كتب - وليد صبري:
كشفت منسقة عيادات الإقلاع عن التبغ بوزارة الصحة وعضو اللجنة الخليجية لمكافحة التبغ د. مها الكواري عن أن «1800 شخص، معظمهم من الرجال، قاموا بمراجعة عيادات الإقلاع عن التدخين منذ 2004». وأضافت د.الكواري في تصريح لـ «الوطن» بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التدخين أن «هناك 3 عيادات بالمراكز الصحية، الأولى بدأت في مركز الحورة، بواقع 3 مرات في الأسبوع، تغطي جميع مناطق المملكة بدأت في 2004، ولحقتها عيادة أخرى في مركز حمد كانو الصحي، لتغطي المنطقة الوسطى بواقع يوم واحد في الأسبوع في سنة 2012، وفي شهر مايو الجاري افتتحت عيادة ثالثة في مركز بنك البحرين والكويت بالحد لتغطي منطقة المحرق».
وبشأن التخصصات الموجودة في عيادات الإقلاع عن التدخين، وكيفية إدارتها، قالت د.الكواري إن «العيادة تدار بطبيب وأخصائي تعزيز الصحة وممرضة أحياناً، وتستقبل العيادات الراغبين في الإقلاع عن التبغ ليدخلوا في خطوات العلاج، ويبدأ العلاج بأخذ بيانات كاملة عن المراجع مع أسئلة خاصة عن استعماله التبغ لتحليلها، ومن ثم يبدأ عمل بعض الفحوصات له، عامة وخاصة، «كأول أكسيد الكربون وكفاءة الرئة»، ومن ثم يدخل إلى فترة الاستشارة الطبية ومناقشة وتحليل ما جاء بالاستمارة، ويحدد بعدها نوع العلاج الذي سيقدم له، وقد يتكون من بدائل النيكوتين أو الحبوب أو الاثنان معاً».
آلية العلاج
وفي رد على سؤال حول آلية العلاج في عيادات الإقلاع عن التدخين، أوضحت د. الكواري أنه «يتم تحويل المدخن بعدة طرق، أما الشخص نفسه يتواصل مع المسؤولين عن العيادة، أو عن طريق تحويل من قبل المراكز الصحية وعيادات الأصحاء بالمراكز، وحاليا تم تدشين خط ساخن رقمه «66399855» لاستقبال المراجعين في الفترة الصباحية من السابعة صباحا وحتى الساعة الثانية ظهراً».
وذكرت أن «آخر إحصائيات أظهرت أن نسبة مستعملي التبغ من المراهقين في البحرين تصل إلى 23.36%، بينهم 18.2% يدخنون الشيشة، بينما تبلغ نسبة الذكور من المراهقين مستعملي التبغ 33.5%، ونسبة الإناث 11.9%، أما نسبة مستعملي التبغ من البالغين فتبلغ 19.9%، بينهم 8.4% يدخنون الشيشة، ونسبة الذكور من البالغين مستعملي التبغ 33.4%، في مقابل 11.9% من الإناث». ولفتت د.الكواري إلى أن «تلك النسب تشمل البحرينيين فقط، حيث لم تشمل عمليات المسح غير البحرينيين»، مضيفة أن «النسب ربما تكون أكبر بين غير البحرينيين، خاصة طبقة العمال». وقالت د.الكواري إن «التدخين يتسبب في وفاة 6 ملايين شخص سنوياً بينهم 600 ألف شخص يتعرضون للوفاة جراء التدخين غير المباشر»، لافتة إلى أنه «من المتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 8 ملايين في 2030، حسب منظمة الصحة العالمية».
وفيما يتعلق بالبحرين، ووفقاً لوفيات 2010، أوضحت د. الكواري أن «التقديرات تشير إلى أن نسبة وفيات أمراض القلب والشرايين كانت 16%، والسرطان 13%، من مجموع الوفيات بالمملكة».
