كتبت - سماح علام: تقوية الحراك الأهلي التوعوي بضرورة تعزيز مهارات الحوار والتواصل مع الآخرين وتدريب الأبناء على ممارسة مهارات الحوار الأساسيّة، كالإنصات وعدم التعصّب للرأي، وذلك من خلال إتاحة الجو الآمن لهم في النقاش والتعبير عن الآراء، إلى جانب الابتعاد عمّا يشكل حاجزاً لدى الأبناء في التقارب مع ذويهم، كانت ملخص التوصيات التي خرج بها الباحث التربوي صالح يوسف الفرهود من استطلاع ميداني استهدف فئة الشباب والفتيات من أبناء وبنات مملكة البحرين والتي تتراوح أعمارهم بين 16 إلى 23 عاماً . ويرى الباحث الحاصل على شهادة الماجستير في التربية الخاصة - رعاية الموهبة والإبداع 2006م - من جامعة البلقاء التطبيقية بالأردن الشقيق، أنّ النتيجة الأهم التي خرج بها الاستطلاع هي أنّ أيّاً من المتوسّطات الحسابيّة لفقرات المقياس أو محاوره لم يرتقِ إلى درجة مرتفع فضلاً عن مرتفع جدّاً، وإنّما تراوحت بين المتوسّطات الحسابيّة لدرجة متوسّط، تنخفض تارةً وترتفع تارةً أخرى، حيث تكونت عيّنة الاستطلاع من (100) فرد ، وقد روعي في الدراسة عدد من المحاور نعرضها تباعاً. ففيما يختص بنتائج محور تهيئة أجواء الحوار وتقبله أشارت النتائج إلى أن استجابات العيّنة كانت متوسّطة، وجاء في التفصيل أن (6?) فقط أشاروا إلى أنّه يجد صعوبة في ترحيب أفراد الأسرة للحوار والمناقشة معه في مختلف الموضوعات،وهذا مؤشّر إيجابي قوي على وجود أرضيّة مناسبة وصلبة لبدء الحوارات داخل الأسرة، ويدعم هذه النتيجة أنّ ما يقارب من(90?) أشاروا إلى إتاحة الفرصة لهم دومًا أو غالباً في الحديث دون تردّد أو خوف . ولابد من الإشارة إلى أنّ (17?) قد صرّحوا بانزعاجهم من استمرار الوالدين أو أحدهما بمناداتهم بألقاب غير لائقة وبغير أسمائهم. ممّا يشكّل حاجزاً كبيراً ويزيد من الفجوة بين الأبناء والوالدين، في حين أن 46% يرون أن الأسرة بشكل عام تهيئ الأجواء للنقاش مع أبنائها. التواصل الاجتماعي وفي المحور الثاني، جاءت النتائج الخاصّة بمحور التواصل الاجتماعي بين أفراد الأسرة متوسّطة، إذ أوضح الاستطلاع أنّ( 56?) من أفراد العيّنة يتردّد في مناقشة أفراد أسرته في أمورهم الخاصة، وأنّ ( 78? ) منهم يجدون صعوبة في إقناع الأسرة بوجهة نظرهم، في حين يرى (48?) منهم أنّ الأزمات المالية تسهم بشكل كبير في توتّر العلاقة بين أفراد الأسرة . وكمؤشّر يحتمل الجانبين إيجاباً وسلباً، أشار (23?) تحت معيار دائماً و(63?) تحت معيارغالباً إلى أنّ لديهم الحريّة المطلقة دائماً في اتخاذ القرارات المتعلقة بهم دون تدخل الوالدين أو أي فرد من الأسرة، ويكمن الجانب السلبي هنا في عدم مشاركة الوالدين لأبنائهم في اتخاذ القرارات والذي يمثّل دعماً قوياً يحتاجه الأبناء خاصة في مثل سن عيّنة الاستطلاع، فإعطاء الثقة لهم لابد أن يقابلها النصيحة والمشورة والتوجيه والرقابة أحيانًا . وربّما يكون ذلك مؤشّراً على نوع من العزلة داخل الأسرة، ويدعم هذا التفسير أنّ (24?) من العيّنة يقضي أغلب يومه – حينما يكون بالمنزل - داخل غرفته الخاصة بشكل دائم، و(63?) بشكل شبه دائم . ويدعمه كذلك أنّ (27?) فقط من العيّنة أشاروا إلى أنّهم يجتمعون دائماً أو غالباً مع أفراد الأسرة في مشاهدة البرامج التلفزيونيّة، وأنّ مثل هذه الاجتماعات لا تحدث أبداً مع (14?) منهم . ويشير الباحث انه يجدر بنا الأخذ بعين الاعتبار