في صحراء ضواحي دبي يجري إنشاء واحدة من كبرى مصافي الذهب في العالم والتي من شأنها أن تساعد فور استكمالها العام المقبل على تغيير ميزان القوى في قطاع الذهب العالمي.
ويتحول النمو في الطلب على المعدن النفيس شرقا نحو الاقتصادات السريعة النمو في آسيا. غير أن أوروبا والولايات المتحدة ما زالت تهيمن على الأنشطة الرئيسية في هذا القطاع مثل التكرير وأنشطة المقاصة حيث يجري التوفيق بين طلبيات الشراء والبيع.
وتأتي المصفاة التي تبنيها مجموعة كالوتي للمجوهرات في دبي بتكلفة 60 مليون دولار في إطار جهود رامية لتغيير هذا النمط على غرار خطة بورصة دبي للذهب والسلع لاستحداث عقد فوري للذهب في يونيو حزيران.
وقال طارق المدقة الرئيس التنفيذي لشركة كالوتي في مقابلة "دبي مركز عالمي كبير لتجارة الذهب بالفعل ... والمصفاة جزء من المرحلة المقبلة لجعل دبي مركزا كبيرا لتكرير الذهب والتوفيق بين طلبيات الشراء والبيع."
وإذا نجحت دبي في ذلك فإنه سيضرب مثلا جديدا على مدى قدرة الإمارة على استغلال قربها من كبار المستهلكين في الهند والصين وانخفاض الضرائب وقطاع النقل المتطور لديها للدخول في صناعات يهيمن عليها آخرون.
وارتفع حجم واردات وصادرات دبي من الذهب إلى 75 مليار دولار في عام 2014 من ستة مليارات في 2003. وقال مركز دبي للسلع المتعددة إن نحو 40 بالمئة من تجارة الذهب العالمية مرت عبر الإمارة في العام الماضي.
غير أن قطاع التكرير في المنطقة تباطأ حيث بلغت الطاقة السنوية للتكرير في الإمارات العربية المتحدة نحو 800 طن بما في ذلك مصفاة طاقتها 450 طنا تديرها كالوتي حاليا. وتهيمن سويسرا على القطاع بطاقة تزيد على ثلاثة آلاف طن تمثل حوالي 50 بالمئة أو أكثر من حجم قطاع التكرير العالمي.
وستبلغ الطاقة السنوية لمصفاة كالوتي الجديدة 1400 طن من الذهب و600 طن من الفضة بما يزيد على ثلاثة أمثال حجم أي مصفاة قائمة حاليا في الإمارات.
ويستند المشروع إلى توقعات بأن الطلب على الذهب في آسيا سينمو بقوة في السنوات المقبلة. لكن هذا ليس مضمونا حيث فرضت الهند العام الماضي رسوما قياسية على واردات الذهب نسبتها عشرة بالمئة في مسعى لتقليص عجز ميزان المعاملات الجارية.
وقال مجلس الذهب العالمي إن الطلب العالمي على المعدن النفيس تراجع 15 بالمئة إلى 3756 طنا العام الماضي.
غير أن منير الكالوتي رئيس ومؤسس مجموعة كالوتي قال إنه لا يرى تهديدا يذكر على المدى البعيد بتوقف النمو الذي أدى إلى زيادة إنتاج الشركة من المعادن النفيسة وتجارتها الفعلية بمعدلات سنوية تراوحت بين 25 و35 بالمئة في المتوسط منذ تأسيسها قبل 25 عاما لتصل إلى أكثر من 30 مليار دولار في 2012.
وقال الكالوتي في مكتبه "الأمر لا يتعلق بدبي فحسب. إنه اتجاه أكبر من ذلك."
وفي الوقت الحالي تلعب لندن دورا مهيمنا في اعتماد مصافي الذهب على مستوى العالم. وقد يكون ذلك أمرا مخيبا لآمال المصافي خارج أوروبا إذ يشعر بعضها أن هذا النظام متحيز للشركات الغربية.
ولم تتمكن كالوتي من الحصول على مكان لمصفاتها الحالية على قائمة رابطة سوق لندن للسبائك وتقول إنها تنتظر حاليا لطلب إدراج المصفاة الجديدة على القائمة.
وقال الكالوتي الذي تعتزم شركته افتتاح مصفاة للذهب بطاقة سنوية مبدئية تتراوح بين 50 و75 طنا في سورينام في أغسطس آب للاستفادة من النشاط في تلك المنطقة "ينبغي للندن أن تكون أكثر مرونة ومدركة لهذا الاتجاه."
وقد تكون مساعي دبي لتطوير تداول الذهب مهمة لنمو الإمارة كمركز للمعدن الأصفر بنفس أهمية زيادة طاقتها التكريرية. وفي شهر أبريل قالت بورصة دبي للذهب والسلع - التي تتعامل حاليا بالعقود الآجلة للذهب - إنها تنوي طرح عقد فوري للمعدن الأصفر في يونيو حزيران.
وتضع البورصة اللمسات الأخيرة على العقد لكن يتوقع أن يكون لكيلوجرام واحد (32 أوقية) من الذهب بدرجة نقاء 0.995 وهو النوع الذي يفضله المستهلكون والمستثمرون الهنود.
ولكي تصبح دبي مركزا كبيرا للتداول الفوري للذهب فإنها تحتاج إلى توسيع بنيتها التحتية بطرق جديدة. فعلى سبيل المثال قد تحتاج الإمارة إلى استضافة عمليات كبرى لبنوك الاستثمار التي تعمل كموردين بالجملة إلى السوق.
وتتعامل شنغهاي ومومباي واسطنبول بالعقود الفورية لكن المشاركين الأجانب قد يواجهون قيودا هناك. وقال المدقة إن سوق التعاملات خارج المقصورة في لندن تنطوي على مخاطر تخلف الطرف الآخر عن الوفاء بالتزاماته وإن التداول يركز على سبائك وزنها 12.5 كيلوجرام وهي مناسبة للبنوك المركزية والمستثمرين من الشركات ولكنها لا تناسب صغار المشترين.
وأضاف أن دبي ستهدف إلى تسليم الذهب في غضون يومين بعد أي صفقة وهو أسرع كثيرا من التسليم في نيويورك.