (نبط) في اللغة العربية أي ظهر بعد إخفاء، والشعر النبطي فيه الظهور بعد الخفاء يقال “حفر الأرض حتى نبط الماء..وجَدَّ في التنقيب حتى نبط المعدن”، وتسمية الشعر النبطي اختلفت فيها الآراء منها ما يقول إن تسمية الشعر النبطي بهذا الاسم ترجع للأنباط وهم جيل قدم من بلاد فارس وسكن العراقين، ورأي آخر يقول إن أول من قال الشعر النبطي هم (النبطه) من سبيع القبيلة العربية المشهورة. والشاعر عبدالله بن خميس الشروقي أبدع في نظم الشعر النبطي واشتهر بعباراته الجزلة ومقاصده الجميلة التي لا تخرج بأي حال من الأحوال من قيم وأصالة أهل البحرين وما تعتقد به أسرته من أدب ذي صلة وثيقة بديننا الإسلامي الحنيف. ويلاحظ القارئ ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في ختام كل قصيدة من قصائده ما يعني أنه تشرّب روح الدين في نفسه وشعره وحياته ورسالته التعليمية التي جند لها نفسه حتى تبوأ المكانة الرفيعة في العمل الوطني من جانب وحمل رسالة التعليم من جانب آخر. ونبدأ من هنا تقديم نماذج شعرية وهي تحكي عن نفسها وعن مضامينها..وفي قصيدته الزائعة الصيت (باح العزا) يترجم فيها مشاعره العاطفية وأحاسيسه المرهفة يقول في بعض أبياتها: باح العزا وتقطعت منك الأساب يا قلب باللي بالهواجيس طريب أهويت لك ريم من الناس هياب كما هيبة الجني على شوفة الذيب لا واعذابي من تباريح الاحباب عزي لمن قلبه غدت به او اهيب كله سبب ظبي رماني بنشاب تحت النحر بين الحنيجير والجيب وهي قصيدة طويلة تحكي عن حال الصبابة والهوى في ذلك الزمان وقصص الحب العفيف والمشاعر الجياشة بكل ما هو جميل، وحتى يصل للختام ولا ينسى أن يذكر الله ويثني عليه، ثم يسلم على الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم كعادته في كل قصائده. وفي الأبيات المقبلة يذكر سُور القرآن الكريم في معرض توسله لله سبحانه وتعالى من خلال سورة (طه) و(الأحزاب) و(الطور) و(الفرقان).. ويقول: يا الله أنا دخلك بـ (طه) و(الأحزاب) و(الطُور) و(الفُرقان) يا عالم الغيب تجمع بشملي مع حبيب اللذي ذاب فيه الحشا لو عذلتني الأصاحيب سلام عد من صاح ذيب بالمرقاب أو عد ما هوّد على الصوت طريب ريحه شمطري مع خنينات الأرباب ما غنت الورقا في رؤوس المراقيب وصلوا على سيد الحضر ثم الأعراب محمد اللي خصه الله بالطيب وهذه القصيدة نظمها الشاعر عبدالله بن خميس الشروقي في عهد الشيخ أحمد بن الشيخ حمد آل خليفة، ولم تُعرف المناسبة والأجواء المحيطة بها. يقول اليّ تمثل بالبنايا من القافات حلوات الجنايا تماثيل تسرّ السّامعين الى عدّت عليهم بالقرايا طرا للقلب طاري واعتنابه هواجيس على قلبي بلايا فتحت امن الحشا باب عميج وعد منه موراد الظمايا أصوغ الجيل من قلبي وعندي نحيف الحال يقظي كل حايا بديت أبمدح من نافت اعلومه يسما بين الحضر ويّا البدايا عريب الجد جد له من جديم عَلامات