أكد خبير التنمية البشرية الشيخ د.عبدالله المقابي أن ما يسمى بـ«المجلس العلمائي» المنحل بحكم قضائي كان يمارس الاضطهاد ضد الشيعة في البحرين، ولا يخدم الطائفة بل هو سبب أكبر وأكثر المشاكل فيها، مشيراً إلى أن الممثل الرسمي لشيعة البحرين هي الأوقاف الجعفرية والعلماء المعتدلين والشيعة أنفسهم، وأن المجلس لا يمثل إلا نفسه.
وأوضح الشيخ د.عبدالله المقابي أن المجلس العلمائي الذي أسسه مجموعة من علماء الدين مخالف للدستور والإجراء الذي تم من تأسيسه لا يتفق مع دستور المملكة والقوانين المتبعة، لصدوره بغير الأداة القانونية المقررة لهذه المسألة.
وأضاف أنه تم تأسيس المجلس ممن ينتمون لتيار ولاية الفقيه، متجاوزين تيارات الإخبارية والشيرازية والمستقلين وتيار السيستاني، وأنه لا يسمح لنشر أو التعريف بهذه التيارات.
وأشار المقابي إلى التدخلات الخارجية في شؤون الأوقاف الجعفرية ومن قبل المتنفذين من علماء ما يسمى بالمجلس العلمائي لتصل للتشهير ومطالبات بمقاطعة كافة أعمال الأوقاف وحصر منابعها وتجفيفها.
وتيرة التدخلات الخارجية
وقال الشيخ د.عبدالله المقابي «لم يجرؤ أحد من منتسبي الطائفة الشيعية في البحرين طيلة أعوام خلت من إنكار تمثيل الأوقاف الجعفرية للطائفة الشيعية في البحرين، والمعمول به وفق تعاطي الشيعة مع الأوقاف من خلال استكمال إجراءات تسجيل كافة المساجد والمآتم والحسينيات في الدائرة بشكل طوعي لا فرض فيه ولا جبر، ومن المعلوم أن أكثر من 4000 آلاف مسجد وحسينية ومأتم ووقف تحت مظلة الأوقاف، إذ تملك الأوقاف وتستملك الأراضي الوقفية والعقارات وتقوم بتأجيرها لصالح المواقع الموقوفة لها».
وأشار إلى أنه من المؤكد أن الأوقاف الجعفرية جهة رسمية من ناحية تنظيمية فقط، وهي جهة مستقلة لا تتدخل الدولة في أدنى شؤونها بل وتسعى الدولة لإعطاء الفرص المتاحة لتطويرها وزيادة رأس مالها، وشهدت الأوقاف الجعفرية صراع ما بعد عام 1979 بعد الثورة الخمينية في مطالبات من خارجي الدولة بضرورة تسليم الأوقاف الجعفرية للجهات الأهلية وانفصالها عن الدولة، ولم تعتن الإدارات السابقة للأوقاف الجعفرية ولا التابعين لها ولا الناس بهذه الدعوات التي تزيد وتيرة وسرعة ومطالبة بالذات ما بعد 2005 في الوقت الذي طرح القائمون عليها رؤية الكادر وضرورة استحقاق الإمام لراتب شهري يحفظ ماء وجهه من العوز والحاجة.
وأضاف أن الراتب المخصص لطلبة العلوم الدينية مخصص منذ سنين طويلة وليس بأمر جديد على الأوقاف الجعفرية، إذ كان من المعلوم استلام الطلبة لرواتب شهرية من الأوقاف ما قبل عام 1990 بمبالغ زهيدة زادت بعد ذلك بعام 1999 لتصل إلى 120 ديناراً شهرياً للطالب، وبحلول مشروع الكادر الذي سعى له العلماء بأنفسهم من خلال المطالبات المستمرة بهذا المخصص تم إقرار الكادر ووظف عليه ما فاق 350 طالب علم بحريني، يصل الراتب للمستفيد حتى 800 دينار شهرياً بامتيازات تأمينية وعلاوات وغيرها من المدرجة بحسب سلم الكادر والمؤهل للمستفيد.
وذكر أن وتيرة التدخلات الخارجية متفوقة منذ أحداث 14 فبراير والتي وجهت تركيزها على الأوقاف الجعفرية، وبمحاولات استمرت وتكررت للسيطرة على الأوقاف وهي الجهة الممثلة شرعاً للوقف الشرعي الشيعي وممثلة له، طالبت جهات عديدة بتغيير أعضاء الأوقاف الجعفرية الأمر الذي ارتأته القيادة من ضرورة وقف الفساد الذي لحق بالأوقاف فيما تم تبديل الأعضاء مرتين على التوالي بأقل من عامين، وبتعيين المرشحين لعضوية الأوقاف الحالية تمركزت محاولات لضرب القوة الوقفية بمطالبات مستمرة بإزاحة رئيس الأوقاف الحالي لأنه يخالف هواهم وهويتهم، وتستمر هذه المحاولات والمناشدات من اليوم الأول لصدور قرار تعيين الرئيس، فيما عمدت جهات محسوبة على الحكومة بزيارة لجلالة الملك طلباً لتنحية الرئيس الحالي.
