تقرير - علي محمد: تبدو كل الظروف مهيأة أمام مانشستر سيتي لإحراز لقبه الثالث في الدوري الإنجليزي والأول تحت المسمى الجديد «البريمرليغ». على الورق يمتلك «السيتيزنز» التشكيلة الأفضل على الإطلاق من اللاعبين في إنجلترا حيث لم يدخر مالك النادي الشيخ منصور بن زايد آل نهيان مالاً دون أن يبذله في سبيل تحقيق أول بطولة دوري منذ 44 عاماً. وفي حال تمكن السيتي من تحقيق ذلك فسيكون الإنجاز نسخة مكررة من الإنجاز الذي سبقه إليه تشيلسي عام 2005 عندما حقق لقبه الثالث أيضاً بعد غياب طويل استمر لنصف قرن بالتمام والكمال، مستفيداً من الأموال الهائلة التي ضخها الروسي رومان إبراموفيتش مالك النادي والإدارة الفنية الاستثنائية من قبل البرتغالي جوزيه مورينهو مدرب الفريق آنذاك. ويعتبر بلاكبيرن روفرز صاحب الرقم القياسي في إنجلترا من حيث عدد السنوات التي غاب فيها عن تحقيق بطولة الدوري, حيث غاب لـ81 عاماً كاملاً منذ فوزه بالدوري الإنجليزي في مسماه القديم عام 1914 قبل أن يعود ويكرر الإنجاز 1995 تحت المسمى الجديد «البريمرليغ». كما يحفل الدوري الإنجليزي بالعديد من الأرقام المقاربة لرقم الروفرز فأستون فيلا الذي حقق الدوري عام 1910 انتظر 71 عاماً ليعيد الأمر ذاته 1981, الأمر ذاته ينطبق على زعيم إنجلترا مانشستر يونايتد الذي عاش الوضع نفسه خلال فترتين من الزمن, استمر غيابه في الأولى لـ41 عاماً متواصلاً منذ 1911 حتى 1952 عندما أحرز لقبه الثالث حينها بقيادة الأسطورة مات بازبي, أما فترة القحط الثانية التي أصابت الفريق فكانت أخف وطأة إذ لم تدم أكثر 25 عاماً من 1967 حتى 1992 حين كسر السير أليكس فيرغسون النحس وقاد اليونايتد لإضافة الدرع الثامن في خزائن النادي بعد 7 سنوات من قدومه إلى الفريق قادماً من أبردين الأسكتلندي. وفي إسبانيا التي يحتكر الغريمان ريال مدريد وبرشلونة تداول الصدارة فيها قد لا يعلم البعض أن الفريق الملكي نفسه غاب لأكثر من 20 عاماً عن تحقيق البطولة التي يحمل الرقم القياسي فيها حيث فشل في الظفر بالبطولة في الفترة 1934 حتى 1954, أما الغريم الكتالوني فأضاع الطريق المؤدي إلى الليغا 16 عاماً متتالياً منذ 1929 حتى 1945. ولم تكن القوى التقليدية في الليغا في منأى عن الأمر حيث غاب أتلتيك بلباو لـ27 عاماً منذ تحقيقه لبطولة الدوري 1956 قبل أن يتذوق طعم البطولة من جديد في 1983 أما خفافيش فالنسيا فتوارت عن الأنظار طويلاً منذ 1947 حتى 1971 لتغيب بعدها لفترة أطول فاقت الـ31 عاماً قبل أن تظهر مجدداً وتصطاد لقب موسم 2002. وتبدو الأمور في إيطاليا أكثر صعوبة منها في إسبانيا, ويكفي أن نعرف أن الغراندي ميلان فشل في تحقيق الكالتشيو لفترة طويلة تناهز الـ44 عاماً منذ 1907 حتى 1951. أما ذئاب روما فذاقت المر من الكأس ذاته عندما أخفقت في اقتناص البطولة لـ41 عاماً متواصلاً خلال الفترة 1942-1983, وبدورها لم تتمكن السيدة العجوز من معانقة الدرع المفضل لديها قرابة الربع قرن من 1905 إلى 1926. واضطر الإنتر إلى الانتظار لـ17 عاماً حتى يحقق لقب الكالتشيو لأول مرة منذ 1989 حينما قرر الاتحاد الإيطالي سحب لقب عامي 2006 و2007 من اليوفي بسبب تهم تتعلق برشاوى الحكام و اعتبر الإنتر بطلاً لهما بدلاً عنه ولكن الإنتر لم ينتظر طويلاً ليفوز بالبطولة «في الملعب» بعدها مباشرة قبل أن يضرب بقوة قبل موسمين عندما حقق خماسية تاريخية بينها أول لقب دوري أبطال منذ ما يقارب النصف قرن توج بها عملاً جباراً قام به المدرب مورينهو أيضاً وساهم فيه رئيس النادي موراتي بشكل رئيسي عندما انتدب نجوماً كباراً للفريق على غرار الهولندي شنايدر والنجم الكاميروني إيتو. وتعتبر الـ47 عاماً التي تخللت بطولتي كارلشروة في البوندسليغا الفترة الأطول التي احتاجها نادي قبل أن يعود ليكرر الإنجاز ذاته من جديد في تاريخ الدوري الألماني. وحقق كارلشروة النادي الذي أنجب الحارس العملاق أوليفر كان بطولتيه الوحيدتين عامي 1909 و 1956. كما غاب كل من بوروسيا دورتموند بطل ألمانيا الحالي وهامبورغ النادي الوحيد الذي لم يهبط قط إلى الدرجات الدنيا من البطولات قرابة الـ32 عاماً حيث غاب دورتموند في الفترة 1963-1995 أمام هامبورغ فغاب عن تحقيق لقب الدوري منذ 1928 حتى 1979. ومن المفارقات العجيبة في البوندسليغا غياب العملاق البافاري زعيم ألمانيا الأوحد عن تحقيق اللقب لـ37 عاماً كاملاً في الفترة 1932 حتى عام 1969 عندما قدم المدرب الكبير ساكوفيسكي إلى ميونيخ ليصنع منه فريقاً أسطورياً استطاع السيطرة على أوروبا في بداية السبعينيات. الأمثلة السابقة تلخص إلى أن الجميع معرض للسقوط فليس عيباً أن تسقط ولكن العيب أن لا تحاول النهوض مجدداً فشتان ما بين تجارب مانشستر وميلان وبقية عمالقة أوروبا وما بين فرق استسلمت للأمر الواقع لتصبح في طي النسيان على غرار نوتنجهام فوريست وكارلشروة وغيرها, فهل تعي إدارة الليفر ذلك؟!