عرَّف أرسطو التربية بأنها «إعداد العقل للتعليم كما تُعَد الأرض للبِذار»، وبين أفلاطون الغاية منها قائلاً: «غاية التربية أن تفيض على الجسم والنفس كل جمال، وكل كمال ممكن لها».
المعلمون المربون في المدرسة قدوة في غرس الحب عند الأطفال، وكيف يكون هذا إلا بالحب! فالحب يولد الحب غالباً كما يقول الكاتب المربي محمود مهدي الإستانبولي، وغرس الشيء لا بد من اخضراره وزهره وثمره، وخاصة حين تكون المتابعة والمراقبة والتقويم بأسلوب الواعي المتفهم لخصائص هذا الغرس، وقد تكون الأرض خصباً فتعطي الاخضرار، وقد تكون قحطاً. وحالة المربين تضفي على الصغار تلك الحالة التي يتميز بها المربون، فالذين يُعامَلون بالجفاء والقسوة سينعكس ذلك عليهم على الآخرين.
من هنا، ينصح علماء النفس المربين بالاهتمام أكثر بطلابهم الصغار وتعليمهم الحب المسؤول دون إفراط أو إهمال..، نعم دون إفراط أو إهمال، وبالقدوة الحسنة والكلمة الطيبة، فالحكمة تقول: «علموا أولادكم الحب تجنبوهم مشكلات المستقبل».
بيد أن هناك زاوية أخرى لهذه الإيجابية التربوية تلزمنا أن نقف معها، وهي ما هي الأساليب التي يمكن للمعلم أن يتبعها لتعليم الأطفال معاني الحب، وهل له أن ينطلق بأساليب إبداعية قد لا تتفق مع خصوصية الطفل، فالعمر والموقف يفرضان على المعلم اتباع الأسلوب المناسب؟ ولكن، ماذا نقول عندما يغيب ضمير بعض المعلمين، ذلك الضمير الذي هو محكمة الذات.. هل ستكون للتربية بالحب عندهم لها قدسيتها.. «كاد المعلم أن يكون رسولا»؟!!
لا بد من إيجاد قيمة الاحترام والتقدير المتبادل بين المعلم والمتعلم من خلال الفنيات التربوية في ذلك، على الطرفين استيعاب هذه العلاقة، ولكن إذا كان هذا الطالب طفلاً صغيراً فكيف له أن ينظر إلى هذه العلاقة؟ قبل أن نجد إجابة هذا السؤال نوجه سؤالاً آخر للمعلم: ماذا يريد المعلم من الطالب الصغير؟ وكيف يجعله محل الحب والتقدير – وليس التقديس -؟!
لمهنة التعليم ميثاق شرف يجب على المعلم الالتزام به سواء تجاه مهنته وتجاه طلابه وزملاء العمل والمجتمع، وعليه أن يسعى في تفعيل بنودها، ولأن حديثنا متركز في هذه العجالة عن توطيد العلاقة التي يجب تدعيمها بين الطالب ومعلمه فإننا نذكر المعلمين بضرورة احترام الطالب والتعامل معه بعدالة وموضوعية وبأخلاق إنسانية تحافظ على خصوصياته، وليعلم أن الطفل الصغير الذي بين يديه هو ورقة بيضاء يخط بها المعلم بأقواله وأفعاله ما سيبني عليه هذا الطفل مستقبله عندما يكبر، من خلال القيم والسلوكيات والمبادئ، كل ذلك من شأنه تحقيق ألفة بين المعلم وطلابه، وهذه الألفة يجب أن تقوم على أساس المحبة والتقدير بطرق «سليمة».. «إنسانية».. و»أخلاقية».