آثار سلبية
وفي رد على سؤال حول أبرز الآثار السلبية على الصحة جراء التدخين، والأمراض المحتمل أن يصاب بها المدخن، أفادت د.الكواري بأن «التبغ هو المسبب الرئيس لأمراض القلب والشرايين وسرطان الرئة، وأنه أحد الأسباب الرئيسة للوفاة بالعالم، فإذا أخذنا آثاره فإنها لا تقتصر على الآثار الصحية فقط، كما هو المعلوم، فإن التبغ يحمل سموم وأدخنة تصل إلى دم المدخن، ومن سيتنشق معه الدخان «التدخين السلبي»، ومن هذا المنطلق فلا نتوقع أن تكون هناك خلية بالجسم لا تتأثر من وجود هذه السموم والأبخرة، فالسموم قد تؤدي إلى تغيرات في الخلية أما وظيفياً أو تركيبياً، والأدخنة ومعها أول أكسيد الكربون الذي ينقص كمية الأكسجين المتوفرة إلى خلايا الجسم مما يزيد آثار السموم ويقلل من تغذية الخلية، ومن المعروف أن التبغ يؤثر على الرئة والقصبات الهوائية ومجرى التنفس، كما إنه يؤثر على الأوردة والشرايين والقلب وضرباته، والأجهزة الأخرى كالمعدة والكبد والكلى والمثانة والمخ والأعصاب والعين، ناهيك عن الأضرار الأخرى، والتي قد تكون أضراراً اجتماعية أبرزها المشاكل الأسرية، وقد يسبب الطلاق بين الزوجين، إضافة إلى الأضرار المالية، نظراً للأموال التي تصرف على التبغ، والتي للأسف تحرق ويحرق معها جسم مستعمل التبغ، كما إنه لا يمكن تجاهل المشاكل البيئية نظراً للسموم والغازات المنبعثة من دخان التبغ من السجائر والشيشة والتي تغير من تركيبات الهواء المخصص للتنفس، هذا بالإضافة إلى المشاكل النفسية، حيث ‘ن المدخن يعتقد أنه لا يمكنه الحصول على الأصدقاء إلا مع التدخين، وهذا ما ينافي الحقيقة خاصة أن 5/4 من أفراد المجتمع هم من غير المدخنين، كما إن هذا الاعتقاد يجعله يظن أن التبغ هو المتعة الوحيدة بالحياة مما يجعله حبيسها ويجعلها الجليس الوحيد له».
وقالت د.الكواري إن «هناك آثاراً ضارة للتبغ على الأطفال والرضع والحوامل، ويكون التأثير كبيراً وأشد خطراً على الرضع والأطفال وصغار السن لأنهم أكثر حساسية من البالغين»، مشيرة إلى أنه «إذا كان الأطفال مدخنين أو يتعرضون للتدخين السلبي فإنهم معرضين لنفس الأمراض التي قد يتعرض لها البالغين، ويكون الأطفال لأمهات وآباء مدخنين، أكثر عرضه للموت المفاجئ، والإصابة بالأمراض التنفسية والتهابات الأذن المتكررة مع العصبية والبكاء المتكرر».
وأوضحت أنه «بالنسبة للأطفال والأم المرضع، إذا كانت مدخنة أو تتعرض لدخان التبغ، فإن السموم قد تنتقل للطفل من خلال الحليب الذي يأخذه الطفل منها، حيث أثبتت الدراسات والتجارب العملية أن مادة النيكوتين تذاب في حليب الأم وتنتقل إلى الطفل، كما أن الأمراض تنقل من الحامل إلى الجنين من خلال المشيمة، وقد تؤدي السموم إلى تناقص وزن الجنين، أو حدوث حالات إجهاض مبكرة، وربما وفاة الجنين في الرحم، أو الإصابة بتشوهات خلقية».
