جعفر الديري:
أمر ليس سهلا أبدا؛ أن يكف عن التدخين؛ امرء قضى أكثر من 20 عاما وأكثر بصحبة السيجارة!. لكنه ليس مستحيلا. في ذكرى اليوم العالمي للكف عن التدخين، 31 الجاري، كان لنا هذه اللقاءات مع مدخنين "شرهين" تمكنوا بارادتهم من التخلص من السيجارة!.
رحم الله أخي
أحد هؤلاء ياسر عبدالحميد، قضى 20 عاما مدخنا شرها، يتناول في اليوم أكثر من 60 سيجارة، حتى أنه لا يستخدم ولاعة، بل سيجارة تشعل أخرى!. يقول عبدالحميد، عن السبب وراء ذلك: كان ذلك بعد موت أخي رحمه الله، بسبب السرطان. وأتذكر جيدا ملامحه ونحن في غرفة الطبيب، قال له بالحرف الواحد: لقد جنيت على نفسك، أنت تعاني من سرطان الرئة، والسبب دون مقدمات هو التدخين!. كان قد انهار تماما، كما انهرت أنا أيضا. ومن يومها وانا معه من مستشفى لآخر حتى ذوى بفعل العلاج الكيماوي، الى أن أسلم الروح.
ويضيف عبدالحميد: كنت طوال تلك الفترة، من علاج أخي، أتجنب الكشف خوفا من أن يكون حالي كحاله، حتى هبّت علي ريح من الشجاعة، فأجريت الكشف وأنا في رعب عظيم، والحمد لله منّ تعالى علي بحياة أخرى، فعاهدت نفسي على ترك التدخين، حتى انقطعت عنه ولله الحمد.
طفل في السابعة
أما الحاج صالح جواد، فكان السبب وراء تركه التدخين؛ طفل لا يجاوز السابعة. يقول الحاج جواد: قبل 10 أعوام، كان لدي أرض أزرعها، وكان بن الجيران أحمد، يأتي لمساعدتي، فكنت أدفع له المال ليشتري لي علبة السيجار، وكان لا يتأخر أبدا. وحدث يوما أن تأخر، ونفذ السيجار، فأصبت بحالة جنون، دفعتني لضرب الطفل، وبعد ذلك عدت الى رشدي، فندمت على ما اقترفت يدي.
ويضيف جواد: جعلت أتأمل في نفسي، وتساءلت هل تستحق سيجارة لعينة أن ألطم طفلا صغيرا؟!، ومن يومها تركت التدخين!.
معاناة متوقعة
لكن عبدالغفور خليل، عانى كثيرا حتى تمكن من ترك التدخين، يقول عبدالغفور: في البداية، أصبح مزاجي كريها، وغضبي لا يطاق، وأشكر زوجي وأبنائي لصبرهم وتحملهم الأذية. لقد تحولت لوحش، وبعد ذلك، بدأت رئتي بنفض الأوساخ، وعانيت كثيرا من الألم والسعال الدائم والنوم المضطرب، لكنني كنت مصمما وقد نجحت بتوفيق الله ومنه.
ويضيف عبدالغفور: ان كل منا يمتلك عقلا كبيرا، ولا أعلم كيف للانسان أن يضعه في ثلاجة، ويوقفه عن التفكير؟! ورغم اني تركت التدخين منذ أكثر من ثلاثة أعوام، الا انني كلما تذكرت تلك الفترة أسفت على نفسي، وعلى ما جنيت عليه طوال سنوات التدخين الطويلة.