وأوضح أن التركيز استمر وبالخصوص من بعد تعيين الرئيس الحالي للأوقاف وتتم متابعات وعقد مؤتمرات ومشاورات حتى يومنا هذا لتنحية الرئيس الحالي وعضويته، وفاقت المطالبات والتدخلات في شؤون الأوقاف الجعفرية من قبل المتنفذين من علماء ما يسمى بالمجلس الإسلامي العلمائي لتصل للتشهير ومطالبات بمقاطعة كافة أعمال الأوقاف وحصر منابعها وتجفيفها، ودعوات للعامة بعدم التعامل مع المجلس الحالي الذي اتضح جلياً محاربته لما له من مواقف وطنية مشرفة تخدم الدين والوطن والسلم الأهلي وتوحيد اللحمة الوطنية البحرينية.
محاولات زعزعة الثقة بالأوقاف
وأكد خبير التنمية البشرية، الدعوات المستمرة والتحريض المتواصل لا تكف من قم إلى البحرين ومن ما يسمى بالمجلس العلمائي بهدف زعزعة الثقة بالأوقاف، وتستغل هذه الأطراف القوانين والتنظيمات الجديدة التي قام بها مجلس الأوقاف من ضرورة تقنين المصاريف وإيقاف الفساد لصالح مشاريع تنموية تخدم المذهب والوطن، وبرزت هذه الاستفادة منذ قرار متابعة كادر الأئمة الذي لم يكن بالكادر المراقب وحتى الآن من ضرورة متابعة الأئمة والتزامهم لا أقل بصلاة واحدة في المسجد، وإلا فلم يتم الصرف عليهم وهم لا يدرون عن مساجدهم أو مساجد أخرى.
وأشار إلى أنه ولتقنين التنظيم تم استدعاء عدد من الأئمة وإبلاغهم بالمحافظة على صلاة الجماعة التي هي في النهاية محافظة على التزام المجتمع وتوعيته، ما جعل موقف ما يسمى بالمجلس العلمائي مغايراً لما كان في 2005 من إصداره بيان بحرمة وفسقية من يستلم الكادر، بل وفتوى لحرمة الصلاة خلف من يستلم الكادر بل ومقاطعته وأهله والتحريض ضده، ما جعل بعض الأئمة حبيس البيت من شدة الدعوات التحريضية والاعتداءات المتكررة بالضرب وحرق السيارات والتعدي على أبنائهم وأهاليهم والتعرض لهم بالشتم والإهانة ومقاطعتهم في الأفراح والأحزان والتحريض ضدهم، وهو ما يجري ضد كل من يقف ضد موقفهم وينحاز لخيار الوسطية والاعتدال بعيداً عن إملاءاتهم.
وأضاف أن الحرية التي يطالبون بها مفقودة عندهم مع كل من يختلف عنهم ولا يمكن للحرية أن تكون نبراساً لطريقهم فالمعمول به تسقيط كل شخصية لا تتماشى وميولهم، والدعوات القائمة بحرية المعتقد هي باطلة منهم قبل غيرهم إذ لا يسمح لنشر أي تيار أو التعريف به سوى تيار الولائية والخامنائية وهو تيار ولي الفقيه المعتمد والمعتبر لدى ما يسمى بالمجلس العلمائي، ويقصى منه أي تيار آخر يتعارض ووفق هواهم ومرادهم.
السعي للهيمنة على الشيعة
وأوضح المقابي أن ما يسمى بالمجلس العلمائي في البحرين وضع نفسه حاكماً على الشعب وعلى الطائفة الشيعية بمحاولته ومنذ تأسيسه بعد النظر والتدقيق بضرورة الهيمنة الكلية باسم الشيعة على الشيعة، اجتمعت 7 أفراد في بيت أحدهم لتفويض أنفسهم وحكم الوصاية على الشيعة وقاموا بالدعوة لتأسيس مجلسهم الذي لم تتم فيه بلورة وضعية الشيعة وخلافاتهم ومن ثم عين نفسه الوصي المباشر والممثل الرسمي عن الشيعة! الأمر الذي استهجنه القاصي والداني وحتى من كان على وفاق معهم أمثال الشيخ عبدالجليل المقداد الذي استقال والشيخ حسين نجاتي الذي رفض الدخول فيه وجمع من العلماء، ومن المثير لم يتم الموافقة على أي عالم من العلماء للدخول في المجلس الذي حددت له إدارته مجموعة شروط أبرزها انتماء العالم لخط الولاية فقط، وتم استبعاد الخط الشيرازي وخط البحراني والإخبارية وغيرهم، وقام أعضاء المجلس بتصنيف العلماء كما صنفت الكتل السابقة بالإيمانية والموثوق بها.
