بقلم: جيمس غافن هناك 13 دولة عربية على قائمة تضم (19) دولة هي الأكثر ندرة بالمياه على مستوى العالم. ويلاحظ أن ثمان من هذه الدول يقل فيها نصيب الفرد من المياه المتوفرة عن 200 متر مكعب؛ أي أقل من نصف الكمية التي تعتبر شحيحة جداً بالمعايير العالمية. إن توليفة من الزيادة السكانية السريعة وندرة مصادر المياه العذبة جعلت من الشرق الأوسط المنطقة الأكثر ندرة بالمياه في العالم. إذ إن دولاً مثل البحرين وقطر والكويت والمملكة السعودية لديها بعض أدنى كميات المياه المتوفرة لكل فرد من السكان مقارنة بباقي دول العالم. وعلى سبيل المثال، لدى البحرين كمية لا تزيد عن ثلاثة أمتار مكعبة لكل فرد من إمدادات المياه الطبيعية العذبة، هذا رغم أن الوضع في الكويت أسوأ من هذا. ويضع النمو السكاني والتحضر السريع وري المزروعات ضغوطات على الكميات المحدودة المتوفرة من إمدادات المياه القابلة للتجدد، وخاصة في المناطق الأكثر معاناة من الكثافة السكانية. وكانت الكويت في العام 2006 قد سحبت 2465 بالمائة من إمدادات المياه الطبيعية القابلة للتجدد، وهذه كمية تتجاوز كثيراً قابلية المياه الطبيعية على التجدد. وتبعت الكويت دولة الإمارات العربية المتحدة التي سحبت 2032 بالمائة، وذلك طبقاً لبيانات مؤسسة مابلكروفت الاستشارية التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها وأوردتها في تقرير عن مؤشر ندرة المياه العالمي للعام 2011. ارتفاع الاستهلاك: يعكس السحب الشديد للمياه معدلات الاستهلاك المرتفعة في منطقة الخليج. وطبقاً لبيانات مؤسسة بوز وشركاه، الاستشارية الأمريكية، فإن متوسط ما يستهلكه الفرد في السنة بدول مجلس التعاون الخليجي يبلغ 850 متراً مكعباً من المياه، مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 500 متر مكعب. ويشار إلى أنه في السعودية، وهي أكبر دول المنطقة، يرتفع المتوسط إلى حوالي 950 متراً مكعباً. ويستمر الطلب في الصعود بدول مجلس التعاون الخليجي. وفي هذا الشأن، يقول وزير الماء والكهرباء السعودي، عبدالله الحسين، إن هناك حاجة إلى استثمار أكثر من 500 مليار ريال سعودي (حوالي 133 مليار دولار) في قطاع الماء والطاقة في غضون السنوات العشر القادمة حتى تنجح المملكة في تلبية الطلب المتصاعد. وتشير البيانات الحكومية إلى أن الطلب على المياه اللازمة لأغراض البلديات في السعودية يتزايد بنسبة 2.1% في السنة وأنه من المتوقع أن يصل إلى ثلاثة آلاف و583 مليون متر مكعب بحلول العام 2014. أما استخدام المياه للأغراض الصناعية فمن المتوقع أن يزداد بنسبة 5.5% في السنة ليصل إلى 930 مليون متر مكعب بحلول نفس العام. ونكاد نلاحظ نفس الصورة في باقي دول المجلس. ففي أبوظبي نجد أن متوسط استهلاك الفرد يتراوح ما بين 252-600 غالون من المياه في اليوم، وهو الأرفع في العالم. ومن المتوقع أن يشهد الطلب على المياه في العاصمة الإماراتية نمواً بنسبة 5% في السنة خلال الفترة من 2010 إلى 2020، وذلك طبقاً لبيانات شركة أبوظبي للماء والكهرباء. وعند هذا المعدل من الزيادة، تتجه الإمارات إلى