تتناول الباحثة والمحللة السياسية كيتلين تالماج في كتابها “وقت الإغلاق .. التهديد الإيراني لمضيق هرمز” المخاوف العالمية من أقدام إيران على إغلاق المضيق، وتستعرض مجموعة من التساؤلات عن إمكانية إيران إغلاق المضيق ودوافع إيران إلى اتخاذ إجراء مناقض لمصالحها الاقتصادية ومدى إمكانية إيران العسكرية اللازمة لشن حملة عسكرية في المضيق إضافة إلى الشكل الذي ستأخذه هذه الحملة. وتحاول الباحثة في كتابها الصادر عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في أبوظبي، تقديم تفسيرات حول ما الذي يتعين على القوات العسكرية الأمريكية فعله للدفاع عن المضيق في حال تدخل الإيرانيين والتكاليف التي قد تتكبدها الولايات المتحدة وطول الفترة المتوقعة وحصيلة الجهود. “الوطن” تعرض في سلسلة حلقات دراسة الباحثة كيتلين تالماج والتي تشمل 5 محاور، يتضمن الأول لمحة عن جغرافية المضيق والطرق والكيفية التي يمكن إيران أن تستفيد منها في شن حملة ساحلية متكاملة، باستخدام الألغام، وصواريخ كروز المضادة للسفن، والدفاعات الأرضية المضادة للطيران. وتشتمل المحاور الثلاثة التي تلي ذلك تحليلاً لكل من هذه المكونات في حملة إيرانية محتملة، ولردود أمريكية ممكنة عليها. ويتم التركيز على القدرات الحالية، علماً أن الدراسة توضح كيف أن التغيرات المستقبلية المعقولة ستسهم في تغيير التحليل. وسيناقش المحور الأخير – وهو الاستنتاجات – انعكاسات السياسات الأمريكية تجاه إيران وبنية القوة الأمريكية، بشكل أعم”. في الحلقة السادسة من الكتاب تتحدث الباحثة عن التدابير الدفاعية ضد صواريخ كروز المضادة للسفن في البحر، إضافة إلى القدرات الدفاعية الإيرانية. التدابير الدفاعية ضد صواريخ كروز تقول الباحثة كيتلين تالماج إن “الولايات المتحدة ولو اعتقدت أنها قد دمرت معظم قدرات إيران، سترغب في المحافظة على تدابير دفاعية ضد أي عمليات إطلاق متبقية. ويشمل مفهوم العمليات الدفاعية في المضيق مدمرات وطرادات من طراز “إيجيس” تحمي السفن والطائرات المضادة للألغام وأي سفن تجارية. وتوفر أجهزة الاستشعار والإمكانات الدفاعية في السفن الحربية حلقات دفاعية، ويمكن لهذه المنصات غير المحمية نسبياً الأخرى أن تعمل بمخاطر محدودة”. وتضيف الباحثة “تعد منظومة أسلحة “ايجيس” محور القدرات الدفاعية للولايات المتحدة الأمريكية، وهي تمكّن الطرادات والمدمرات من التتبع والرد على مصادر تهديد عدة في أوساط متعددة في آنٍ واحد. ويعد حاجز “إيجيس” الخارجي دفاعاً صاروخياً باستخدام الجيل الثاني من بالصواريخ القياسية الأمريكية المعروفة باسم SM-2، وتستطيع هذه الصواريخ اعتراض صواريخ “كروز” القادمة ذات الارتفاع المنخفض مباشرة. وتستطيع طرادات “إيجيس” أن تحمل ما يقرب من 122 صاروخاً من نوع SM-2 والمدمرات ما يقرب من 90 صاروخاً، علماً أن الحمولة العادية هي ما بين 40 و50 صاروخاً، مع الاحتفاظ بالتجاويف الأخرى لصواريخ توماهوك والصواريخ الحربية المضادة للغواصات. ولا يمكن تغيير هذه الحمولات في البحر. وبالاعتماد على عدد الصواريخ التي تطلقها إيران، وعدد المجموعات البحرية الأمريكية المنتشرة فوق مياه الخليج عند اندلاع الحرب، وفلسفة إطلاق النار الأمريكية، تستطيع ممرات وطرادات من طراز “إيجيس” تفريغ مخازنها قبل انتهاء الصراع. وتستغرق إعادة تعبئة هذه المخازن في المواني 2-3 أيام، وهذا يعني أن الولايات المتحدة المريكية قد ترغب في توفير مجموعات سطحية عدة في مسرح العمليات، لتغطية