عواصم - (وكالات): أعلنت الأمم المتحدة أنها "تتوقع أن يصل عدد الفارين والهاربين من مسلمي الروهينغا من بورما إلى بنغلادش إلى نحو 300 ألف شخص"، فيما استدعت بنغلادش الأربعاء السفير البورمي للاحتجاج على زرع ألغام في منطقة حدودية بين البلدين بعدما انفجر عدد منها وأدى إلى إصابات بالغة في صفوف المهاجرين الروهينغا الفارّين من أعمال العنف، بينما أكدت تقارير أن "بنغلادش بحاجة ماسة إلى توفير المأوى والمياه والغذاء للنازحين المسلمين".

وأعلنت بورما أنها تتفاوض مع روسيا والصين لضمان تحركهما لعرقلة أي إدانة من مجلس الأمن لأعمال العنف التي أجبرت 300 ألف من مسلمي الروهينغا على النزوح الجماعي إلى بنجلادش خلال أقل من أسبوعين.

وهي المرة الثانية التي تستدعي فيها دكا سفير بورما منذ اندلاع الموجة الجديدة من أعمال العنف في ولاية راخين، والتي دفعت 150 ألف شخص معظمهم من المسلمين الروهينغا للفرار نحو بنغلادش في 12 يوما.



وأصيب عدد من اللاجئين بسبب الألغام، ومنهم من فقد رجله أو ذراعه.

وجاء في بيان صادر عن الخارجية البنغلادشية أن المسؤولين "أعربوا عن قلقهم إثر المعلومات التي تحدثت عن إقدام قوات الأمن البورمية على زرع ألغام عند الحدود".

وأكد عدد من حرس الحدود البنغلادشيين أنهم سمعوا أصوات انفجارات قوية خلال الأيام الماضية، وأنهم رأوا عدداً من اللاجئين الجرحى. وقال هؤلاء اللاجئون إن ألغاماً انفجرت بهم.

وتشتبه بنغلادش في أن السلطات البورمية تزرع الألغام لمنع اللاجئين من العودة إلى قراهم في أراضيها.

ولم يصدر عن السلطات البورمية أي تعليق رسمي حول المسألة.

وفي رسالة نادرة إلى مجلس الأمن أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس عن قلقه من احتمال تحول العنف في راخين إلى "كارثة إنسانية".

وحذر من مخاطر حدوث تطهير عرقي في بورما ربما يتسبب في زعزعة استقرار المنطقة.

لكن مستشارة الدولة في بورما أونغ سان سو تشي تحدّثت الأربعاء عن "كم هائل من الأخبار المضللة" يغذي السخط العالمي على معاملة بورما لأقلية الروهينغا المسلمة.

وهذا الموقف هو الأول منذ اندلاع موجة العنف الجديدة في آخر أغسطس لأونغ سان سو تشي الحائزة جائزة نوبل للسلام والتي تواجه حكومتها انتقادات دولية متزايدة لصمتها عما يجري لأقلية الروهينغا.

واعتبرت أونغ سان سو تشي الأربعاء أن "كماً هائلاً من الأخبار المضللة" تغذي السخط العالمي على معاملة بورما لأقلية الروهينغا المسلمة، وذلك بعد أن دعت الأمم المتحدة حكومتها إلى وضع حد للعنف الذي أجبر 125 ألفاً على الفرار إلى بنغلادش.

وقالت في اتصال هاتفي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن التعاطف الدولي مع مسلمي الروهينغا هو نتيجة "كم هائل من المعلومات المضللة التي أعدت لخلق الكثير من المشكلات بين مختلف المجموعات ولمصلحة الارهابيين".

وسبق أن ندد أردوغان مرارا بتعامل السلطات البورمية مع الروهينغا متحدثا عن "إبادة جماعية" في لاية راخين الواقعة شمال غرب بورما.

لكن سو تشي دافعت عن إجراءات حكومتها قائلة إن إدارتها "تدافع عن جميع السكان" في تلك المنطقة.

