كتب - إبراهيم الزياني:
مرر مجلس الشورى أمس قانون المرور بالتوافق مع النواب حول منع المقيم الأجنبي من الحصول على رخصة قيادة، إلا إذا كانت طبيعة عمله تقتضي ذلك، فيما أوضحت وزارة الداخلية أن اللائحة التنفيذية ستستثني، 26 فئة بينها، أعضاء الهيئات الدبلوماسية وأساتذة الجامعات والمعاهد، والأطباء والصيادلة وأعضاء الهيئات التمريضية، والصحافيون والإعلاميون والمهندسون والمحاسبون، ومديرو الشركات والمؤسسات من الدرجة الوظيفية المتوسطة وأعلى.
وقرر المجلس أن يرفع التماساً إلى جلالة الملك، لإحالة مادة منع الأجنبي من السياقة إلى المحكمة الدستورية، للتأكد من سلامتها واتساقها مع الاتفاقات الدولية التي وقعتها المملكة.
وتوافق المجلس مع النواب على المادة (25)، التي اشترطت كشف أثنى عن وجه المنقبة، بعد أن رفض ذلك في وقت سابق، لما اعتبره «صعوبة تطبيق النص من الناحية العملية»، لتنهي بذلك السلطة التشريعية مناقشة قانون المرور الجديد، بعد 6 سنوات من الدراسة.
واطلع المجلس على فتوى هيئة التشريع والإفتاء القانوني حول مادة منع الأجنبي، التي وصلت إلى المجلس أمس الأول، وذكرت في فحواها أن «النص بعد تعديله جاء أكثر مرونة، حينما اتخذ معيار طبيعة العمل أساساً لتنظيم منح ترخيص القيادة للأجانب، وأناط باللائحة التنفيذية للقانون تحديدها، الأمر الذي يمكن معه تجنب ما قد يثيره النص من أي ملاحظة تعوق إصداره».
ونصت الفتوى على أنه «لما كان الهدف والمقصد التشريعي من النص تنظيم الحق ووضعه في إطار قانوني وقالب عملي قابل للتطبيق، ولا يخالف أي التزام سبق للملكة أن وقعت عليه، فإن موافقة الشورى على النص موضوع طلب الرأي من عدمه، تدخل في دائرة الملاءمات التشريعية التي يقررها المجلس».
وقالت العضو الشوري دلال الزايد «الموقف صعب جداً في المادتين، تحديداً في الرقم (20)، إذ إن المادة الناصة على اشتراط كشف أنثى على المنقبة لا خلاف عليها، طالما أن وزارة الداخلية تستطيع تنفيذ الالتزام».
وأضافت «يبقى الخلاف بالمادة الحاظرة على الأجنبي المقيم الحصول على رخصة، مازلت أرى في المادة شيئاً ما، ولكن بعدما دققنا أكثر في نص المادة، وجدنا أنها تعطي انطباعات بمنح صلاحية في مضمون اللائحة التنفيذية، صحيح أن الوزير مقيد بوضع في اللائحة ما يعتمد له القانون من إطار عام لا يخرج عنه، ولكن النص الأصلي أعطى بعض المساحات».
وأردفت الزايد «هناك فئات نود أن نعرف هل ستتأثر بتطبيق المادة أم لا؟ فعندما نتكلم عن المرأة البحرينية المتزوجة من أجنبي من غير دول مجلس التعاون ولديها أبناء، وهناك حالات مماثلة موجودة في البحرين، هل أبناؤها سيستثنون من الحظر؟ أو الرجل البحريني المتزوج من أجنبية، هل ستمنح لها رخصة؟ إضافة إلى طلبة الجامعة، نحن نعرف عند ذكر طبيعة عملهم لا يندرج تحتها التعليم، فهل سيتأثرون من النص، كما إن زوجات بعض الخبراء الأجانب في البحرين ممن لا يعملون، ولكن هم من يديرون المنزل، من توصيل الأبناء وما إلى ذلك، فإذا منعتها من الحصول على رخصة فسيستعيض الخبير بسائق، فنحن كمن منعنا لحالة وأجزنا لأخرى»، داعية إلى توضيح ممثلي وزارة الداخلية في الجلسة الاستثناءات وحدود تطبيق المادة، وتثبيتها في مضبطة الجلسة.
