حوار قسم السياسة:
ربط النائب المستقل د.جاسم السعيدي، ترشحه في الانتخابات النيابية المقبلة، بعودة المعارضة إلى المجلس، إذ اعتبر نفسه لا يضيف شيئاً حالياً.
وأضاف السعيدي، في حوار مع «الوطن»، أن هدوءه في الفترة الأخيرة بالمجلس، حكمة سياسية، ورسالة يريد إيصالها إلى القيادة والحكومة والشعب.
وقال إن «الفساد الذي يدور في الرئاسة والأمانة العامة للمجلس، ضجر الكثير من النواب المخلصين، حتى وصل الحال أنهم لم يعاودوا الترشح بعد الدورة الأولى»، وأضاف «كمؤسسة تشريعية ورقابية لابد أن نكون أصدق وأنجح مؤسسة، عندما يأتي ديوان الرقابة والإدارية ويقول في المجلس فساداً، يفترض نحن أول من ننسحب من الساحة، إذ إن المجلس هو الطبيب المعالج للفساد».
وفيما يلي نص الحوار..
لوحظ بالدورين الأخيرين هدوؤك في المجلس وعدم استخدامك للأدوات الدستورية أو التداخل في الجلسات، ما سبب ذلك؟
السكوت حكمة والنطق حكمة، فالسياسي يعلم متى ينطق أو يسكت، لقوله عليه الصلاة والسلام «قل خيراً أو اصمت».
والواقع الذي نعيشه في الدورين الأخيرين، اللذين لم أنطق فيهما كثيراً، خاصة في الآونة الأخيرة، هو لحكمة سياسية لابد أن تصل إلى القيادة والحكومة والشعب، لماذا يصمت السعيدي؟.
وفعلاً الناس تتساءل عن السبب، لابد أن يعلموا أني من أكثر النواب استخداماً للأدوات الدستورية، إذ كنت صاحب أكبر عدد اقتراحات، في الدورة الأولى وجهت 197 مقترحاً، ومازال المجلس يعمل على اقتراحاتي، ويعيدونها الكتل النيابية أو يجددونها، كما وجهت العديد من الأسئلة للوزراء، وكانوا واضحين أنهم من باب الإصلاح.
ورغم عدم تفاعلي في الجلسات في الفترة الأخيرة، لكني من أنشط الأعضاء داخل مطبخ المجلس وهي اللجان، فلجنة التحقيق في تصريف مياه الأمطار، التي أرأسها يمكن أن تكون أنجح لجان المجلس، فمداخلاتي وآرائي أبديها في اللجنة، وأطلب من الأمانة العامة تسجيل كل ما أذكره في المضبطة، حتى أستشهد بها للتاريخ، فإذا سألني أحدهم أين حضورك في الجلسات، أقول له ارجع لنقاشي في اللجنة، لأن كلامي في المجلس يهمل ولا يوصل، رغم أني صاحب خبرة في العمل البرلماني، وتداخل النائب في الجلسات لا يعبر عن مستوى نشاطه.
يقال إن السبب وراء ذلك خلافات مع رئاسة المجلس؟
رئاسة المجلس لا تعنيني كثيراً، ما يهمني الفساد الذي يدور في الرئاسة والأمانة العامة للمجلس، وهذا ما ضجر الكثير من النواب المخلصين، حتى وصل الحال إلى أنهم لم يعاودوا الترشح بعد الدورة الأولى، وحصلت لي مشادة مع رئيس المجلس خليفة الظهراني بهذا الشأن، وقال لي قدم رسالة، وبالفعل قدمت دون استجابة.
هناك من يردد أن خلافك مع رئاسة المجلس بسبب رفض قبول طلبات توظيف تقدمت بها؟
لم أتقدم بأي طلب لتوظيف شخصية في المجلس، لا من قريب أو بعيد، ولم يتوظف لي أحد، ولو طلب مني شخص العمل في المجلس أقول له ستظلم، لأن 97% من الموظفين يشتكون من الظلم، أنا ألتقي بالكثير منهم ويشتكون لي لأنهم يعرفون ما هو خطي ونهجي، وحتى لو سألتموهم كصحافة سيقولون لكم نفس الكلام.