وتواجه حكومة سو تشي إدانة دولية متزايدة لرد الجيش، إضافة إلى روايات اللاجئين عن عمليات قتل واغتصاب وإحراق قرى بأيدي الجنود البورميين.

وأعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط عن "استنكاره الشديد لتصاعد الانتهاكات المختلفة التي تردد على مدى الأيام الأخيرة وقوعها بحق أقلية الروهينغا المسلمة في ميانمار الأمر، الذي أسفر عن مقتل أعداد ملموسة منهم وتشريد ونزوح أعداد أخرى ضخمة خارج ديارهم".

وطالبت مصر السلطات البورمية بتوفير "الحماية اللازمة لمسلمي الروهينغا".

وتدفقت أعداد كبيرة من اللاجئين الروهينغا عبر الحدود إلى بنغلادش هرباً من عملية أمنية واسعة في ولاية راخين غرب بورما، في أعقاب هجمات لمسلحين من الروهينغا على مراكز للشرطة البورمية في 25 أغسطس الماضي.

وقالت فيفيان تان المتحدثة باسم المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة "إنها أزمة إنسانية متصاعدة".

وشاهد مراسل وكالة فرانس برس عشرات اللاجئين يعبرون نهر ناف وقد وصلت مياهه حتى صدورهم، للوصول إلى بنغلادش بعد السير لفترة طويلة في الأدغال.

وقال اللاجئ علي أحمد "38 عاماً"، وقد بدا منهكاً "سرت لسبعة أيام مع أسرتي، حاملاً والدتي البالغة 90 عاماً على ظهري".

وعثر في شواطئ بنغلادش على جثث لخمسة أطفال الأربعاء بعدما غرق قاربهم.

وقالت غول بهار وهي والدة لستة أبناء إنها قايضت مجوهراتها برحلة مركب. وأضافت "وصلنا بسلام بحمد الله لكننا الآن لسنا سوى لاجئين معدمين".

ولطالما تجنّب الروهينغا أعمال العنف إلى حد كبير، وفي أكتوبر الماضي قامت جماعة تطلق على نفسها اسم "جيش إنقاذ الروهينغا في أراكان" بشن سلسلة من الهجمات على مراكز للشرطة مما أدى إلى عملية واسعة.

واندلعت الموجة الجديدة من أعمال العنف في 25 أغسطس الماضي، بعدما هاجم مسلحون من الروهينغا مراكز للشرطة. ثم أطلق الجيش عملية واسعة أسفرت عن 400 قتيل.

ويعاني الروهنيغا البالغ عددهم نحو مليون شخص من تمييز في بورما.

وتعتبرهم السلطات البورمية مهاجرين غير شرعيين علماً بأن منهم من يعيش منذ عقود في البلد ذي الغالبية البوذية.

وهم غير قادرين على العمل أو دخول المدارس والمستشفيات. وقد ازداد وضعهم سوءا مع المد القومي البوذي الذي يشهده البلد.

ويتزايد الغضب في الدول المسلمة خصوصاً. فقد تظاهر الآلاف في جاكرتا الأربعاء أمام سفارة بورما مطالبين بإنهاء أعمال العنف.

وقالت الناشطة الباكستانية الحائزة جائزة نوبل السلام ملالا يوسفزاي "قلبي ينفطر كلما شاهدت الأخبار قلبي ينفطر إزاء معاناة الروهينغا المسلمين في بورما".

وأضافت "في السنوات الأخيرة كررت إدانتي لهذه المعاملة المأساوية والمخزية للروهينغا. ما زالت أنتظر من زميلتي أونغ سان سو تشي فعل المثل".

يقول المحللون إن تصلب سو تشي رغم سنوات من الضغط من قبل منظمات حقوقية هو لاسترضاء الجيش الذي لا يزال قويا بعدما حكم البلاد مباشرة خمسين عاما، وأيضا لمراعاة القومية البوذية المتصاعدة في الدولة الواقعة جنوب شرق آسيا.

وفي وقت سابق هذا العام قال محققو الامم المتحدة إن جيش بورما استخدم "وحشية مدمرة" في عمليته الأمنية في ما يمكن أن يرقى إتطهير عرقي للروهينغا.