وقال إن الصراع مع الدولة كان أول المحاور للمجلس المذكور، وسحب بساط وصاية الدولة القانونية على مجموع الأموال الوقفية وغيرها التي تعتبر حقاً أصيلاً للدولة وتقنيناً لحصر ومعرفة الوارد والشارد لأن لا تتدخل عمليات إرهابية أو تمويل خارجي وهو حق ديمقراطي لكافة دول العالم وهو المعمول به، علماً أن المجلس فتح حساباً بنكياً وقام بشراء مبانٍ لصالح ريعه وقام بالجمع وطلب الدعم دون أي رسمية ولما طلب منه تسجيل ذلك المجلس رفض وقام بالهجوم على وزارة العدل والشؤون الإسلامية كونها الجهة المعنية بمثل هذه المنظمات.
وأشار إلى أنه حفاظاً على إرساء الأمن قامت وزارة العدل بالتغاضي عن مجهود المجلس وتأسيسه ثقة بها في العلماء ودون التدخل ما لم يتدخل الآخر في السياسة أو التسييس والتحريض، وظل المجلس حاكماً راعياً بالجبر لحقوق الشيعة دون وكالة ولا تفويض من أحد وتمادى المجلس وأتباعه بالسيطرة على كافة مواطن القوة الشيعية من مساجد ومنابر ومآتم وجمع أموال وحسينيات ومراكز تحفيظ القرآن ومراكز الناشئة والجمعيات الخيرية وحملات الحج والعمرة والمؤذنين والأئمة، وحاول المجلس جاهداً أن يترك التابع للكادر في الأوقاف ترك متابعته ويتم إعطاؤه مخصص 200 دينار لكل طالب يلتزم بالابتعاد عن كادر الأئمة.
لا يخدم الطائفة
وأكد الشيخ د.عبدالله المقابي أن الممثل الرسمي للشيعة وعنهم هم العلماء المعتدلين والشيعة أنفسهم، وأما ما يسمى بالمجلس الإسلامي العلمائي هو مجلس يمثل نفسه لا غير ومنتسبيه، ولا حق لأحد من تمثيل طائفة بأكملها دون انتخاب منها وتزكية، ويدرك أغلب الشيعة في البحرين أن المجلس المذكور لا يخدم الطائفة الشيعية بل هو سبب أكبر وأكثر المشاكل فيها، وبدعواه من تمثيلها بطلان بذات الدعوى الباطلة، وإن كان المجلس المذكور حدد نفسه الوصي فليثبت للعالم وصايته وتمثيله، إنما يراد من هذا التمثيل باطل باسم الدين، وزرع الفتن بين أبناء الطوائف والأمم. وذكر أن المجلس العلمائي الذي قام بتأسيسه مجموعة من علماء الدين مخالف للدستور والإجراء الذي تم من تأسيسه لا يتفق مع دستور المملكة والقوانين المتبعة، لصدوره بغير الأداة القانونية المقررة لهذه المسألة، فالمجلس المذكور مخالف للدين والأعراف ويخالف القانون.
وأكد أن الدليل في تدليس الحقائق من أول تصريح بعد الإعلان عنه الذي أكد فيه عضو الهيئة المركزية للمجلس الشيخ محمد صنقور وقتها أن كل التيارات الإسلامية (الشيعية) دعيت إلى المشاركة في تأسيس المجلس العلمائي، وأنها فعلاً شاركت كل التيارات في التأسيس عدا تيار واحد كانت له وجهة نظر مختلفة في النظام الأساسي للمجلس.
وأشار المقابي إلى أن صنقور قال إن باب التسجيل في الجمعية العمومية للمجلس سيظل مفتوحاً وضمن شروط يمكن لطلبة العلم الاطلاع عليها، والأخرى حين سؤال المذكور عما إذا كان المجلس العلمائي الجديد سيشتغل بالسياسة اكتفى صنقور بالقول: إن المهمة الأساسية للمجلس ترتبط بالشؤون الدينية والاجتماعية وهو عكس ما تم الإعلان عنه تماماً، إضافة لذكره كل التيارات عدا تيار واحد وهو مخالف للواقع فلا تيار الإخبارية دخل ولا تيار الشيرازية ولا تيار المستقلين ولا تيار السيستاني ولا غيرهم سوى الولائية فقط.