علي روس البرايا حميد من نسل شيخ حميد ظخيم المجد محمود السجايا نجل فرز علينا عم فضله ومنه الجود ملبسنا كسايا مساجلاته ومطارحاته الشعرية لشُعراء البحرين في ذلك الزمان دائماً مواقف جميلة ومساجلات ومطارحات شعرية تعكس وهج النفوس الشاعرية في تعاملها مع الخلافات الصغيرة التي تنشب بين الأخوة في لحظات السمر واللعب، ومنها ما يؤرخ به لأحداث جسام، ومنها ما يظل حياً في ذاكرة الناس لعقود بل لقرون من الزمان، خصوصاً إذا وجدت نصيبها من التوثيق الحي. وفي هذه السانحة نقدم نموذجاً من المطارحات الشعرية التي كانت تدور بين الشعراء. وهذه المطارحة التي نصدد بصددها لها قصة معروفة لذلك الجيل دارت بين الشاعر عبدالله بن خميس الشروقي، والشاعر عبدالسلام بن محمّد بن محمود وذلك في ذي القعدة سنة 1351. في إحدى المناسبات الاجتماعية وكانت مناسبة عرس في منطقة الحد، وقد تسبب “راس خروف” في مشكلة بين الأخوين الكريمين. بدأت المطارحة بقصيدة قالها محمد بن محمود صوّر من خلال أبياتها ما حدث بين الأخوين الكريمين. رأس الخروف..!! يا ضجة هيجت كماً وأحزانا وأضرمت في صميم القلب نيرانا أسبابها رأس خاروف غدا مثلاً بين البرية من إنس ومن جانا تخاصما فيه أشخاص غطارف على اللسان وتم الرأس عريانا تماتا فيه بالأيدي على حمق من شدة السمت عيسى قام زعلانا يا شؤم ذا العرس صارت فيه منية صار الهجالة طيب وريحانا عبدالسلام وعبدالله كلهم كل له ملحظ عندي وميزانا تناشد والشعر في هجووف لغز أخاف من شعرهم يقضي لهجرانا الكل منهم بليغ فلي مقالته كل له في معاني الشعر أفنانا ما أقول لأصحاب جماجمة قلوبهم وارية والكل غضبانا كفو عن السب والتشتير إنكموا إخوان صدق وأصحاب وخلانا لا بارك الله في رأس يجر أذى بين الأحبة خلى القلب تعبانا أرجوكموا أيها الإخوان تصطلحوا وتتركوا قول نمام وشيطانا وتسمعوا قول من أبدى نصيحته يبقى رضا الله في سر وعلانا يهديكم الله ثم يصلم سريرتكم بحرمة المصطفى من نسل عدنانا ولم تنته المناسبة حتى كتب الشاعر عبدالله بن خميس الشروقي رده على قصيدة صديقه نفى في أبياتها ما ذكره محمد بن محمود مُقللاً مما حدث بين رفقاء الصبا.. ونقدم في هذه المقالة جزءاً منها ونترك النص كاملاً في الكتاب الذي نعمل على إصداره قريباً: لا ضجة هيجت هماً وأحزاناً وحق ربك ذاك القول ما كانا وإنما قول واشٍ قد أتار به رفقاً فديتك لا تسفي بآذانا ما صار سفاً ولا سمتاً ولا حمق ولا نزاعاً وقام الكل قنعانا لا قام عيسى ولا موسى ولا أحد وكل منا لطيب العيش طربانا حتى انفض بعد الأكل مجلسنا قمنا نعدد أصنافاً وألوانا وما شعرت وإلا بالهجاء أتى يقول فيه قتيل الجوع آذانا من سبيل إلى سمحان هفوتنا أمهل إلى مبدأ الزلات غفرانا هات النزاع فما للهجو عائدة ولا إلى معزل لا بطال ميدانا لابد للسفن من موج يُعنفها واطرأ لابده من قول خطيانا يا بن محمود يا