أي ثغرات دفاعية في أثناء عملية إعادة التحميل. وتوضح الباحثة “إذا تبين أن الدفاع الصاروخي غير فعال فعندئذٍ يتعين على سفن “إيجيس” أن تعتمد على تدابير أخرى، بدءاً بالتعطيل الإلكتروني للقدرات التوجيهية للصواريخ القادمة، أضف إلى ذلك أن سفن “إيجيس” تحمل منظومة أسلحة قريبة المدى تعرف باسم Mk 15 Phalanx، والمنظومة مكون من مدفع يستطيع وقف أي صاروخ قادم بوضع جدار هائل من الرصاص في الجو بمعدل آلاف عدة من الطلقات في الدقيقة، وإذا أخفق ذلك فبإمكان سفن “إيجيس” نشر موجات من الأشعة ما تحت الحمراء، ومن القش أو التبن، لتضليل الصاروخ عند وصوله قرب السفينة. وباختصار فإن القدرات الدفاعية الأمريكية ضد صواريخ كروز المضادة للسفن تعد متينة، غير أنها ربما لا تكون مثالية، ولا سيما في المسافات القريبة، أو إذا قرر الإيرانيون توسيع الجزء الأكبر من ترسانتهم الصاروخية. وفي هذه المرحلة أيضاً، افترض التحليل في هذه الفقرة وفي الفقرة السابقة أن الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك تفوقاً جوياً. وتخفف الفقرة الآتية من هذا الافتراض، وتبحث في القدرات الدفاعية الجوية الإيرانية وما يمكن أن تحتاج إليه الولايات المتحدة لكبحها”. الدفاع الجوي في أجواء إيران ترى الباحثة أن “الوسائل الأشد فاعلية وقدرة على البقاء، للدفاع عن الأجواء الإيرانية هي منظومات الدفاع الجوي الأرضية. وبعد مراجعة سريعة لقدرات “جو- جو” الإيرانية، تناقش هذه الفقرة الدفاعات الأرضية بعمق أكبر، وتختم بتحليل أسلوب الولايات المتحدة الأمريكية في تحقيق التفوق الجوي، في حال نشوب صراع في مضيق هرمز”. قدرات «جو- جو» الإيرانية تضيف الباحثة “إن قدرة إيران على الدفاع عن أجوائها بالطائرات المقاتلة محدودة، وتملك إيران مزيجاً من طائرات الهجوم المقاتلة العاملة، منها 24 طائرة ميج 29 السوفيتية الصنع، و25 طائرة أف 14، و24 طائرة صينية مقاتلة من طراز إف7 إم، ولا تتوافر القطع اللازمة وصواريخ “جو- جو” إلا لهذه الطائرات الأخيرة، غير أنه ما من طائرة لدى إيران يمكنها منافسة الطائرات التابعة للقوات الجوية والبحرية الأمريكية”. وتشير إلى أن “المشكلة الكبرى لدى إيران هي أنه على الرغم من امتلاكها بعض الطائرات الخطيرة، فإن طياريها لا يتلقون التدريب اللازم لاستخدام تلك الطائرات بفاعلية. ومن المحتمل أن تكون الولايات المتحدة قادرة على إزالة التهديد الممثل بالطائرات الاعتراضية الإيرانية بضربات من المقاتلات الهجومية في وقت مبكر من المعركة. وفي كل الأحوال، تفتقر إيران إلى القدرة على صيانة الطائرات، للمحافظة على الاستمرار في استخدامها في القتال خلال حرب طويلة”. وتضيف “إن هذا لا يعني أبداً أن بإمكان إيران إطلاق طيرانها في الجو، فمن المؤكد أنها ستنسج قصصاً عن اليوم الأول من الحرب ضد الطيران الأمريكي الذي ينفذ أي مهمة من المهمات المذكورة سابقاً، ويمكنها أيضاً، استعمال طائراتها الاعتراضية أو القاذفات المقاتلة لمهاجمة السفن والمروحيات الأمريكية المشاركة في عمليات إزالة الألغام. وتتساءل الباحثة “ما مدى سرعة الولايات المتحدة في تدمير الطائرات الإيرانية التي تقوم بالطيران؟ والأهم من ذلك ما سرعتها في إقناع الإيرانيين بعدم جدوى القيام بمزيد من الضربات؟ توصل العراقيون عام 1991م، إلى هذه النتيجة بعد أسبوع تقريباً من القتال، وكلفهم ذلك 33 طائرة ذات أجنحة ثابتة، و5 مروحيات. وإذا أخذنا في الحسبان أن القوات الجوية العراقية كانت أفضل في شكلها من حيث المبدأ، فإن هذا التقويم المقارن يبدو متحفظاً، إزاء يتعلق بالقتال ضد إيران”. قدرات الدفاع الجوي الأرضية تقول الباحثة “لعل قدرات الدفاع الجوي الأرضية تمثل تهديداً أكثر ديمومة. فقد خصصت إيران موارد ضخمة لقدرات الدفاع الجوي الأرضية وأولتها اهتماماً كبيراً، فمن أصل القوة الجوية البالغ تعدادها 52.000 رجل، تخصص إيران ما بين 12.000 و15.000 لهذه المهمة. وقد سعت في السنوات الأخيرة لشراء منظومات صواريخ أرض جو إضافية؛ مثل: SA-6 Gainful و SA-10 Grumble، ولكن ليست هناك تقارير مؤكدة عن تسلمها. ويذكر الروس على سبيل المثال، من آنٍ إلى آخر أنه على الرغم من التعاون في مفاعل بوشهر النووي ومشروعات عسكرية أخرى، فإنهم لم يلبوا طلب إيران صواريخ SA-10 عام 1998”. وتضيف “ويبقى محل تساؤل: هل كانت إيران تملك صواريخ SA-6؟ يشير بعض المحللين إلى أن إيران قد يكون لديها ما يزيد على 25 بطارية صواريخ SA-6. لكن حتى الآن لم يظهر ما يدل أن هذا النظام جاهز للتشغيل. وفي هذه الحالة، يبدو غياب الدليل دليلاً على عدم الوجود، فإيران لديها حافز قوي لتحسين ما في حوزتها من صواريخ SA-6. لكن حتى الآن لم يظهر ما يدل أن هذا النظام جاهز للتشغيل. وفي هذه الحالة، يبدو غياب الدليل دليلاً على عدم الوجود، فإيران لديها حافز قوي لتحسين ما في حوزتها من صواريخ SA-6، طريقة لردع الهجوم الجوي. وينبغي لها أن تدرك أن صواريخ SA-6 مثلاً، مثلت تحدياً حقيقياً شكّل عائقاً أمام الولايات المتحدة الأمريكية في كوسوفو عام 1999م. وحقيقة أنه لم يتم إطلاق صواريخ SA-6، في تمرينات عسكرية إيرانية، أو ضد أي من الطائرات دون طيار، التي تطوف المنطقة، يلقي بظلال من الشك على مزاعم أن إيران تملك المنظومة”. وتتابع الباحثة “بالمقابل، ادعت إيران حيازتها حديثاً، منظومة SA-15 Gauntlet الروسية، التي تعرف أيضاً، باسم Tor-M1، وكانت روسيا قد بدأت منذ عام 2007م، بتسليمها ما مجموعه 29 بطارية اشترتها إيران. وتعد صواريخ SA-15، منظومة خاصة بالارتفاعات من المنخفضة إلى المتوسطة، بمدى اشتباك يبلغ 1200 متر في الحد الأقصى. وعلى الرغم من أن منظومة SA-15، تعد من دون شك أحد العناصر الأفضل أداءً في الدفاعات الجوية الإيرانية، فمن غير المتوقع أن تمثل تهديداً حقيقياً للقوات الجوية التي تصنف ضمن الدرجة الأولى؛ كتلك الموجودة في الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل؛ أي التي تستطيع قصف أهداف من خارج مدى ارتفاع تلك المنظومة”. إلى ذلك، تملك إيران أيضاً 150 أو أكثر من بطاريات صواريخ I-HAWK MIM-23B، الموزعة على 16 كتيبة. ولا ينبغي أن نقلل من قيمة صواريخ I-HAWK، فهي تصلح لاستخدامها في العمليات في جميع أحوال الطقس، والارتفاعات التي يمكن أن تصل إلى 20000 متر، إلا أن هذه المنظومة من صنع شركة ريثيون Raytheon الأمريكية، ومن ثم فمن غير المحتمل أن تكون إيران قد حصلت على قطع غيار كافية للمنظومة منذ الثورة الإسلامية عام 1979. أضف إلى ذلك أن الولايات المتحدة وإسرائيل قد استخدمتا هذه المنظومة، ولذلك يرجح أن خصوم غيران الرئيسيين على علم بهذه المنظومة، ومن المتوقع أنهم قد صمموا تدابير مضادة ملائمة”. وتؤكد الباحثة أن “المنظومات الصاروخية أرض جو الإيرانية الأخرى تعد قديمة الطُرُز، وضعيفة أمام النظم الإلكترونية المضادة. لكن إلى جانب العيوب في منظومات معينة ثمة نقطتا ضعف كبريان في الدفاعات الجوية الإيرانية، أولاهما، أن عدد