كمؤسسة تشريعية ورقابية لابد أن نكون أصدق وأنجح مؤسسة، عندما يأتي ديوان الرقابة والإدارية ويقول في المجلس فساداً، إذاً يفترض نحن أول من ننسحب من الساحة، إذ إن المجلس هو الطبيب المعالج للفساد، فإذا كان رب البيت بالدف ضارباً فشيمة أهل البيت كلهم الرقص.
إضافة إلى أن طريقة إدارة الرئاسة للجلسات فاشلة، إذ تنسف اللوائح التنظيمية لعمل المجلس.
في الجلسات هناك اتفاقات سابقة من يتداخل قبل الآخر، لإعطاء دور لكل منهم، فيتفقون قبل دخولهم هذا الشخص سيتكلم، أو هذه الجلسة لا أحد سيتداخل، وإذا طلبت الحديث يقول الرئيس نطبق اللائحة، وفي الجلسة الثانية يطلب أحدهم التداخل فيعطيه الفرصة ليكمل حديثه، ونائب ثانٍ يعطيه دقيقة، فلا توجد عدالة في القضية، إذ تطبق اللائحة على نواب دون غيرهم.
لا تشعر بتقدير المجلس لخبرتك؟
لا يوجد من يكافئني أو يقدرني بالمجلس، حتى زملائي النواب يشعرون بذلك.
القدماء في المجلس 5 أعضاء، خليفة الظهراني يتولى رئاسة، عبدالله الدوسري نائب أول، عادل المعاودة نائب ثان، د.علي أحمد ترأس لجنة لفصلين، جاسم السعيدي الذي عمل في المجلس 12 سنة، لم يكن إلا نائب رئيس للجنة الشؤون التشريعية والقانونية، وهذا الأمر غير منصف، وأنا حالياً الأكبر خبرة في اللجنة، وأقلها الآن يجب أن أكون أول من يمثل المجلس في المشاركات الخارجية المتعلقة بالجانب التشريعي.
ألم يؤثر انخفاض نشاطك النيابي في المجلس على موقعك؟
لم يؤثر مادمت أعمل بشكل صحيح، لأن الناس تعرف أن الباكية المستأجرة غير الثكلى، والناس تعرف من يتباكى الآن في المجلس، فشتان ما بين الأمرين، من جهة أخرى، لا يفرحني كثرة المادحين ولا يحزنني كثرة الناقدين.
هل أنت مع عودة المعارضة للمجلس؟
إذا لم تدخل المعارضة، وظل وضع المجلس على حاله، أنا شخصياً لن أترشح، إذا عدت للمجلس، فذلك من أجل البحرين، لأدافع عنها، لأني حالياً لا أضيف شيئاً.
إذن دخول السعيدي في الانتخابات مرتبط بترشح المعارضة؟
مرتبط برجوع أي من الفريق الذين يريدون أن يهدموا البحرين.
الكل يتكلم عن قوة المجلس السابق، لكن يعاب عليه عدم تقديمه الكثير للمواطن، بينما تعيب الآن ضعف المجلس الحالي رغم تحقيقه لإنجازات كثيرة.
أنا أؤيد المجلس الأول الذي أنجز الكثير..
لكن المعارضة لم تكن موجودة في الفصل الأول.
لا كان هناك عدد كبير من المعارضة مثل عبدالنبي سلمان وعلي السماهيجي، لكن الوضع يختلف تماماً، إذ كان النواب يريدون الإصلاح آنذاك، عكس عندما جاء الآخرون في 2006، والآن مجلس مصالح.
انتقدت ضعف المجلس، ووقت التصويت على الاستجواب أو الميزانية تكون أول المعارضين، ألا يعد ذلك تناقضاً؟
هي مسألة قناعات، عندما تأتي اليوم وتقول كيف تريد أن تبني بيتك، تحلم بمنزل كبير وحديقة واسعة، ولكن عندما تأتي للواقع ترى نفسك عاجزاً، وترجع للواقع الذي تعيشه، فعندما نريد تطوير، ونقول نريد في الميزانية عدداً من الطلبات، نرجع للميزانية نراها لا تكفي لتحقيق كل ذلك، فأنا مضطر للموافقة على تحقيق نصف ما أطلبه، فتصويتي غير عن قناعاتي، إنما للمصلحة العامة.
