طور باحثون نوعًا جديدًا من البلاستيك يصلح نفسه بنفسه، وهو ما يشير إلى أن هناك إمكانية لأن تصلح شاشة هاتفك الجوال المحطمة نفسها بنفسها وأن يصلح ومضرب التنس المكسور الخاص بك نفسه تلقائيًا.

ويقوم مركب البوليمر في هذا النوع الجديد من البلاستيك بإصلاح الثقوب التي يتعرض لها البلاستيك حتى عرض 3 سنتيمتر، وهو ما يعادل مئة ضعف المساحة التي كان يعالجها فيما مضى، بحسب ما ذكرت قناة بي بي سي البريطانية اليوم الاثنين.


كان الوصول إلى تلك المادة الجديدة على يد فريق من الباحثين بجامعة إلينوي، وهي المادة التي تناولتها صحيفة ساينس المتخصصة في العلوم بالتفصيل.واستوحى الباحثون الفكرة من نظام تخثر الدم، إذ أن البلاستيك الجديد يحتوي على شعيرات تحمل الكيماويات التي تقوم بعملية إصلاح الكسور في الأماكن المحطمة.

يُذكر أنه على مدار عقود، كان العلماء يحلمون بأن يصلح البلاستيك ما يصيبه من كسور ذاتيًا على غرار ما تقوم به بشرة الإنسان.

على ذلك، من المتوقع أن تلتئم الصدوع في مواسير أنابيب المياه ومصدات السيارات تلقائيًا. كما ستصلح الأقمار الصناعية ما يصيبها من كسور دون تدخل بشري وتتعافى الرقائق الإليكترونية في الكمبيوتر والهاتف الذكي تلقائيًا هي الأخرى مع هذه المادة الجديدة.

جدير بالذكر أن واحدًا من أهم الاكتشافات الهامة في مجال تركيب البلاستيك كان بجامعة إلينوي في 2001 عندما قام الأستاذ بالجامعة سكوت وايت وبعض الزملاء بحقن البوليمر بكبسولات مجهرية تحتوي على سائل معالج للصدوع والكسور. وبالفعل نجحت الكيماويات التي ضُخت في البوليمر في إصلاح الصدوع التي أصابته.

وفي الفترة الأخيرة، طُورت مواد معالجة ذاتية واستخدمت مع الخرسانة والطلاء المضاد للمياه وحتى الدوائر الكهربية زُودت هي الأخرى بخصائص معالجة ذاتية.

ولكن هذا البلاستيك الجديد الذي يعالج نفسه تلقائيًا، يراب الصدوع الصغيرة فقط وفقًا لمجلة ساينس.

قال وايت إنه "رغم إظهار البلاستيك ذاتي المعالجة كفاءة في إصلاح الصدوع المجهرية، يتطلب تجدد نمو المادة المعالجة في حالات التلف الجسيم طريقة تجدد أكثر تاثيرًا."

ولإصلاح الكسور الأكبر، صمم وايت وزملاءه نظام وعائي جديد مستوحى من الشرايين والأوردة في الجسم البشري. ويقوم هذا النظام على أساس شبكة من القنوات توصل المادة المعالجة إلى موقع التلف.

وتصل الكيماويات عبر قناتين منفصلتين ثم تتجمع في مكان واحد لسد الفجوة على مرحلتين. تتمثل المرحلة الأولى في صب جل لين داخل الفجوة ثم يكتسب الجل صلابة في المرحلة الثانية ليتحول إلى مادة صلبة قوية تعالج الصدع تمامًا.

لا زالت نظم المعالجة الذاتية للبلاستيك تحتاج إلى مزيد من الأبحاث.

وقال الكاتب الذي تناول البلاستيك الجديد في مجلة ساينس: "نملأ الفجوات حتى 33 ميلليمتر في 20 دقيقة وتقوم الأداة التي تم إصلاحها بوظيفتها الميكانيكية خلال ثلاث ساعات."

وتجدر الإشارة إلى أن الاختبارات أظهرت استعادة المواد لقوتها الأصلية بنسبة 62 في المئة.
نظم المعالجة الذاتية

تمهد المادة الجديدة الطريق أمام أنواع جديدة من البوليمرات تطور في المستقبل يمكنها إصلاح ما يلحق بها من أضرار جراء آثار الانفجار مثل الصدوع التي قد تنشأ عن طلقات الرصاص أو انفجار القنابل والصواريخ.

وأشاد الأستاذان بجامعة ميتشيغان، زهوزهو زهاو وألين أرودا بتصميم تلك المواد الجديدة.

كتب الأستاذان بميتشيغان في صحيفة ساينس إن "هذه الطريقة المبتكرة تساعد على استعادة التكامل الميكانيكي وتعافي المواد من أحجام تلف أكبر مئة مرة من الأحجام التي كان يتم علاجها بتلك الطريقة في الماضي."

وأضافا أن "النظم الوعائية يمكنها مستقبلًا القضاء على الكسور التي تتعرض له المواد من خلال الحد من اتساع نطاق الصدوع الصغيرة غير الخطيرة ومن ثم منع تحولها إلى كسور واسعة النطاق."

رغم ذلك، ستتطلب المواد الذي من المقرر أن تُطور في المستقبل نظم إصلاح أكثر مرونة باعتراف العلماء في هذا المجال.

قال وايت وزملاءه المشاركون في إعداد الدراسة إنه "عندما يكون التلف غير متوقع وغير قابل للتحكم، تظهر الحاجة الماسة إلى شبكات وعائية أكثر تداخلًا لتوفير تغطية وعائية كافية وحشو مناسب لسد القناة التي تنتج عن الكسر أو الصدع."

ورغم التقدم الأخير والمثير للاهتمام الذي حققته دراسات المعالجة الذاتية، قال الأستاذان بجامعة ميتشيغان، أرودا وزهاو إنه "لا زال أداء المدى الطويل لأنواع البوليمر ذاتية العلاج لم يُختبر حتى الآن."

وأضافا أن "الطرق المتبعة في الدراسة لابد من أن تقيم قدرة المواد على المعالجة الذاتية بعد تجارب إصلاح عديدة."

وذكرا أن هناك أمثلة رائعة في الطبيعة من الممكن أن نستوحي منها حلول لما نواجهه من مشكلات.