لكي تكون إعلامياً لست بحاجة إلى أن يكون لديك مؤسسة ضخمة، ولست بحاجة إلى الحصول على عضوية النقابات الإعلامية، كل ما تحتاجه موبايل مزود بكاميرا لتتابع الحدث، ثم ترفقه إلى المؤسسات الإعلامية الكبرى أو إلى مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي. هذا هو الإعلام الذي يمارسه المواطن، والذي يدشن حقبة جديدة من علاقة وسائل الإعلام مع الجماهير، حيث لم يعد الإعلام يسير في خط واحد من المرسل إلى المستقبل، وأصبح الإعلام التفاعلي الذي يسير في خطوط متعددة (ثنائي ومتعدد الاتجاه) هو السمة الغالبة لإعلامنا الآن. وإعلام المواطن هو ذلك النوع من الإعلام الذي يحرره المواطنون الهواة، الذين تمكنهم الظروف من الوجود قرب الحدث أو في قلب الحدث، والمواطن الإعلامي هنا ليس بذلك القدر من الاحتراف الذي يمكنه من الالتزام بحرفية العمل الإعلامي، وربما ليس بالضرورة على دراية بمواثيق المهنة وتقاليدها، لكن قيمة ما يقدمه من صور وملفات فيديو مصورة قد تفوق ما يقوم المراسل الرسمي بإعداده لمؤسسته الإعلامية، وهنا يأتي دور هذه المؤسسات التي لابد أن تخضع هذه الأخبار للتدقيق والفحص قبل أن تقوم بنشرها أو إذاعتها، حتى لا تتعرض للحرج المهني إذا ما كانت الأخبار والبيانات المرسلة من المواطن الإعلامي غير دقيقة. وقد سارعت وسائل الإعلام (التقليدية) بفتح قنوات اتصال مع النشطاء الإعلاميين من المواطنين لإمدادها بما لديهم من أخبار ومواد معلوماتية هامة، فمعظم القنوات التليفزيونية الإخبارية تخصص بريداً إلكترونياً أو أي آلية أخرى للحصول على الأخبار من المواطنين الإعلاميين حتى لا يفوتها بعض الأخبار الهامة التي قد ينفرد المواطنون بها. فأيٌ من المؤسسات الإعلامية يمكنها أن تتجاهل الصور الأولى التي تم التقاطها للرئيس الليبي الراحل معمر القذافي بعد القبض عليه عبر كاميرات الهواتف النقالة، كما إن كثيراً من المواطنين النشطين إعلامياً مثلوا مصادر هامة في أحداث ما عرف بثورات الربيع العربي، وكان للمدونين المصريين دور كبير في الكشف عن بعض الانتهاكات التي حدثت في بعض أقسام الشرطة، التي كان لها دور كبير في إثارة اهتمام الرأي العام بها. وتخصص قناة العربية خدمة (أنا أرى) الخاصة باستقبال الملفات المصورة من المواطنين، وبدأت الخدمة في فبراير 2011م، بهدف تغطية الأحداث في مصر لعرضها على قناة العربية والعربية نت، وذكرت القناة أن الجمهور المصري أرسل أكثر من 1400 مقطع فيديو عن أحداث مصر خلال اليوم الأول من تدشين الخدمة، فكان هناك فيديو من مدينة العريش يظهر فيه تدمير مبنى أمن الدولة بقذيفة «آر بي جي» ثم مظاهرات كبيرة عقب صلاة الجمعة ضمت 10 آلاف متظاهر رغم أن عدد السكان بالمدينة لا يتجاوز 100 ألف شخص، وبمعدل 100 فيديو لكل ساعة، كما قامت قناة الجزيرة بإنشاء رابط على موقعها الإلكتروني بعنوان (المواطن الصحافي) يقوم بتلقي الصور والملفات المصورة من المشاهدين لمتابعة أحداث الثورة السورية واليمنية وكافة أخبار الثورات والأحداث الأخرى، كما تخصص جريدة الوطن باب (فرجان البحرين) لتغطية الأخبار المرسلة من قبل المواطن الإعلامي، ورغم حاجتها إلى التفعيل إلا أنها تمثل خطوة هامة من الجريدة تقديراً لدور المواطن الإعلامي في التعاطي مع الأحداث