لوحظ في الجلسات الأخيرة تسرب النواب، ما يتسبب في رفع الجلسة أحياناً، هل الأمر نفسه يحدث في لجان المجلس؟
نعم الأمر طبيعي، أتكلم عن اللجان التي أحضرها، نعم يحدث ذلك.
الغياب دون عذر؟
المشكلة لا يقولون إنه غير مبرر، مثلاً ترأست لجنة التحقيق في الأمطار، بعضهم يعتذر للسفر، وآخر يقول سأوصل زوجتي للمستشفى وآتيكم بعد نصف ساعة، وهذا غير ممكن مثل من يقول بعد دقيقة، ويأتي بعد ساعة مثلاً ولا يمكن لك أن تحاسبه، واللجان كلها تشتكي من الأمر.
قبل بداية دور الانعقاد الجاري توعد النائب الأول لرئيس المجلس بمواجهة التسرب بالخصم على مكافآت النواب، هل هناك حالات طبق عليها ذلك؟
أحد الزملاء أعلمني أنه خصم من مكافأته، بالنسبة لي ليس لدي غياب، وإذا كان هناك فبعذر.
تشهد الجلسات أحياناً غياب عدد كبير من النواب للمشاركات الخارجية، ما تسبب في بعض الأوقات باختلال النصاب، هل عائد السفرات أكبر من حضور الجلسة؟
المشاركات الخارجية أغلبها شكلية، والمشكلة في الرئاسة، في أحد الجلسات اعتذر 12 نائباً عن الحضور للسفر، ولم نستطع بدء الجلسة لاختلال النصاب، في الوقت الذي نعرف فيه أن النائب الفلاني لا يحضر إلا الساعة 11:30 والثاني 12.
بعض النواب يسافر شهر ونص خارج البحرين، ويقولون إنها مهمة عمل.
ما تقييمك للتعاون الحكومي النيابي؟
يتضح أن وزراء الحكومة عاجزون عن التعاون مع مجلس النواب، لوجود فساد في بعض الوزارات، وقلت هذا الكلام في المجلس، إن بعض الوزراء مع الأسف مجرمين في حق الدولة وعاقين للبحرين، وإذا رجعنا لتقرير ديوان الرقابة سنجد تجاوزات وإهدار ملايين الدنانير لديهم.
ما سبب تأخر تنفيذ قانون إبراء الذمة المالية في نظرك؟
هناك فساد عريض، والحكومة تعلم بوجوده، وتعرف أنه ستحدث إخفاقات كبيرة جداً لو طبق القانون، لذلك عطل.
42% من النواب الحاليين عبروا عن رغبتهم في إعادة ترشحهم، كيف ترى حظوظهم؟
لا أعتقد سيصلون، الأوجه ستتغير تماماً، لأن الوضع اختلف، والوعي لدى المواطنين زاد، وأعتقد وصول المترشحين لقبة البرلمان لن يكون سهلاً.
ترى أن إدراك الناس زاد، ألن يكون للمال السياسي تأثير في حسم الانتخابات؟
بعض المناطق تحتاج لذلك، وسيصل من يدفع، وأخرى مثقفون وسيصوتون للأجدر، فبعد 12 سنة من التجربة البرلمانية، الأغلبية تغيرت أفكارهم وأصبح للناس خبرة، والدليل أن عدداً كبيراً من مرشحي الجمعيات لم يصلوا للمجلس في الانتخابات الماضية.
يقال إن امرأة ستترشح للانتخابات في الدائرة التي تمثلها، كيف ترى حظوظها في الانتخابات.
تبين أنه من الصعب نجاح المرأة في مثل مناطقنا، إذ نختلف عن المناطق الأخرى، سواء كنت أنا المنافس أو غيري.
هل ترى أن حظوظ المرأة ستزيد في الانتخابات المقبلة؟
لا أعتقد.
كيف تقيم أداء النساء في المجلس؟
يختلفن، البعض أداؤهن جيداً، وأخريات يكسرن الخاطر، لحد الآن لا يعرفن أين يتجهن.
