يواصل مؤتمر "المتاحف في شبه الجزيرة العربية" أعماله في متحف البحرين الوطني لليوم الثاني على التوالي، حيث قدّم الخميس، مجموعة من الجلسات النقاشية التي تناولت المتاحف الخليجية وعلاقتها بالفنون إضافة إلى طرح إمكانيات تحويل الفضاءات الحضرية والعمران إلى متاحف وغيرها من المواضيع ذات الصلة.

وجاءت الجلسة النقاشية الأولى بعنوان "المتاحف الخليجية والفنون" أدارتها د.سلوى مقدادي من جامعة نيويورك في مدينة أبوظبي.

وتحدثت مديرة المعارض في جامعة نيويورك-أبو ظبي مايا أليسون حول البنية التحتية للفنون العامة في الإمارات أثناء تسعينيات القرن الماضي حيث قالت إن دول الخليج شهدت وجود سلسلة من المجتمعات الفنية التجريبية الصغيرة التي أخذت تتطور بشكل مستقل وغير رسمي.


وأشارت إلى أن طلائع هذه المجتمعات ظهرت في الإمارات على يدي الفنان الراحل حسن شريف من دبي والشاعر أحمد رشيد ثاني من خورفكان. وبنت أليسون ورقتها على المعرض القائم حالياً في معرض الفنون في جامعة نيويورك في أبوظبي "لا نراهم لكننا: حركة فنية في الإمارات 1988 – 2008"، والذي يستعرض أعمال الفنانين الإماراتيين في تلك الفترة.

فيما تحدث د. سباستيان مايسيل الأستاذ المشارك في جامعة جراند فالي ستيت بأمريكا حول الصحوة الفنية في نجد بالمملكة العربية السعودية، حيث أشار إلى أن نجد، والتي تضم مدينة الرياض، لا تبدو مكاناً محتملاً للصحوة الفنية.

وأوضح أنه على الرغم هذا الانطباع إلا أن الوعي الذاتي الفني في المنطقة آخذ بالازدهار خاصة في المشهد الثقافي حيث تتواصل الجهود في صالات العرض والمتاحف والمهرجانات "لعرض سرديات لم يسبق النظر فيها.

وانتقل النقاش من بعدها إلى متحف اللوفر في أبو ظبي، حيث قالت د.أوليفيا بورات رئيسة تنظيم المعارض بالمتحف بالوكالة إن متحف اللوفر – أبوظبي يطمح إلى أن يكون متحفا عالميا يقدم للزوار عرضا تاريخيا وفنيا عالميا من العصور القديمة وحتى يومنا هذا.

وأشارت إلى أن النهج العالمي الجديد يسمح بتضمين أعمال فنية تظهر الاتصال ما بين الحضارات في المعارض، حيث تؤكد هذه الأعمال على أهمية التبادل الثقافي، الاجتماعي والاقتصادي بين مختلف الحضارات وبالتالي تمثل تاريخياً أكثر تعقيدا وتنوعاً، موضحة أن متحف اللوفر من خلال هذه الحلول والوسائل في العرض سيعرف الجمهور بمدى التقدم الذي أحرز في بحوث تاريخ الفن العالمي.

وفي جلسة نقاشية أخرى، حضرها خبراء متاحف وأكاديميون من دول مجلس التعاون والعالم، وجاءت بعنوان "تحويل الفضاءات الحضرية والعمران إلى متاحف"، وترأسها د.بيير لومبارد مستشار الآثار بهيئة البحرين للثقافة والآثار.

وتناول د.جون ثابيتي ويليس من كلية كارلتون بأميركا موضوع صيد اللؤلؤ كممارسة فنية في البحرين، حيث قال إن المتاحف وصالات العرض وغيرها من المواقع التراثية في المنطقة تعرض أفراد طاقم سفن صيد اللؤلؤ وهم يمارسون أعمالا ذات طابع فني إلى جانب الممارسات التجارية.

وأشار إلى أن ذلك يشمل الغناء، عزف الآلات الموسيقية والرقص. وسلط د.ويليس الضوء على استخدام الممارسات الفنية من قبل طاقم العمل في سفن اللؤلؤ وأيضا استخدامها من قبل المتاحف من خلال المواد السمعية والبصرية مستنداً إلى نماذج من معارض أقيمت في البحرين.

واستمرت الجلسة مع مداخلة د.أنس الأميم من كلية العمارة بجامعة الكويت، حيث قال إن معظم المتاحف بنيت في منطقة شبه الجزيرة العربية من أجل تطوير الفن والثقافة، مشيراً إلى أنها أصبحت علامة دالة على الهوية المحلية.

ودعا من خلال ورقته إلى إشراك الجمهور العام والمجتمع المحلي في عملية تأسيس المتاحف من أجل الارتقاء بها كجزء هام من البنية التحتية الثقافية في المنطقة.

وسلطت المهندسة نورا السايح، رئيسة قسم الهندسة ومديرة مشروع طريق اللؤلؤ المسجل على قائمة التراث العالمي الإنساني لمنظمة اليونيسكو، الضوء على ملامح الطريق الذي تنجزه هيئة البحرين للثقافة والآثار عام 2018، بالتزامن مع احتفاء المحرق باختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية.

وأوضحت أن مسار اللؤلؤ سيشكل متحفاً مفتوحاً ممتدا لمسافة تزيد عن 3 كيلومتر داخل المدينة يعرض تفاصيل مهنة صيد اللؤلؤ بداية من استخراجه من البحر وحتى وصوله إلى الأسواق المحلية، الإقليمية والعالمية، وما يصاحب هذه التفاصيل من ممارسات اجتماعية وثقافية وتراث غير مادي.

يذكر أن مؤتمر "المتاحف في شبه الجزيرة العربية" يستمر حتى 13 أكتوبر الجاري ويستضيفه المتحف ضمن برنامج هيئة الثقافة لعام 2017م والذي يأتي بعنوان "آثارنا إن حكت"، وتنظمه كل من د. سارينا ويكفيلد، مديرة سلسلة مؤتمرات "المتاحف في شبه الجزيرة العربية" والأستاذة في كلية الفنون والصناعات الإبداعية في جامعة زايد بالإمارات العربية المتحدة وأ. د. ليلى براغر من جامعة هامبورغ بألمانيا والباحثة في جامعة نيويورك في أبوظبي بالإمارات العربية المتحدة.

ويهدف المؤتمر إلى توفير منصّة لتعزيز الحوار ما بين مختلف خبراء المتاحف والخبراء الأكاديميين لمناقشة القضايا الرئيسية الناشئة في مجال المتاحف، مع التركيز على قضايا التمثيل والهوية، والممارسة الفنية، والمساحات والمكان فيما يتعلق بالمتاحف في المنطقة.

وفي يومه الأول، استعرض المؤتمر في 3 جلسات نقاشية سبل تطوير المتاحف في المدن الخليجية، إعادة النظر في التحديات والفرص التي تواجه المتاحف الوطنية في المنطقة والعلاقة ما بين الهوية التراثية والحداثة. كما قدّم المتحدثون نماذج للتجارب المتحفية من كل من مملكة البحرين، سلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة.