لاشك في أن وضوح ساحة الرؤية لطبيب الأسنان وقوة الإضاءة من أهم العوامل التي تساعده على إنجاز العلاج على أكمل وجه، فمهما كانت مهارة الطبيب وتقدم الأجهزة التي يستعملها فإن عدم تمكنه من الرؤية الجيدة والدقيقة للسن المعالجة ستؤثر حتماً في مدى نجاح العلاج.
إن للأسنان جذوراً في داخلها أعصاب وأوردة دموية صغيرة جداً، وفي حال وصول التسوس إلى العمق داخل السن يحدث عندئذ ألم شديد يرغمنا على زيارة طبيب الأسنان، في تلك الحالة على طبيب الأسنان أن يقوم بتخدير السن والقيام بتنظيفها من التسوس، ومن ثم فتح حجرة العصب وتنظيفها، وتوسيعها وتطهير قنوات الجذور من الأعصاب والأوردة الدموية الصغيرة، ليقوم بعدها بإغلاقها بإحكام كي يمنع أي تسرّب جرثومي داخل الجذور مستقبلاً، وبالتالي يحول دون انتشارها في عظم الفك.
وهناك حالات معقدة خاصة بجذور الأسنان الخلفية أو بإعادة معالجة الجذور، ولا يمكن معالجتها جيداً، إلا من قبل اختصاصي معالجة الجذور، نظراً لكونه ذا خبرة كافية لعلاج تلك الحالات، كما يمكنه استخدام التقنيات المتطورة والحديثة التي تمكنه من إعطاء أفضل علاج لمريضه.
ومن التقنيات الحديثة المستخدمة في علاج جذور الأسنان يأتي مجهر الأعصاب الذي يكبر حجم حجرة ومداخل القنوات والقنوات حتى 20 مرة، بحيث يمكننا حينئذٍ أن نراها ونعقمها كلها بشكل أفضل. إن مجهر الأعصاب مهم جداً في حالات معالجة الجذور وخاصة إعادة معالجة الجذور، بحيث يمكن للطبيب أن يرى العواقب والصعوبات التي يمكن أن يواجهها داخل القنوات في الحالات المعقدة، ويساعد الجهاز على تحديد مواقع مداخل القنوات، بحيث يتم تعقيم كل قنوات السن وبالتالي عدم تعرضها بعد فترة للآلام والالتهابات، ويساعد مجهر الأعصاب الطبيب الاختصاصي على إبعاد شبح الخلع للكثير من الأسنان الملتهبة والمؤلمة.
كذلك يأتي ضمن التقنيات المتطورة والحديثة إبر العصب المتطورة، حيث إنه في السابق كان طبيب الأسنان يستعين بإبر يدوية رفيعة جداً لتنظيف العصب، ومن سيِّئات هذه التقنية القديمة طول مدة العلاج، ومن ثم الألم والخرَاّجات الناتجة عن التنظيف غير الكافي للعصب، ومن هنا تظهر أهمية استعمال إبر العصب المتطورة التي تعمل على جهاز خاص فتخولنا تنظيف العصب بطريقة سريعة غير مؤلمة وفعّالة جدّاً، إن عدد جلسات تنظيف العصب أصبح لا يتجاوز الجلستين في معظم الحالات، وإن الآلام ما بعد العلاج أصبحت مقبولة جداً مع تناول بعض المسكنات، بحيث إنها لا تتجاوز الثلاثة أيّام في معظم الحالات، وفي حالات إعادة معالجة العصب أصبح العلاج أسهل للمريض والطبيب معاً، بحيث باتت عملية إزالة حشوة قناة العصب بسيطة وسريعة وفعّالة. وإلى جانب التقنيات السابقة، هناك أيضاً تقنية محددة طول قناة العصب لتنظيف العصب بالكامل، وعلينا أن نعرف طول قناة العصب، وكان أطباء الأسنان في السابق يلجأون إلى وضع الإبرة داخل قناة العصب ومن ثم تصويرها مرّات عدة بالأشعة السينية، ما يعرض المريض لكمية زائدة من الأشعة غير الضرورية، وإن هذه التقنية ليست دقيقة لأن الصورة الشعاعية ثنائية الأبعاد D 2 وليست ثلاثية D3، كما إن تحديد طول قناة العصب يصبح مغلوطاً ما يؤدي إلى إغلاقه بشكل غير دقيق وبالتالي يسبب آلاماً مبرحة، لذلك فإن محدد طول العصب مهم جداً خاصة في حال وجود عدة قنوات متطابقة في صورة الأشعة، وهناك أيضاً تقنية الأجهزة فوق الصوتية للحصول على علاج فعّال وطويل الأمد. من هنا تأتي أهمية أن يكون الطبيب المعالج لأعصاب الأسنان متخصصاً في هذا المجال وعلى دراية بالطب المجهري، وأن يكون على اطلاع دائم على كل مستجد في عالم طب الأسنان كي يؤمن القاعدة الصالحة والصحيحة التي يخلق منها إشراقة الابتسامة الجميلة لمريضه بكل ثقة ورضا.