وتنص المادة (20) على أنه «مع عدم الإخلال بالشروط الواجب توافرها في المادة السابقة، لا يجوز للأجانب المقيمين في مملكة البحرين، من غير مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، الحصول على رخصة قيادة أو قيادة مركبة آلية إلا إذا كانت طبيعة عمله تقتضي ذلك، وتحدد اللائحة التنفيذية طبيعة الأعمال الأخرى التي تمنح بموجبها رخص القيادة للأجانب أو يسمح لهم بقيادة مركبة آلية في مملكة البحرين».
وذكر العضو الشوري محمد الستري «التخوفات موجودة من تطبيق المادة، إذ إن إقرارها قد يسبب بعض المشاكل في عملية تشجيع الكفاءات والكوادر الأجنبية التي تحتاجها بعض القطاعات والشركات والدوائر الحكومية، للقدوم إلى البحرين».
وعبرت العضو الشوري نانسي خضوري عن تحفظها على منع الأجنبي من القيادة «المادة يجب حذفها، لتعارضها مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ولا تستقيم مع التزامات المملكة الدولية بهذا الشأن»، مشيرة إلى «الأثر السلبي لتطبيق النص، على التعامل مع الدول الأخرى، التي ترتبط مع البحرين بمعاهدات واتفاقيات ثنائية أو جماعية للتعاون، وليتمتع رعاياها بالحقوق والحريات الأساسية المتعارف عليها دولياً، منها حق الرفاهية والتنقل دون قيد أو شرط».
ورأت خضوري أنه «لا ضرر من عقد جلسة للمجلس الوطني، لمناقشة حذف المادة، خيراً من أن نتسرع، ونضع المملكة في موقف حرج مع الأجانب المقيمين وبقية الدول الشقيقة والصديقة».
وعلق رئيس المجلس علي الصالح على مداخلات من سبقه «يبدو أن من تداخلوا لم يقرؤوا فتوى هيئة التشريع، إذ إن آراءهم تعيدنا إلى المربع الأول، نحن أجلنا اتخاذ القرار للعودة إلى الهيئة، لأخذ رأيهم حول دستورية المادة، ومدى موافقتها للاتفاقات التي وقعتها المملكة».
وقال وزير شؤون مجلسي الشورى والنواب عبدالعزيز الفاضل، إن «قانون المرور مضى عليه في السلطة التشريعية 6 سنوات، وكلنا نعلم أن الهدف الأسمى منه حماية مستخدمي الطريق، إلا أن الناس يستخفون بالعقوبات لبساطتها، ففي أحد السنوات بلغت عدد حالات كسر الإشارة 18 ألفاً».
ورد على ما رآه أعضاء بوجود شبهة عدم دستورية في المادة (20) «اللجنة أخذت رأي هيئة التشريع التي أكدت دستوريته، وفي جوهر الأمر هو تنظيم، ويحق لكل دولة أن تمنعه، وهناك دول متطورة تحظر على ذلك، سنغافورة تضع شروطاً حتى على المواطنين للحصول على رخصة»، مؤكداً أن «الحكومة لا تقبل أي مادة فيها شبهة عدم دستورية».
واقترح رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بالمجلس الشيخ د.خالد آل خليفة، رفع التماس إلى جلالة الملك بعد الموافقة على المادة، بإحالة المادة إلى المحكمة الدستورية للتأكد من سلامتها، ولاقى المقترح استحسان الأعضاء.
وبين وزير المجلسين عبدالعزيز الفاضل أن «هناك سابقة مماثلة لعرض القانون على المحكمة الدستورية قبل إقراره، إذ بعدما دار لغط حول قانون غرفة المنازعات، اتفقنا -الحكومة- مع السلطة التشريعية على عرضه على المحكمة».
وقال العضو الشوري د.عبدالعزيز أبل إن «الصياغة الحالية أفضل من السابقة، التي كان فيها نزعة عنصرية، لأنها كانت موجهة لفئة العمالة».
وأضاف «تشرفنا أن تستضيف المملكة المحكمة العربية لحقوق الإنسان التي اقترحها جلالة الملك، وأعتقد أنها ستبطل النص في المستقبل، إذا لم يكن من الناحية الدستورية فمن الناحية الحقوق»، متسائلاً «كيف نضع هذا النص في دولة مدنية ترحب بالوافدين؟ يكفي أن نقول في نص (الأجانب) لنشعر بالعنصرية».
