يدخل المنتخب الايطالي لكرة القدم الى مونديال البرازيل 2014 وهو يحلم بان يضع نجمة خامسة على صدره ومعادلة الرقم القياسي المسجل باسم اصحاب الضيافة، لكن "الازوري" يخوض مشاركته الثامنة عشرة في العرس الكروي العالمي باسلوب خارج عن "طبيعته" مع مدربه تشيزاري برانديلي.

تمكنت ايطاليا منذ ان استلم برانديلي الاشراف عليها خلفا لمارتشيلو ليبي، مهندس التتويج الرابع في المانيا 2006، بعد الفشل التام في جنوب افريقيا 2010 حيث خرج "الازوري" من الدور الاول، من مقايضة خطة "كاتيناتشو" الدفاعية بالاحكام على مجريات المباراة، لكنها لا تزال قادرة ان تدافع على طريقتها القديمة بفضل قوة جماعية ستجعلها من المنتخبات المرشحة للفوز في مونديال البرازيل 2014.

ونجحت ايطاليا بقيادة مدرب فيورنتينا السابق في تقديم اسلوب هجومي مميز في كأس اوروبا 2012 فاجأت فيه العالم لكنها سقطت في المتر الاخير امام بطل العالم وحامل اللقب القاري المنتخب الاسباني (صفر-4).

وواصل المنتخب الايطالي اداءه الجيد في التصفيات المؤهلة الى البرازيل 2014 حيث تصدرت مجموعتها دون عناء يذكر، ويأمل ابطال العالم اربع مرات ان يمتد مسلسل نجاحهم في اختبارهم البرازيلي الذي وضعهم في مجموعة صعبة للغاية (الرابعة) التي تضم بطلي عالم سابقين ايضا وهما المنتخبان الاوروجوياني والانجليزي الى جانب كوستاريكا.

بامكان برانديلي الاعتماد في المشوار البرازيلي الذي يستهله منتخبه بمواجهة الانجليز قبل لقاء كوستاريكا ثم الاوروجواي، على عناصر الخبرة مثل صانع العاب يوفنتوس اندريا بيرلو وزملائه في فريق "السيدة العجوز"، المتوج بطلا لايطاليا للموسم الثالث على التوالي، الحارس القائد جانلويجي بوفون وثلاثي الدفاع جورجيو كييليني وليوناردو بونوتشي واندريا بارزاغلي، اضافة الى لاعبي وسط روما دانييلي دي روسي وميلان ريكاردو مونتوليفو.

يملك الازوري ايضا العلم والمرونة التكتيكية التي ظهرت في كأس اوروبا 2012 والتصفيات المؤهلة الى مونديال 2014، ويتحدث برانديلي عن هذه المسألة، قائلا: "موهبة هذا الفريق تكمن في عدم فقدان التركيز، والقدرة على المعاناة للبقاء في المباراة".

من اجل النجاح في هذا التحول، تعتمد ايطاليا على قوة جماعية رسمها مهندس الفريق قبل اربع سنوات: "نحن فريق يعرف امكاناته تماما، يستفيد الى الحد الاقصى من قدراته، ويقدم كل ما في وسعه".

وقد حث برانديلي لاعبيه على اثبات قيمتهم في العرس الكروي العالمي، مضيفا في حديث لصحيفة "جازيتا ديلو سبورت": "اولا علينا تجاوز الدور الاول ثم علينا تنظيم صفوفنا باكبر قدر ممكن من اجل الوصول الى النهائي".

واشار برانديلي الى انه لم يقرر الخطة التي سيعتمدها في البرازيل ان كانت 2-1-3-4 او 1-5-4 او 2-5-3 التي طبقها في معظم مباريات كأس اوروبا 2012، معتبرا بان المرونة التكتيكية قد تكون المفتاح، على غرار ما حصل في كأس القارات العام الماضي حين وصل منتخبه الى نصف النهائي قبل ان يخسر مجددا امام نظيره الاسباني لكن بركلات الترجيح هذه المرة (حل ثالثا بفوزه على منافسته في مونديال 2014 الاوروجواي بركلات الترجيح).

وقال برانديلي "في كأس القارات العام الماضي قمنا بتغيير تشكيلتنا ولاعبينا كثيرا لكن تمكنك من القيام بهذا الامر يمنحك خيارات اضافية. انها افضلية".

