كشف تقرير بثته وكالة أنباء البحرين «بنا» توجه البحرين وروسيا لتوقيع -أو على الأقل مناقشة- عقود خلال زيارة سمو ولي العهد إلى روسيا تتعلق بإنشاء الشركات المشتركة في الأسمدة والبترول، وفتح خطوط طيران مباشر بين البلدين وغيرها، بهدف رفع قيمة التبادل التجاري بين البلدين، والاستفادة من عودة القطب الروسي بقوة إلى معترك الساحة الدولية على الصعيدين السياسي والأمني، فضلاً عن الاقتصادي.
وقال التقرير إن «زيارة سمو ولي العهد إلى روسيا توافق وتواكب التوجهات الملكية التي تسعى لتنويع شبكة التحالفات البحرينية، خاصة مع أقطاب العالم الجدد، وروسيا تحديداً، كما إنها تجيء في سياق عدد من التحركات التي قام بها مسؤولو الدولتين في الفترة الأخيرة لتعميق العلاقات الثنائية، حيث لوحظ أنها سبقتها عدة اتصالات وزيارات جرت منذ مطلع عام 2014، ما يؤكد رغبة البلدين في الوصول بعلاقاتهما إلى مستوى عالٍ من التنسيق والتشاور».
وأضاف أن «الإعلان عن زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء إلى روسيا أمس، جاء بالتزامن مع عدد من التحركات والجهود التي قام ومازال يقوم بها المسؤولون في المملكة، وذلك لتمتين علاقات البحرين مع شتى دول العالم، وفتح آفاق جديدة لتطويرها في عالم لم يعد ممكناً فيه التواجد أو التعايش بشكل منفرد».
وتأتي الزيارة في سياق عدد من الزيارات والمشاورات والاتصالات المكثفة التي قام بها حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى وصاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الموقر وصاحب السمو الملكي ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وغيرهم من كبار المسؤولين في الجهاز التنفيذي للدولة خلال الأشهر الأخيرة، وشملت مختلف دول العالم في الشرق والغرب على السواء، وذلك بهدف استقطاب استثمارات جديدة للمملكة، والترويج للحوافز التشجيعية والإغراءات التنظيمية التي تقدمها بيئة الأعمال بها، فضلاً بالطبع عن دعم علاقات البحرين الثنائية، وإبراز وجهها الحضاري المشرق كنقطة جذب دبلوماسي تتلاقى فيها الأدوار والتفاعلات الإقليمية والدولية.
تنويع التحالفات
وتبدو أهمية زيارة صاحب السمو الملكي ولي العهد إلى روسيا من أنها توافق وتواكب التوجهات الملكية التي تسعى لتنويع شبكة التحالفات البحرينية، خاصة مع أقطاب العالم الجدد، وروسيا تحديداً، كما إنها تجيء في سياق عدد من التحركات التي قام بها مسؤولو الدولتين في الفترة الأخيرة لتعميق العلاقات الثنائية، حيث لوحظ أنها سبقتها عدة اتصالات وزيارات جرت منذ مطلع عام 2014، ما يؤكد رغبة البلدين في الوصول بعلاقاتهما إلى مستوى عالٍ من التنسيق والتشاور، وهو ما تبرزه دلالات التحركات الآتية:
أولها: زيارة الممثل الخاص للرئيس الروسي واستقبال جلالة العاهل المفدى وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد له في النصف الأول من شهر أبريل الجاري، وكان سمو ولي العهد قد استقبل المسؤول نفسه في فبراير الماضي إبان فعاليات معرض البحرين للطيران عام 2014، كما أقام سمو نائب رئيس مجلس الوزراء حفل استقبال كبير والوفد المرافق له على شرفه، واستهدف الحفل والمباحثات التي دارت على أثره تأسيس ودعم الروابط التي تربط البحرين وروسيا ببعضهما البعض.
