بلغ حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في أوروبا أعلى مستوى على الإطلاق العام الماضي وفق المسح السنوي التي أعدته شركة "ايرنست ويونغ" عن جاذبية الاستثمار الأوروبي.

النسخة 12 من التقرير شملت تحليلا للاستثمار الدولي في أوروبا واستطلاع آراء أكثر من 800 من المدراء التنفيذيين العالميين حول اتجاه ونوعية الاستثمار العالمي في السنوات 10 المقبلة.

وعلى الرغم من أن أوروبا خرجت من الركود الاقتصادي في منتصف السنة الماضية، إلا أن 2013 سجلت رقما قياسيا في عدد المشاريع الممولة من المستثمرين والتي وصلت إلى 3995 مشروعا، أي بزيادة 4% في 2012. ومن بين الأسواق الرئيسية الأكثر استقطاب لهذه الاستثمارات الأجنبية المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا، فيما شهدت إسبانيا وأوروبا الشرقية انخفاضا في جلب أموال الأجانب.

وقال مارك ليرميت، معد التقرير ورئيس الخدمات الاستشارية التابعة لشركة إيرنست ويونغ، "قد يكون عام 2013 نقطة تحول الثقة الاقتصادية وقرارات الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث خرجت اقتصادات العديد من الدول الأوروبية من الركود بعد سنوات من التراجع. وبدأت الشركات ترى النمو والأرباح من جديد، وهو بمثابة أعطاء الضوء الأخضر لمقترحات الاستثمار".

وجهات الاستثمار الأجنبي المباشر

المملكة المتحدة تصدرت الاستثمارات الأجنبية المباشرة فيها بـ 799 مشروعا العام الماضي، وهو ارتفاع بـ15%، أما ألمانيا فأظهرت زيادة قوية بنسبة 12% وصل عدد مشاريعها 701. والمفاجئ في التقرير هو تمكن فرنسا من وقف تراجعها كوجهة استثمارية بزيادة جلب تمويل مشاريع بنسبة 9%، فيما احتلت إسبانيا المركز الرابع مناصفة مع بلجيكا بالرغم من تراجع استثماراتها بنسبة 19% في 2012، وحلت هولندا خامسة.

وتراجعت المشاريع الاستثمارية في وسط وشرق أوروبا بما في ذلك روسيا بما يقرب 5%، بينما انخفض خلق فرص العمل بنسبة 4% جراء الأزمة التي طال أمدها، وأثرت على عدد قرارات شركات السيارات في أوروبا الغربية والمتعاقدين معها أو الخدمات المشتركة مع شركات أخرى في الجزء الشرقي من القارة الأوروبية.

ويعزز خروج أوروبا من الركود الاقتصادي موقفها كمحرك للابتكار والاستثمار، وكانت قطاعات البرمجيات والصيدلة والبحث العلمي الأكثر جلبا لتمويل مشاريعها بزيادة تصل ما بين 23% إلى 96%.

وتعتبر الولايات المتحدة أكبر مستثمر أجنبي في أوروبا بتمويل 1027 مشروعا، أو ما نسبته 26% من المشاريع الأوروبية العام الماضي.

وارتفعت حصة المملكة المتحدة من استثمارات الأميركيين من 26% إلى 27%، وهي نسبة تقارب ضعف أقرب منافسيها ألمانيا.

من جهة أخرى، انخفض الاستثمار الأميركي في أوروبا بنسبة 2% لكن في المقابل شهدت دول البرازيل، وروسيا، والهند، والصين وجنوب إفريقيا المعروفة اختصارا بـ"بريكس" ارتفاعا في عدد المشاريع الاستثمارية بنسبة 28% العام الماضي واستحداث 16900 فرصة عمل. وزادت الاستثمارات الصينية 3 أضعاف في السنوات الست الماضية، كما شهدت روسيا والهند أعلى مستويات تمويل مشاريعها في 2013.

المستثمرون أكثر ثقة في أوروبا

وأظهر التقرير أن نهاية الركود الاقتصادي كان له وقع على آراء المستثمرين حول الآفاق المستقبلية للاستثمار الأجنبي المباشر في أوروبا. وتوقع 39% أن تكون أوروبا وجهة استثمارية أكثر جاذبية في السنوات الثلاث المقبلة، مقابل 23% يعتقدون أن أوروبا ستصبح أسوأ مما هي عليه، فيما قال 54% إن عام 2014 سيشهد تحسناً اقتصادياً، بينما يرى 12% أن الاقتصاد سيتراجع.

ويتوقع المستثمرون أن تلعب قطاعات تكنولوجيا المعلومات والعلوم والطاقة دورا رئيسيا في نمو الاقتصاد الأوروبي على مدى السنوات 10 المقبلة، وسلطوا الضوء في نفس الوقت على بعض نقاط الضعف التي ستواجه الاقتصاد في المدى الطويل، وتتمثل في الدرجة الأولى على الحاجة إلى تحسين التنقل وتطور المهارات وخفض الإجراءات القانونية وتعميق التكامل الاقتصادي.