بيرلو يبحث عن نهاية اسطورية

يبحث "المايسترو" اندريا بيرلو عن اسدال الستار على مسيرته الدولية بافضل طريقة ممكنة من خلال قيادة بلاده لاحراز اللقب العالمي الخامس.

كانت الخطوة التي قام بها بيرلو في صيف 2011 بالانتقال من ميلان الى يوفنتوس مفصلية في مسيرته الاحترافية انتقال لانه استعاد الحياة مجددا ولعب دورا اساسيا في قيادة "السيدة العجوز" الى احراز لقب الدوري المحلي في المواسم الثلاثة الاخيرة، فيما تقهقر فريقه السابق الذي انتهى به الامر في 2014 للفشل حتى في الحصول على احد المراكز الاوروبية.

لقد ترجم بيرلو استعادته لمستواه الرائع بقيادة ايطاليا الى نهائي كأس اوروبا 2012، وهو نجح في الخروج من الظل لانه لم يأخذ حقه على الاطلاق من ناحية التسليط على اهمية الدور الذي لعبه مع ميلان من 2001 حتى 2011 لان الاضواء كانت دائما مسلطة على لاعبي الاموال الطائلة مثل البرازيلي كاكا او السويدي زلاتان ابراهيموفيتش.

"بيرلو قائد صامت. انه يتحدث بقدميه"، هذا ما قاله مدرب ايطاليا السابق مارتشيلو ليبي عن بيرلو الذي يخوض مونديال البرازيل هو في الخامسة والثلاثين من عمره لكن ذلك لن يمنعه من ان يكون مهندس الفريق وركيزته الاساسية.

ما زال بيرلو القلب النابض والعقل المفكر في اي فريق يلعب فيه مهما تقدم بالعمر، وهو يأمل ان يقدم في البرازيل المستوى الذي ظهر عليه في كأس اوروبا الاخيرة حين لعب دورا مفصليا في مشوار بلاده المفاجىء في البطولة القارية.

سيكون بيرلو ميزان المنتخب في البرازيل 2014 بتمريراته الرائعة وبرباطة جأشه التي ظهرت جلية في ربع نهائي كأس اوروبا 2012 بعد ان نفذ ركلته الترجيحية ببرودة اعصاب على طريقة التشيكوسلوفاكي انتونين بانينكا في مرمى المانيا الغربية خلال نهائي كأس اوروبا 1976، رغم انه كان تحت ضغط كبير لان ايطاليا اضاعت ركلتها الثانية عن طريق ريكاردو مونتوليفو.

انتقل بيرلو الى يوفنتوس في 2011 دون ان يكون لعامل المال اي دور لانه كان في نهاية عقده مع ميلان، وكل ما اراده لاعب بريشيا وانتر ميلان السابق هو ان يحظى بفرصة انعاش مسيرته بعد "الملل" الذي اصابه في ميلان.

"انها صفقة القرن، عندما اراه يلعب امام خط دفاعي، اشعر بأن الله موجود"، هذا ما قاله حارس يوفنتوس وقائد المنتخب جانلويجي بوفون عن انضمام بيرلو الى "السيدة العجوز" بعد 10 اعوام امضاها في "سان سيرو" وتوج خلالها بلقب الدوري المحلي مرتين ولقب الكأس مرة واحدة ومسابقة دوري ابطال اوروبا مرتين وكأس السوبر الاوروبية مرتين وكأس العالم للاندية مرة واحدة.

يدين بيرلو بالمستوى الذي وصل اليه الى مدرب ميلان السابق كارلو انشيلوتي الذي قرر ان بالامكان الاستفادة من قدرات هذا اللاعب بشكل افضل من خلال وضعه امام المدافعين مباشرة عوضا ان يكون صانع الالعاب المتواجد خلف المهاجمين.

لقد غير بيرلو بالفعل وجه الكرة الايطالية ومنحها الجمالية والابداع وهو يأمل ان يستمر الوضع على ما هو عليه في معقل الكرة الجميلة على ارض "سيليساو".

ايطاليا تضع ثقتها ببرانديلي لتحقيق النجاح

يدخل برانديلي الى مونديال 2014 وهو يأمل ان يتقدم خطوة اضافية في مشوار النجاح الذي حققه منذ ان استلم الاشراف على المنتخب الايطالي بعد مونديال 2010 حيث وصل الى نهائي كأس اوروبا 2012 وحل ثالثا في كأس القارات 2013.