نسل الكرام ويا يمدى به دانيا في الجود ركبانا النفس لا ترتضي ذلاً ولا يخامرها الموت أحلى لها من قول خذلانا صلو على أحمد المختار سيدنا بأحمد الهاشمي من نسل عدنانا المساجلة بين الشاعرين كشفت عن الروح الشعرية الإبداعية، وعن أدب الحوار والتخاصم بين جيل ذلك العهد. وقد أظهرت أيضاً هذه المطارحة الشعرية قوة الملاحظة والخيال الشعري الواسع الامتداد. وأكدت في الوقت نفسه عمق الترابط الأخوي والاجتماعي الذي يفيض بالمحبة وعدم نسيان المعروف بين الطرفين. ومن أجمل ما ظهر في هذه الأبيات الشعرية الجميلة الإضاءات الكبيرة والمشرقة من الحكم والأقوال المأثورة في بيت الشاعر عبدالله بن خميس الشروقي في قوله: لابد للسفن من موج يُعنفها واطرأ لابده من قول خطيانا والشاعر كأنه يوجه رسالته لبني الإنسان بأن يتعلم من قساوة الأقدار وعليه أن يستفيد من كل المواقف الصعبة التي يمر بها في حياته. وعلى النسق نفسه يقول الشروقي في هذه المسجلة الجميلة: النفس لا ترتضي ذلاً ولا يخامرها الموت أحلى لها من قول خذلانا محمد بن محمود يشكر الشروقي وهذه القصيدة كتبها محمد بن محمود راداً على عبدالله بن خميس الشروقي شاكراً له ما قاله في شعره، ويلاحظ القارئ الكريم مستوى المخاطبة وما فيها من أدب رفيع كان هو السمة البارزة لذلك الجيل الذين كانت تظللهم العلاقات القوية وأواصر المحبة والتواصل الاجتماعي المستمر الذي لا ينقطع. أهلا وسهلاً بقول شافي جانا يا مرحبا به عدد ما هلت امزانا وُعد ما ناح قمري على غصن من الغرام حداه الشوق ملجانا جاء الكتاب وخلا القلب منشرحا من السرور قرير العين فرحانا صغت القوافي بمعنى فائقاً حسنا مُسلسل مُعرب ما فيه ألحانا فذاك من قوة مع زود معرفة عندي دليل قوي فيه برهانا ذكرت لا ضجة صارت بمجمعة بحق ربي وإن القول ما كانا صدقت يا ماجد فيما نطقت به لا شك لا ريب فيما قلته الآنا استغفر الله عما كان من زللٍ ما جرى من خطا مني ونسيانا تقول هل من سبيل إلى سمحان هفوتنا أم هل إلى مبدأ الزلات غفرانا ما صار عندي معلوم خطائكموا لا والذي علم الإنسان قرآنا أفعالكم عند كل الناس ظاهرة كالشمس واضحة ما فيه نكرانا عقل وحلمُ وآداب ومعرفة ومبسم ضاحك يزهي وإنسانا وعفة في شباب صنتها كرما أعطا لها الله رب العرش رحمانا محبتي فيك عبدالله خالصة ولا أريد بها فخراً ولا شانا سبقتني فجعلت الشكر واسطة يا ابو خميس فهذا منك إحسانا فاسلم ودم يا عديل الروح في رغد ما دمت حياً معا أهل وإخوانا بحرمة المصطفى يا رب تحفظه من كل سوء وتعمي كل شيطانا وتتواصل المساجلات الشعرية والأدبية لشاعرنا عبدالله بن خميس الشروقي مع أنداده وأصحابه. وقد ذكرنا من قبل بأن هذه المطارحات تعطي القارئ الكريم صورة للمجتمع البحريني آنذاك من زاوية العلاقات التي تربط بين الشباب من جانب، وبين الأصحاب في المنطقة الواحدة واهتماماتهم الثقافية وارتباطها