السيجارة الإلكترونية
وفيما يتعلق بالسيجارة الإلكترونية، ذكرت د.الكواري أنه «شيء حديث، لم يشبع دراسات إلى الآن، وللأسف يتم الترويج لها على أنها بديل عن السجائر، أو أنها علاج للإقلاع عن التبغ، ولكن للأسف لم يتم التأكد من ذلك علمياً، ولم يتم اعتمادها من قبل منظمة الغــــذاء والـــــدواء كعــــلاج، وحالياً في أوروبا وأمريكــا يضعونــها تحـت المحظورات، وقـد سبقنــاهم بدول الخليج في هذا، حيث إنها من المحظورات لدينا، ولا يسمح بدخولها حتى علــى النطـــاق الشخصــــــي، والدراسـات القليلة أثبتت أن استعمالها كابتـداء يؤدي إلــى إدمـــان أكثــر لمــادة النيكــــوتيــن الموجودة في التبـــغ، ويـــؤدي إلـــــى التدخيـــن المفرط، كما إن بعض الدراسات بينـــــــــت أن من المـــــواد المكونــــة للســائــــــل المستخدم فيها هي مواد تستعمل في التبريد وهي مواد مسرطنة، وقد تم اكتشاف 4 مواد مسرطنة، كما إنه قد أدعي من قبل بعض الشركات أن السائل لا يحتوي على مادة النيكوتين، ولكن التحاليل في مختبرات البحرين أكدت عدم خلو السائل من مادة النيكوتين، وللأسف أن الترويج لها، وعدم وجود الدراسات الكثيرة عنها، يوهم المستخدم بأنها آمنة أو أقل ضرراً من السجائر الأخرى، وهذا ما لم يتم إثباته إلى الآن».
في غضون ذلك، قال فريق دولي من الأطباء والخبراء أنه «ينبغي على منظمة الصحة العالمية أن تشجع استهلاك السجائر الإلكترونية بدلا من السعي إلى الحد منها بغية تخفيف الأضرار الناجمة عن التدخين». ودعا نحو 50 متخصصاً في الأمراض المرتبطة بالتدخين وطبيب سرطان وخبيراً في حالات الإدمان المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية مارغرت تشان إلى «إطلاق العنان» للسجائر الإلكترونيــــة ومنتجــات التبغ بلا دخــــان.
وشرح الفريق أن «قدرة هــذه المنتجــات على تخفــيض الأمــــراض الناجمة عن إدمان التبغ كبيرة جداً، وهي قد تكون من أهم ابتكارات القرن الحادي والعشرين في مجال الصحة».
واعتبر الخبراء الصحيون الذيـــن يضمـــون فـــي صفوفهم طبيب أمراض السرطان ووزير الصحة السابق في إيطاليا أومبيرتو فيرونيزي، والمدير السابق للصندوق العالمي لمكافحة الإيدز الفرنـسي ميشيــــل كازاتشكين أن «حظر الإعلانات المروجة للسجائر الإلكترونية وغيرها من بدائل النيكوتين المنخفضة المخاطر» غير مجد.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، من المتوقع أن يتسبب استهلاك التبغ بوفاة مليار شخص «وفاة مبكرة كان مـــن الممكن تفاديها» في القرن الحادي والعشرين.
ولا تزال المنظمة الأمميـة تبدي تحفظــــات إزاء استهلاك السجائر الإلكترونية التي لم تثبت بعد فعاليتها في مساعدة المدخن على الإقلاع عن التدخين.
وأشارت وثائق مسربة من اجتماع عقد في نوفمبر 2013 إلى أن منظمة الصحة العالمية تعتبر السجائر الإلكترونية «خطراً» وتريد تصنيفها بنفس الشكل الذي تصنف به منتجات التبغ العادية ضمن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن مكافحة التبغ.
وأثارت هذه التسريبات قلق عدد من الخبراء الطبيين وكذلك صناعة السجائر الإلكترونية المــزدهـرة. وزاد استخـــدام السجـائـــر الإلكترونية خلال العامين الماضيين، ويقول محللون إن «هذه الصناعة حققت مبيعات على مستوى العالم تقدر بنحو 3 مليارات دولار العام 2013».