البطاريات وحده لا يعد مما يلفت النظر، إذا أخذنا في الحسبان مساحة إيران وعدد المواقع التي من المفترض أن إيران تريد الدفاع عنها، فإيران أكبر بقليل من ألاسكا، حيث تغطي مساحة 1.6 مليون كيلومتر مربع. وثمة طريق أخرى للتفكير في ذلك، وهي أن إيران أكبر بـ 18 مرة من سيبيريا، وأكبر من العراق بـ 3 مرات، وأكبر من أفغانستان بمرتين. وتشمل أراضيها أكثر من اثنتي عشرة مدينة رئيسية، وستة مواقع نووية مهمة، وحدوداً برية بطول 5440 كيلومتراً محاذية لجوار ينزع نحو العسكرة، وخطاً ساحلياً بطول 2440 كيلومتراً في مواجهة الأساطيل الأمريكية ودول عربية سُنية”. وتشير التقارير إلى أن “صواريخ إيران من طراز SA-5، تغطي موانيها الرئيسية ومنشآتها النفطية وطهران، بينما تغطي صواريخها من طراز SA-2، المدن والقواعد الرئيسية، بما فيها المناطق الساحلية لبندر عباس، وجزيرة خرج، وبندر خميني. وتشير التقارير أيضاً، إلى أن إيران قد ركزت بعض أفضل دفاعاتها الأرضية المضادة للطيران حول المواقع النووية الرئيسية في نطنز وأصفهان. ومهما يكن شكل دفاعات إيران، فمن المحتمل أن تكون موزعة، الأمر الذي يعني أنه يتعين عليها أن تدافع عن مساحة أكبر كثيراً مما يجب على الولايات المتحدة استهدافه. وتضيف الباحثة “قد تكون الدفاعات الجوية الإيرانية أقل من مجموع أجزائها، إذ إن امتلاك المعدات اللازمة للدفاع عن نقطة معينة شيء، والبنية التحتية للمراقبة والاتصالات لربط مختلف العقد في نظام دفاعي جوي متكامل شيء آخر، وقد تكون هذه المشكلة حادة في حالة إيران، نظراً إلى اختلاط النظم المصنوعة خارجياً وغير المصممة لعمل معاً. وفي هذا الصدد، يقول أنتوني كوردزمان: إن إيران “تفتقر أيضاً إلى تغطية من رادارات الارتفاعات المنخفضة، وشبكة رادارات شاملة، وإمكانيات القيادة والسيطرة، وأجهزة مقاومة التشويش، والترتيبات المضادة الإلكترونية، والقدرة على التنسيق بين النظم الضرورية؛ لتكوين شبكة دفاع جوي فعالة... إن إيران تفتقر إلى نظم إدارة المعركة، كما أن وصلات بياناتها ليست سريعة بدرجة كافية، لأن تسمح لها بالاستفادة القصوى من التغطية المتداخلة لبعض نظمها الصاروخية”. الباحثة كيتلين تالماج في سطور مؤلفة الدراسة كيتلين تالماج تحضر لنيل درجة الدكتوراة في العلوم السياسية من معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، وتشغل فيه عضوية برنامج الدراسات الأمنية وخلال العام الأكاديمي 2007-2008م كانت زميلاً في معهد جون إم أولين للدراسات الاستراتيجية بجامعة هارفارد. مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية أنشئ مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في أبوظبي بتاريخ 14 مارس 1994م، كمؤسسة بحثية مستقلة تعنى بدراسة القضايا الاستراتيجية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعلوماتية، التي تهم دولة الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الخليج العربي خصوصاً والعالم العربي عموماً، ومتابعة أهم المستجدات الإقليمية والدولية. وفي إطار التفاعل الثقافي والتعاون العلمي، يصدر المركز سلسلة دراسات عالمية التي تعنى بترجمة أهم الدراسات والبحوث الأجنبية، وتلك التي تنشر في دوريات عالمية مرموقة، وتتصل موضوعاتها باهتمامات المركز العلمية. ويرحب المركز بتلقي البحوث والدراسات المترجمة، وفق قواعد النشر الخاصة بالسلسلة. هيئة التحرير: رئيس التحرير محمد خلفان الصوافي - عماد قدورة - هاني سليمان.