استنزاف مخزونها من المياه الجوفية في غضون 40 عاماً. وفي قطر، يستنزف اقتصادها المزدهر الكثير من مصادر المياه. وتتوقع شركة قطر للكهرباء والماء أن ترتفع حاجة البلاد من المياه إلى الضعف، من 533 مليون متر مكعب في اليوم العام 2010 إلى حوالي 583 مليون قدم مكعب في اليوم العام 2020. ويبدو أن سلطنة عمان تواجه التحدي الأكبر جراء الارتفاع الشديد في استخدام المياه مقارنة بالدول المجاورة. وحسب بيانات شركة عمان للطاقة والماء فإن الطلب على المياه للأغراض الاستهلاكية والصناعية سيرتفع من حوالي 994 مليون متر مكعب العام 2010 إلى ألف و328 مليون متر مكعب العام 2017. وتعتبر الكويت الدولة التي لديها أدنى درجة من نصيب الفرد من المياه الطبيعية المتوفرة مقارنة بالمتوسط العالمين حيث لا تزيد عن 70 متراً مكعباً. هذا إضافة إلى أعلى معدلات الاستهلاك والتي تصل إلى 500 لتر لكل فرد، وذلك طبقاً لبيانات مركز مصادر المياه التابع لمعهد الكويت للبحوث العلمية. وإلى الآن يتمثل رد فعل دول المجلس، وباستثناءات قليلة، في زيادة الاستثمارات الهادفة إلى رفع طاقة تقطير المياه بدلاً من السعي إلى تقليص الطلب. ومن بين كافة دول المجلس، يلاحظ أن السعودية هي الوحيدة التي اتخذت خطوات صارمة لتغيير نماذج الاستهلاك، هذا رغم أن الرياض لديها خططاً لتوسعة 30 محطة تقطير منتشرة في أرجاء البلاد. ووفقاً للموازنة الحكومية السعودية للعام 2012 فإن حوالي 57.5 مليار ريال مخصصة للبنية التحتية في قطاعات المياه والزراعة والمشروعات المرتبطة بالقطاعين. وتمثل هذه زيادة بنسبة 13% على موازنة السنة الماضية، علاوة على كونها تركز على تعزيز الإمدادات وتحسين شبكة المعالجة. وكانت وزارة المياه والكهرباء السعودية قد وقعت عقوداً مع المقاولين تصل قيمتها الإجمالية إلى 11.6 مليار ريال من أجل تطوير قطاع المياه والصرف الصحي، تشمل إقامة ست محطات جديدة لتقنية المياه. وفي مملكة البحرين فمن من المنتظر أن يشهد العام الجاري تشغيل محطة الدور، وهي أول محطة للماء والكهرباء تقام على أساس المشاركة بين القطاعين العام والخاص وتوفر 48 مليون غالون إضافية من المياه في اليوم. هذا علاوة على أنه بعد تمام مراحل التوسعة الأربعة من المشروع فمن المزمع أن ترتفع الطاقة الإنتاجية للمحطة إلى 96 مليون غالون في اليوم. وفي ظل تصاعد القلق من استنزاف مصادر المياه الجوفية في دول المنطقة تتنوع المقترحات المطروحة والهادفة إلى تقليص الاستهلاك. وعلى سبيل المثال تشير مابلكروفت إلى أن الوسيلة الأكثر فعالية لتخفيف الضغط على المياه هي تحسين طرق إدارة المياه، ومن ذلك قيام السعودية بإحلال المحاصيل التي تتحمل الجفاف محل تلك التي تستهلك الكثير من الماء. ومن جانبها، ترى مؤسسة بوز وشركاه أن زيادة التعرفة يمكن أن تؤدي إلى تقليص الاستهلاك بنسب تتراوح بين 20 إلى 35%، ولعل تجربة إمارة دبي تمثل أحد أحدث الحالات المؤيدة لهذا الرأي. وعلى العموم فإن التحدي الناجم عن الارتفاع الحاد في استهلاك المياه يضع حكومات المنطقة أمام قرارات صعبة لابد من الإقدام عليها.