سيكون برانديلي (56 عاما) من المدربين القلائل المتأكيد من الاحتفاظ بوظيفتهم بغض النظر عن النتيجة التي سيحققها ابطال العالم اربع مرات، وذلك لان الاتحاد المحلي للعبة يعلم تماما بان مدرب فيورنتينا السابق هو الشخص الذي جعل "الازوري" منتخبا مثيرا يستحق المتابعة بعد ان منحه وجها جماليا لم يعتاد عليه الايطاليون في السابق.

عندما تنازل المنتخب الايطالي عن لقبه العالمي بطريقة مخيبة للغاية بخروجه من الدور الاول لمونديال جنوب افريقيا 2010 دون اي فوز، سارع الاتحاد الايطالي الى الاعلان عن ضرورة التحرك والتغيير.

ما حصل في جنوب افريقيا دفع رئيس الاتحاد الايطالي جانكارلو ابيتي الى التحدث عن الحاجة الى مقاربة جديدة للامور، وهو أمل ان ينجح المدرب الجديد في بث الحياة مجددا في عروق "الازوري" الذي تعددت اسباب اخفاقه في جنوب افريقيا ولعل ابرزها ضعف خط الدفاع الذي كان نقطة الارتكاز عندما توج بطلا للعالم قبل اربع سنوات حيث لم يدخل مرماه سوى هدفين.

لم يسجل المنتخب الايطالي سوى اربعة اهداف في جنوب افريقيا احدها من ركلة جزاء والثاني اثر خطا فادح من حارس البارغواي، ما لعب دورا مفصليا في تنازله عن لقبه لكن يبدو ان رسالة رئيس الاتحاد الايطالي وصلت الى برانديلي بوضوح، اذ رفع مدرب فيورنتينا السابق شعار التغيير منذ ان استلم مهمته.

اعتمد برانديلي على المخاطرة في تشكيلاته لكنه نجح في رهانه بعد ان قاد الايطاليين الى نهائيات كأس اوروبا للمرة الخامسة على التوالي والثامنة في تاريخهم، ثم تواصل مشوار النجاح في النهائيات.

صحيح ان برانديلي (54 عاما) لا يعتبر من المدربين الكبار في الكرة الايطالية كونه لم يشرف على اي من العمالقة يوفنتوس وميلان وانتر ميلان، لكن لاعب وسط يوفنتوس واتالانتا السابق تمكن منذ البداية بقيادة المرحلة الانتقالية في المنتخب بشكل ناجح معولا بشكل اساسي على عنصر الشباب.

رسم برانديلي لنفسه اهدافا واضحة المعالم منذ استلامه دفة المنتخب الإيطالي ووضع نصب عينيه اعادة البسمة الى جماهير بلاده ليس فقط من خلال النتائج، لكن بفضل اسلوب كروي ممتع وعروض هجومية تسر الناظرين.

"كانت مهمة اعادة بناء الثقة في المنتخب شغلي الشاغل"، هذا ما قاله برانديلي لموقع الاتحاد الدولي لكرة القدم حول مهمته مع "الازوري"، مضيفا "كنت على علم تام بان المهمة ستكون معقدة للغاية".

ستكون نهائيات مونديال البرازيل 2014 فرصة لبرانديلي من اجل معرفة مدى النجاح الذي حققه في سياسته التجددية، لكن الاختبار العالمي لن يشكل نهاية المشوار لهذا الرجل الذي ابتعد عن كرة القدم عامي 2004 و2005 وتخلى عن فرصة الاشراف على روما بسبب اصابة زوجته مانويلا بسرطان الثدي ما ادى الى وفاتها لاحقا حين كان مدربا لفيورنتينا، اذ اكد الاتحاد الايطالي اقتناعه تماما بقدرات هذا المدرب الفائز بلقب الدوري المحلي كلاعب مع يوفنتوس ثلاث مرات اضافة الى لقب كأس الاندية الاوروبية البطلة عام 1985 وكأس الكؤوس الاوروبية عام 1984 والكأس الايطالية عام 1983، بغض النظر عما سيحصل في البرازيل.