بتراثهم العربي الأصيل. وفي هذا الجانب نجد ثمة تأكيد على عمق العلاقات التي كانت تربط الشاعر عبدالله بن خميس الشروقي والآخرين وما فيها مودة وأخوة صادقة عبرت عنها هذه الكلمات الجميلة والرائعة. هذه القصيدة يعبر فيها الشاعر مبارك بن مسعود عن سويداء نفسه ومحبته للشاعر عبدالله بن خميس وكعادة العرب قديماً يبدؤون القصية الشعرية بالغزل والتعبير عن الأشواق والوله لمن يحب. قصيدة الشاعر مبارك بن مسعود وهي طويلة لكن نقتطف منها هذا الجزء: غريم الشوق ما يسمع ملامها ولون الحب سوا به علامه بلاني حبه واشقا صبري وخلا الدمع يجري بانسجامه عطيب القلب مصيوب جريح أجاوب كلما ناحت حمامه تراني من عناه صرت بالي ونفسي جفاه صارت مستهامه عساه يرحم المتلوف يوحٍ ويروف الحال من زايد غرامه سباني بالمحاسن والسجايا ولفضٍ مثل در في نضامه رشيق القد معسول الشفايا نحيل الخصر من فوقه احزامه قال عبدالله عليه سلام الله ما ناحت حمامة اخص به الشروقي ما احيد عن الخرّيب من فاق ابنظامه عشيري بن خميس الماجد الي هو اجزل الثنا واغلا مساحه الا يا محوّر السّحر الحلال ويا قطب الحجا ما بك غشامه وصلى خالجي ما ناح طير او ما كبرّ بمحراب اطامه على أحمد خاتم الرسل الكرام بذكر الشوق روّقت المدامه ويرد عليه عبدالله بن خميس الشروقي بقصيدة طويلة يمدح فيها صاحبه ويصفه بكل الأوصاف الجميلة ويعدد سجاياه. ويذكر فيها كرمه وجوده وصفاء نفسه، وكتب هذه القصيدة الطويلة في 28 ذي الحجمة 1354. يقول اليّ فصيح في كلامه يرد القاف لي جاله شمامه الى من طاب له في الحال شوق غدا للجيل من صدره حطامه يدب امن الحشا قبل التهامي الى فك الصد رباب التهامه واعاين من اخيار الجيل وانقا تماثيل اصاوغها تمامه الا يا راكبٍ من فوق عرمس سلوك السّير تشد للنعامه وسيع زورها والعنق نايف كبير راسها مثل سنامه جسيم ذيلها جذر الفخوذ ردوم حايل خمسة اعوامه صبور في المساري والاوعار جلود في الفيافي والمهامه عزومٍ ان عنت ما هيب واني تسا بق ظلها تبقى اجدامه الى من صاح راكبها يغني حدها الشوق واعجبها كلامه لفاك الجيل يا امبارك وانا لك خلي الحاجات وافٍ بالذمامه ولا تحسب سفهت الرّد عنك تشوف القول طوّل بالاقامه ولا حار الحشا قافٍ عيا ني ولا بنيان بيت وانهدامه ولا كن لدّ ني امر سليم ومثلك عارفٍ ما يد غشامه عساك ابنعمة قلول الزمان وسعد الخير يبرا لك مدامه ولا لدّك عن المقصود طائف ولا ضدّك زمان بالهظامه سلام من نديم ما يحول ودودٍ ما سمع قول النمامه وختم الجيل مني بالصلاة على اليّ شافع يوم القيامه عدد ما ناح رعبيّ الحمام وما هبّت ذعا ذيع الولامه او عد ما قال من جاب المقال بقول اليّ فصيح في كلامه ومن جانبه يكتب الشاعر اعمير بن راشد آل عفيشه عبدالله بن خميس الشروقي يرسل من خلالها سلامه وتحياته ويقول فيها: من لصبعه دنّيت نظو طفوقي سوّاج يظوي نازح الدّر ممشاه