أنّ الميل إلى الاستقلاليّة والعزلة هو أحد سمات المرحلة العُمريّة للعيّنة . مهارات الحوار وحول محور مهارات الحوار، فقد جاءت النتائج أيضاً متوسّطة، كما هي على المحورين السابقين، حيث ألمح الاستطلاع إلى الأجواء غير الصحية التي تتسّم بها أحيانًا النقاشات الأسريّة حيث أشار (64?) من العيّنة إلى نمط الحدّة وارتفاع الصوت خلال مناقشات الأسرة . كذلك أشار (56?) منهم إلى الانفعالات وآثار الغضب التي تظهر على الوالدين عند احتدام النقاش . وأظهر الاستطلاع أنّ (69?) منهم إلى شعورا بالصعوبة في إقناع أفراد الأسرة بوجهة نظرهم في الأمور العامة للأسرة ، (30?) من هؤلاء يشعرون بذلك بشكل دائم . فروق ودلالات ويوضح الباحث وجود فروق في المتوسّطات الحسابيّة في متغيّر الجنس تميل إلى الإناث في المحاور الثلاث للاستطلاع، ورغم أنّ هذه الفروق غير دالّة إحصائيًّا إلا أنّ ذلك يشير إلى النظرة الإيجابيّة للإناث نحو تقبـّـل الحوار، ويشير كذلك إلى أنّ التواصل الاجتماعي مع أفراد الأسرة من وجهة نظر الإناث أكثر إيجابيّة من وجهة نظر الذكور، ويالشيء ذاته ينطبق على محور مهارات الحوار . ولربّما كان السبب في هذه النتيجة هو طبيعة فئة الإناث في محاولة التواصل مع الوالدين أكثر من الأبناء الذكور، ولربّما كذلك جاءت انعكاس لاختلاف التعامل مع الأبناء الإناث من قِبَلِ الوالدين عنه مع الأبناء الذكور. وهذا ما يحتاج لإجراء دراسة مستقلّة. وبين الباحث أيضا وجود فروق في المتوسطات الحسابيّة في متغيّر السّن، ولكنّها أيضًا غير دالّة إحصائيًّا، وتميل الفروق في محور التهيئة للحوار وتقبّله لصالح الفئة العُمريّة (18 سنة فما فوق)، وقد يكون ذلك ناتجًا عن طبيعة الفئة العُمريّة المقابلة (من 16 إلى 18 سنة) والتي تميل غالبًا إلى العزلة عن العائلة ومحاولة تكوين استقلاليّة، وتميل كذلك إلى العناد ومحاولة مصادرة الرأي. أما في متغيّر حضور برامج سابقة عن الحوار فكانت الفروق في المحاور الثلاث تميل إلى الفئة التي سبق لها حضور برامج عن الحوار، وقد كانت هذه الفروق دالّة إحصائيًّا في محور التواصل الاجتماعي مع أفراد الأسرة، ممّا يدل على أهميّة حضور مثل هذه البرامج ومدى فاعليّتها في تنمية ثقافة الحوار لدى الفرد. معوّقات الحوار وفقاً لاستجابات أفراد العيّنة - حسب الدراسة - فقد كانت أكثر المعوّقات التي تحول دون انتشار ثقافة الحوار فيما بين الأبناء أو تحقيق الحوار لأهدافه هي تعصّب الوالدين وأفراد العائلة للرأي الآخرعند مناقشتهم من قِبَلِ الأبناء، كما وتم توضيح أن الشاب والفتاة يقضيان أغلب أوقاتهما داخل غرفتهما الخاصة بمعزلٍ عن بقيّة أفراد الأسرة والوالدين، إلى جانب دور الانفعالات السلبيّة أثناء النقاش فيما بين الوالدين . ليس هذا وحسب بل جاء أيضاً أن انعكاس الأزمات المالية – حال وجودها – سلبيًّا على الجو الأُسَري العام، إلى جانب قناعة ما يقارب من 40? من أفراد العيّنة بأنّ الحزم والشدة من أنجح الوسائل للحفاظ على استقرار الأسرة. والخوف من أن يتشكـّـل ذلك كسلوك لدى هؤلاء، وإعطاء الحريّة المطلقة للأبناء لاتخاذ قراراتهم بمفردهم، رغم الحاجة الملحّة في مثل هذا السن لمشاركة واستشارة الوالدين وأفراد العائلة، وعدم توافر فرص كافية لاجتماع أفراد العائلة داخل المنزل أو خارجه (لتناول الوجبات الرئيسة، مشاهدة التلفاز، زيارات خارجية جماعيّة).