المرأة بيّن عملها في البرلمان الكويتي، والبحرين من قبلهم، وكذلك في الدول العربية، تبين أنها تحتاج لفترة حتى تستطيع القيام بالدور المنوط بها، خاصة في الجانب التشريعي.
صدرت بعض الفتاوى التي تحارب دخول المرأة البرلمان، ما رأيك بها؟
أراه ضعفاً في الإدراك ممن يتحامل على المرأة، لأنها جزء من المجتمع، وأنا مع دخول المرأة في الأمور العامة.
هل سيمدد دور الانعقاد الجاري؟
يفترض أن ينتهي الدور في 22 مايو، ويحتمل في حال لم ننتهِ من المشاريع بقوانين أن يمدد شهراً.
ما موقفك من الحوار؟
موقفي من الحوار واضح، على ألا يكون هناك حوار إنما جلسات تفاهم مع المعارضة، ولا أقصد بذلك الفئة الضالة المجرمة، التي تريد تدمير البنية التحتية كلها، والوصول إلى الحكم.
كيف ستصل إلى حل إذن؟
أحصر أي نقاش أو حوار سياسي تحت قبة البرلمان، حتى يدخل المجلس من يريد الإصلاح.
لكن الطرف الآخر قالوا إنهم حاولوا التغيير عبر البرلمان، لكن الحكومة تحرك نوابها.
لتحرك الحكومة نوابها، هذه السياسة، بريطانيا فيها نفس الشيء.
يعني أنتم حكوميون؟
لماذا نتهم أننا حكوميون؟ مواقفنا خلاف ذلك.
لكنكم فشلتم في استجواب أي وزير.
الوفاق أسقطت بعض الاستجوابات التي دخلنا فيها، علينا أن نأخذ الموضوع امتداداً، منذ 2002 وإلى العام الجاري.
عندما تقسم الدولة نفسها إلى قسمين، فهي من تتحمل المسؤولية، فعندما تقول الوزير الفلاني يتبع للوفاق وثانٍ يتبع للأصالة وآخر للمنبر، يعني مستحيل أن يتكلم النائب الذي يتبع الوزير جمعيته عنه أو يقبل بمساءلته ومحاسبته، لأنه هم من أوصلوه لكرسي الوزارة.
كيف ترى ضغط وسائل التواصل الاجتماعي على النواب؟
أؤيد هذا الأمر، وهي ظاهرة جيدة، وأنا مع كشف الحقائق وتداولها بكل أريحية.
يقال إنك من قادة دعاة الفتنة؟
أنا من دعاة الفتنة، لكن ما هي الفتنة؟ الفتنة هي إدخال الذهب في النار لتظهر جودته من رداءته، وأنا من دعاتها. عندما صارت فتنة في البحرين، كثير من الناس لم يستطع عرض نفسه على النار، بل دخلوا بيوتهم، والجمعيات كلها نامت، من خرج لهم؟ دعاة الفتنة، نحن من تصدينا لهم.
يوم 18 فبراير، خرجنا في مسيرة من الفاتح، متجهين إلى دوار مجلس التعاون السابق، وكل الصحف كتبت عن ذلك، من قادت المسيرة غير عموم الناس؟ لكن نسي ذلك واعتمدوا على تجمع الفاتح.
لكن آلية التصادم لا توصل إلى حل.
لابد أن تكون المواجهة العقل بالعقل والسلاح بالسلاح، إذا واجهت جيشاً لست متكافئاً معه بالقوة سيتفوق عليك، إذا لم يكن هناك رجال في البحرين، الوفاق ستسيطر على المجلس والحكومة، فإما أن تكون فوق الرمال أو تحتها.
ما موقفك من جمعية تجمع الوحدة الوطنية؟
أنا لا أعرف أن هناك جمعية تجمع الوحدة الوطنية، أسمع جعجعة ولا أرى طحيناً، وليس لديهم شيء ليقدموه أصلاً.
يقال إن حاولت منازعة التجمع، بأنك أحد الأطراف ولك دور في التأسيس؟
بالعكس تركتهم، لأن مثل وضعي الآن في المجلس، لا أدخل كجزء، أنا كل.
هل ترى نفسك نداً لعيسى قاسم؟
أنا ند لكل المجرمين والمفسدين والمخرفين والمبتدعين.