برسالة صوب النديم الشروقي فيه السلام التّام له حين يقراه تقل له لك ارسلنا ادقاق العنوقي والردّوس مرسومه ونبغي لمجازه يكفي وانا لرّد منّك شفوقي اشفقت من المشفي الى غالي جاه فيرد عليه الشاعر عبدالله بن خميس الشروقي بقصيدة مفعمة بالمشاعر الإنسانية الرقيقة، وهي أيضاً طويلة الأبيات جميلة المعنى. وسيجد القارئ الكريم كل القصائد هذه في السفر المرتقب: اهلاً وسهلاً عدّ نوض البروقي أو عدّ ما شاق الفتا ساجع اغناه أو عدّ طاهل السّحب بالودوقي واحيا رياض الظاميه في هماماه او يا راكب من فوق صلب العروقي جكل الظليم إلى هذك زان مشاه نحف المذارع دارب في الطروقي اعجل من الكدري إلى شاف منواه ما مسامه السّوّام في وصط سوقي او ما يوم الكدد عدّل رشاياه امقفّل نديبي بالعجل صبات الشروقي برسالة تبلغ نديمي وتنصاه الصاحب اليّ ما يلحقه لحوقي في المرجله والجود صارت سجاياه ويا عمير قص منه السبوقي وعزّا لمن هو قلبه اليوم خلاه هيّظتني بالجيل والجيل عوفي تبقون كشف السّد من غير ماواه الحال مظهودٍ دولا به ارفوقي إلى طاح منهم طايح وصله ارشاه محدٍ يبر عوقي ولا احد شفوقي يثني الي طوّحت ون المشاكاه مساجلاته الشعرية ذات الطابع الاجتماعي للشاعر الشروقي العديد من المساجلات ذات الطابع الاجتماعي التي تعبر عن حبه للناس ولأصحابه ورفقاء دربه في التعليم أو في المنطقة. وهناك العديد من المساجلات لكن للأسف لم توثق للشاعر. وإليك عزيزي القارئ هذه المساجلة التي جرت بين الشاعر المرحوم مبارك المسعود والشاعر المرحوم عبدالله بن خميس الشروقي، تعكس بجلاء شديد الروح الطيبة التي كانت تظلل منطقة الحد خاصة والبحرين عامةً. قال مبارك المسعود: يذكر الشوق ووقت المدامة وغنتني بذكراه الحمامه وقادتني له الناس البلوع على قطع التنايف والمهامه عنود عادني به مستهام زريف اهيف حلو كلامه حسين الطول عطبول عليه الوصف من عزلان رامه رماني في سويداء الفؤاد بلحظ العين وارخى له لثامه ويوقل القتل للعاشق حلاله ومن حل الحمى يلقا حرامه وبكيت وقلت يا شادن رعاك الله يا ريم العدامه وفي ختام هذه السياحة مع الشاعر والأديب عبدالله بن خميس الشروقي يمكننا القول؛ إن شاعرنا كان له الفضل الكبير في تصوير حال المجتمع البحريني في ذلك الوقت والعلاقات القوية والحميمة بين أفراده، وأواصر القربى والتمدد الاجتماعي وتأثيره على اللغة الشعرية. كذلك يؤكد الشروقي في أبياته التي تجولنا فيها أن الشعر النبطي كان هو المعبر عن وجدان الناس وهو المترجم الحقيقي لانفعالاتهم وبالتالي له دوره الكبير في تشكيل شخصية الفرد. ونبشر الإخوة القراء محبي الشعر عامة والشعر النبطي خصوصاً؛ أن الكتاب المزمع صدوره قريباً سيكون في متناول اليد. ونرجو أن يكون شاملاً؛ فهناك عديد من القصائد الشعرية التي فقدتها أسرته وتشتت بين أصحابه الذين نرجو منهم أن يعيدوها لنشرها وتوثيقها.