وتوافق أبل مع طلب الشيخ د.خالد آل خليفة بالالتماس من جلالة الملك إحالة النص للمحكمة الدستورية، للنظر فيه من الناحية الدستورية، ومدى مواءمته للاتفاقيات التي وقعتها البحرين، مشيراً إلى أنه سيوافق على القانون «مجبراً أخاك لا بطل».
من ناحيتها، تحفظت العضو الشوري هالة رمزي على المادة (20)، ولو لم تحتو على شبهة عدم دستورية، إذ رأت أن «النص يؤثر على صور المملكة في مجال حقوق الإنسان، الذي نتفاخر بتقدمه».
وأردفت «مع الأسف المواصلات العامة في المملكة تحت التطوير، ولم تصل إلى مستوى أن يستخدمها الأجانب كوسيلة للتنقل».
وعبر النائب الأول لرئيس المجلس جمال فخرو، عن تخوفه من إساءة تطبيق المادة، واستغلالها من قبل موظفين ضعاف النفوس، وخلق سوق سواء في عملية إصدار رخص السياقة.
وتساءل «ما هي الأعمال التي سيسمح للأجانب في الحصول على رخصة؟ نريد تطمينات، ليس لنا، إنما إلى 700 ألف أجنبي يقيم في البحرين، أكثر من نصف سكان المملكة».
ورد الوكيل المساعد للشؤون القانونية بوزارة الداخلية العميد محمد بوحمود على تساؤلات الأعضاء «أريد التأكيد على أربعة أمور، أولاً لا مساس بمبادئ الدستور، ولا إعاقة للحياة اليومية، ولا تعطيل لحياة الناس، وأخيراً لا تأثير على عجلة الاقتصاد بالمملكة».
وبين أن «اللائحة التنفيذية ستجيز لما لا يقل عن 26 فئة، إذا لم يكن أكثر بكثير من ذلك، الحصول على رخصة، وستكون على قدر كبير من المرونة، وستأخذ في الاعتبار الجانب الإنساني والعملي، إذ لن نرضى بقانون يعطل المسيرة والتنمية، أو تعطيل حياة أي فرد في المجتمع». وكشف بوحمود أن من الفئات التي ستجيز اللائحة التنفيذية لهم الحصول على رخصة قيادة «أعضاء الهيئات الدبلوماسية وأساتذة الجامعات والمعاهد، والأطباء والصيادلة وأعضاء الهيئات التمريضية، والصحافيون والإعلاميون والمهندسون والمحاسبون، ومديرو الشركات والمؤسسات من الدرجة الوظيفية المتوسطة وأعلى، كل تلك الفئات وأكثر ستشملها اللائحة التنفيذية، لكن العمال الذين لا يحتاجون لرخصة فسينظر في أمرهم».
كما ستجيز اللائحة لربات المنازل وزوجات البحرينيين الأجانب، وأزواج البحرينيات وأبنائهم، والطلبة المقيدين في الكليات والمعاهد، والطبقة الأهم المعاقين، إضافة إلى عائل المقيم.
من جهته، أوضح المدير العام للإدارة العامة للمرور الشيخ ناصر آل خليفة، أن «نقل العمالة، حسب الوضع الحالي فصاحب العمل يوفر مواصلات لهم للنقل الجماعي، ولن يتغير شيء بعد إقرار القانون، وهذه الفئة لا تطالب بالحصول على رخصة أصلاً».
والتمس الشيخ ناصر من الأعضاء إقرار القانون وعدم تعطيله، وقال «نناشدكم في الإدارة العامة للمرور، بتمرير القانون، لحاجتنا لتغليظ العقوبة، لأننا لا نملك حالياً أدوات، لدينا مشاريع كبيرة نقوم بها من وضع كاميرات وغيرها، إذا لم يصاحبها قانون شديد أصبحت التنقية لا أثر لها».
وبعد نقاش طويل، وأخذ ورد بين الأعضاء وممثلي الحكومة، وافق المجلس بأغلبية أعضائه على مشروع قانون المرور الجديد، بواقع 15 عضواً، مقابل 8 رافضين.