ثانيها: استضافة المملكة لأعمال الاجتماع السابع لمتابعة نتائج الزيارة السامية لروسيا التي جرت عام 2008، وهو الاجتماع الذي ترأسه وزير الصناعة والتجارة البحريني بحضور السفير الروسي لدى المملكة، الذي يقوم باتصالات ونشاطات واسعة لتعزيز العلاقات مع البحرين، ومنها لقاؤه بوزير الخارجية بمكتبه بالديوان العام للوزارة، وكذلك لقاؤه برئيس الحرس الوطني بمكتبه في فبراير الماضي، وأيضاً بوزير التربية والتعليم في الفترة ذاتها، الأمر الذي يكشف عن المساعي الحثيثة لكلتا الدولتين لتكريس وتعزيز الروابط الثنائية.
ثالثها: مشاركة البحرين في الاجتماع الوزاري الثالث للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون وجمهورية روسيا الاتحادية، والذي عقد بالكويت في فبراير الماضي أيضاً، وقد استهدف الاجتماع الذي أولته المملكة اهتماماً خاصاً بعد أن ترأسه وزير الخارجية وبحضور وفد عالي المستوى، تعزيز آلية التشاور والتعاون بين الجانبين التي بدأت في أبوظبي عام 2011، وبما يحقق مصالح منظومة دول التعاون ككل، ومنها البحرين، وروسيا المشتركة، وبما يسهم في إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة.
في ضوء هذه التحركات والاتصالات المكثفة تتكشف أهمية زيارة صاحب السمو الملكي ولي العهد، الذي يبدو أنه يضع في حسبانه تحقيق عدد من المهام، والتي يأتي على رأسها: المسارعة في تحقيق رؤية البحرين الاقتصادية 2030، بما يشمله ذلك من فتح أبواب الفرص التجارية مع اقتصادات مختلفة ومتنوعة، والترويج للبيئة الاستثمارية الداخلية من تسهيلات ومحفزات لرأس المال الأجنبي، ومنح القطاع الخاص الوطني الفرصة وإعطائه المبادرة ليقود قاطرة النمو الاقتصادي في المستقبل القريب والبعيد على السواء، علماً بأن التجربة البحرينية في التنمية حظيت بثناء وتقدير روسي واسع، مثلما أكد على ذلك الممثل الشخصي للرئيس الروسي أثناء لقائه بصاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، منوهاً بالنجاحات الكبيرة التي حققتها حكومة سموه في المسارين التنموي والإصلاحي.
ويمكن استخلاص هذه المهام الجسام التي تأتي على رأس أهداف زيارة سمو ولي العهد من طبيعة الوفد رفيع المستوى المرافق لسموه، والذي يغلب عليه الطابع الاقتصادي، ويضم عدداً من الفعاليات التجارية، فضلاً عن الملفات التي يمكن أن تطرح أثناء المباحثات مع المسؤولين الروس، والتي يغلب عليها هي الأخرى دعم علاقات الصداقة والتعاون في شتى القطاعات، لاسيما الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والسياحية والثقافية والطيران المدني.
تناغم المواقف
وواقع الأمر، أن زيارة سمو ولي العهد إلى روسيا مدعومة بأكثر من عامل يجعلها واحدة من الزيارات المهمة التي تقوم بها القيادة في المملكة، أحدها يتعلق بـ: المواقف المشتركة والمتناغمة تجاه الملفات المحلية والإقليمية والدولية وتقدير الدولتين لهذه المواقف إزاء الأخرى، وهي المواقف التي بحاجة إلى دعم وتمتين والعمل المشترك من أجل تنميتها وتطويرها. ولعل ما يثبت هذا التناغم بين البلدين إدانة موسكو للتفجيرات الإرهابية التي شهدتها المملكة خلال الفترة الأخيرة، والتي اعتبرتها في تصريحات سابقة أنها «لا مبرر لها»، داعية في موقف صريح وواضح للجلوس على طاولة الحوار في إطار «الحوار الوطني»، والذي كانت قد دعت إليه القيادة الرشيدة، وبمبادرة ورعاية كريمة من سمو ولي العهد، الأمر الذي يعكس تأييد موسكو لجميع الإجراءات التي تتبناها المملكة للتصدي للأعمال الإرهابية التي تواجهها.