التدخين والسرطان
في سياق متصل، قال عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة واستشاري الأطفال وزميل معهد الطفولة بجامعة عين شمس د. مجدي بدران إن «منظمة الصحة العالمية تتوقع أن يرتفع عدد الوفيات بسبب التدخين إلى 10 ملايين حالة وفاة سنوياً العام 2020 ، و70% من هذه الوفيات «7 ملايين شخص» من الدول النامية»، مشيراً إلى أن «الإحصائيات كشفت عن أن التبغ يقتل يومياً 16.439 شخص، وأن التدخين يزيد من أزمات الربو»، فيما ذكر أن «منظمة الصحة العالمية قدرت عدد المدخنين حول العالم يومياً بنحو 1.1 مليار شخص».
وأضاف د. بدران أن «التدخين يخفض من العمر المتوقع للإنسان بمتوسط 14 عاماً نتيجة لإصابة المدخنين بأمراض سرطان الرئة والقلب، ويفقد في كل دقيقة 11 شخصاً حياته كضريبة لتدخينه التبغ «شخص كل 5 ثوان»، كما إن هناك ما يقرب من 10 ملايين سيجارة يتم شراؤها في الدقيقة الواحدة على المستوى الدولي»، موضحاً أن «الدول النامية تعد سوقا واعدة مفتوحة أمام شركات التبغ العالمية».
وذكر أن «التدخين يعد من أهم العوامل التي تمهد للإصابة بالأمراض التنفسية، وفى ذات الوقت فإنه من أيسر العوامل التي يمكن منعها، وكشفت الدراسات الحديثة ارتباط التدخين النشط والسلبي بزيادة نسبة الإصابة بالتهاب الشعب الهوائية بين المراهقين والإصابة بالسعال المزمن، وهذا التأثير يزداد مع وجود حساسية الصدر وطول فترة التدخين وكمية السجائر المستهلكة يومياً وكمية أبخرة التبغ الموجودة في البيئة».
وأوضح أن «تعرض السيدة الحامل لدخان التبغ يؤثر على الجنين داخل الرحم، حيث يعرضه لكثير من الأمراض التنفسية خاصة خلال عامه الأول بالإضافة إلى قلة وزنه وقصر قامته واحتمالات إصابته بإدمان التبغ في الكبر».
وكشف د. بدران أن «الدراسات المتتالية أكدت أن التدخين يسبب عدة أنواع من السرطانات بدءاً من سرطان الفم وحتى سرطان المثانة، كما يزيد من معدلات إصابة الرئة بالسرطان 3 أضعاف، وسرطان الفم 27 ضعفاً، وسرطان الحنجرة 12 مرة، وسرطان المثانة البولية 3 مرات، بالإضافة إلى أنه يتسبب في 30% من سرطان البنكرياس ويزيد من وفيات المرضى المصابين بسرطان عنق الرحم بنسبة 30% وسرطان الثدي بنسبة 60 %».
وأشار إلى أنه «في ظل تقاعس المدخن عن مكافحة التدخين فإن الباب يظل مفتوحاً على مصراعيه لمزيد من البشر الذين يصرون على تناول جرعات الانتحار بالتبغ»، مشدداً على «أهمية الإقلاع عن التدخين وعدم التعرض لأي بيئة ملوثة وممارسة الرياضة المنتظمة، والبعد عن الأغذية المحفوظة، وتناول الطماطم والبصل والفيتامينات، خاصة من مصادرها الطبيعية، في الخضر والفاكهة، لتلافي الآثار السلبية التي يخلفها التبغ في جسم المدخن».
وحذر د. بدران «المرضى المصابين بأمراض مزمنة من التدخين خاصة مرضى السكري والقلب»، مؤكداً أنه «يعد عاملاً مساعداً في الإصابة بهذه الأمراض وفى التبكير بمضاعفاتها التي قد تؤدي إلى الوفاة مبكراً، وكذلك زيادة مضاعفات أمراض الكلى بين مرضى السكري وانخفاض كفاءة الكلى وظيفياً إلى جانب ما يسببه التدخين من مشاكل في العين وزيادة نسب الإصابة بضعف الأعصاب».