وهذا هو الموقف ذاته الذي تبنته البحرين إزاء العمليات التي شهدتها روسيا قبل فترة، حيث قدمت المملكة تعازيها في ضحايا التفجير الذي استهدف محطة القطارات في مدينة فولغراد في ديسمبر من العام الماضي، وبعثت برسالة تأييد واضحة من المملكة لكل ما تتخذه موسكو من إجراءات لحماية أمنها واستقرارها.
المصالح المشتركة
يضاف إلى العامل السابق، عامل آخر يتعلق بـ: حجم المصالح المشتركة التي يعول عليها الجانبان، البحريني والروسي، لقيادة مسيرة التعاون المشترك في السنوات المقبلة، وهنا يتعين التذكير بأن هذه المصالح متعددة ومتنوعة، ولا تقتصر فحسب على مجالات النقل الجوي والتنمية العمرانية والأمن الغذائي، وإنما تشمل كل مجالات التعاون التقليدية منها والمستحدثة، من قبيل الجوانب الصناعية والصيرفة والمال والسياحة والتبادل الثقافي، والعمل من أجل الاستفادة من المزايا التي تتوافر في البلدين لدعم الاستثمار والتعاون المشترك، وهو ما اتضح خلال مباحثات الممثل الشخصي للرئيس الروسي الأخيرة واتصالاته المكثفة بالمسؤولين في المملكة، حيث يتولى المسؤول الروسي مسؤولية إحدى أكبر شركات الغاز ليس في روسيا فحسب، وإنما في العالم بأسره، وهو ما يمكن أن يعود بالنفع على البحرين في هذا المجال.
البناء على ما تم إنجازه
وأخيراً، يأتي العامل الثالث الذي يدعم من زيارة سمو ولي العهد إلى روسيا، ويبشر بنجاحها المرتقب، ويتعلق بـ: ضرورة البناء على ما تم إنجازه من تطورات على صعيد العلاقات البحرينية الروسية المشتركة منذ زيارة عاهل البلاد المفدى لروسيا الاتحادية عام 2008، وهنا ينبغي التأكيد على أن هذه الزيارة المذكورة أسهمت في تحقيق نجاحين مهمين، أحدهما: خلق أجواء إيجابية بين البلدين الصديقين، والآخر: إعطاء قوة دفع لتطوير العلاقات المشتركة في الكثير من القطاعات والمجالات، الأمر الذي سيتعين معه العمل من أجل تفعيل التعاون الثنائي، وإضافة لبنات جديدة في علاقات الصداقة بين البلدين للنهوض والارتقاء بها إلى آفاق أرحب، وهو ما ستقوم به زيارة سمو ولي العهد.
ولعل من أكثر البراهين الدالة على الرغبة المشتركة في البناء على ما تم إنجازه من نجاحات منذ عام 2008 وحتى الآن، استمرارية ومواصلة الاجتماعات المشتركة بين البلدين لإزالة أي عقبات يمكن أن تعترض مسار العلاقات الثنائية، والتي بلغت سبعة اجتماعات أسفرت عن تفاهمات واتفاقات ومذكرات تعاون في الكثير من المجالات، ومجلس للأعمال المشترك، فضلاً عن مشاريع التعاون الاستثمارية كتلك القائمة بين ألبا البحرين ونظيرتها الروسية وغيرها، وهو ما سيضاف بالتأكيد إلى الترتيبات التي تجرى حالياً، والمتوقع أن يتم تداولها أثناء زيارة صاحب السمو الملكي ولي العهد، وذلك لاستضافة المؤتمر والمعرض الروسي الخليجي الذي سيقام بمملكة البحرين العام المقبل، علاوة على مشاريع التعاون المشترك الأخرى التي ستعود بالنفع على شعبي البلدين.