كثيرة هي اوجه الشبه التي تجمع بين "المدفعجي" غيرد مولر افضل هداف في تاريخ منتخب المانيا، ولاعب وسط المانشافت توماس مولر.
بالطبع كلاهما يحمل اسم العائلة ذاته، وكلاهما ولدا من مقاطعة بافاريا، لعب غيرد في صفوف بايرن في الستينيات والسبعينيات، في حين بدأ توماس مسيرته في صفوف الفريق البافاري الموسم الماضي، كلاهما يملك حاسة التهديف، وكلاهما حمل او يحمل الرقم 13.
بيد ان اوجه الشبه تتوقف هنا اقله حتى الان، لان المدفعجي يملك سجلا قلة من النجوم تستطيع ان تتبجح به، فهو توج بجميع الالقاب، حيث رفع كأس العالم عام 1974، وكأس ابطال الاندية الاوروبية ثلاث مرات (1974 و75 و76)، وكأس الامم الاوروبية مرة واحدة (1972)، بالاضافة الى الدوري المحلي والكأس المحلي مرات عدة، ويحمل الرقم القياسي في عدد الاهداف المسجلة في صفوف منتخب بلاده حيث نجح في هز الشباك 68 مرة في 62 مباراة خاضها بين عامي 1966 و1974، مشاركة مع المهاجم الحالي ميروسلاف كلوزه، وزارها ايضا 365 مرة في البوندسليغا.
وشاء القدر ان يكتشف غيرد مولر الذي عمل مدربا في قطاع الناشئين في صفوف فريقه السابق، توماس مولر قبل ست سنوات وقال بالحرف الواحد "هذا اللاعب يستطيع ان يبدأ مسيرته في الحال، يملك ميزات عدة ابرزها قدرته على التسديد بالقدمين وبالرأس ويمكن ان يشغل مركزا على الجبهة اليمنى او اليسرى".
ونال مولر الجديد الاشادة من مولر القديم الذي قال عنه "يذكرني توماس كثيرا بنفسي عندما كنت شابا، يقوم باستدارته كما كنت افعل انا سابقا".
وبالفعل، فان مسيرة مولر شهدت انطلاقة صاروخية، فقبل اعوام قليلة كان يلعب في الدرجة الثالثة، لكنه ضرب بقوة في موسمه الاول في صفوف بايرن ميونيخ حيث سجل 19 هدفا في 52 مباراة واحرز الثنائية المحلية (الدوري والكأس)، وكان قاب قوسين او ادنى من ان يتوج بالثلاثية لو قدر لفريقه ان يفوز بدوري ابطال اوروبا لكنه خسر النهائي امام انتر ميلان الايطالي 2-صفر.
وابرز دليل على موهبة مولر وثقة مدربه السابق الهولندي لويس فان غال به، ان الاخير فضله معظم فترات موسم 2009-2010 الماضي على الهداف الخطير ميروسلاف كلوزه شريك غيرد في الرقم القياسي في عدد الاهداف مع المانشافت، اما على صعيد المنتخب، فان يواكيم لوف لم يقف متفرجا امام موهبة هذا المهاجم الصاعد، فاشركه اساسيا ضد استراليا (سجل هدفا وصنع اخر)، لكن هذه المرة وراء ثنائي خط الهجوم كلوزه ولوكاس بودولسكي.
ويعتبر لوف بان مولر الذي خاض اول مباراة دولية له ضد الارجنتين في اذار/مارس 2010، ورقة رابحة في صفوف المنتخب الالماني وقال "يجد مدافعو المنتخبات المنافسة صعوبة كبرى في قراءة طريقة لعب توماس، فهو يعدو في ظهر الدفاع، ويسرع نحو الهدف، هذا امر يجيده بطريقة رائعة".
ساهم مولر بشكل كبير في بلوغ المنتخب الالماني الدور نصف النهائي لمونديال جنوب افريقيا حيث سجل ثنائية في مرمى انكلترا (4-1) في الدور ثمن النهائي وكان بين اللاعبين الذين لعبوا دورا حاسما في قيادة المانيا لالحاق الهزيمة الاقسى بالمنتخب الارجنتيني (4-صفر) في النهائيات منذ عام 1958 عندما خسرت امام تشيكوسلوفاكيا (1-6)، بتسجيله الهدف الاول، رافعا رصيده الى اربعة اهداف، وتمريره الكرة التي جاء منها الهدف الثاني عندما كان واقعا على ارضية الملعب ليضع لوكاس بودولسكي في موقف المواجهة الفردية مع الحارس الارجنتيني فاخذ وقته قبل ان يمررها الى كلوزه الذي وضعها في الشباك الخالية.
لكن نجم بايرن ميونيخ الشاب تلقى انذارا بسبب لمسه الكرة بيده، وحرم من خوض مواجهة دور الاربعة امام اسبانيا لانه الثاني له في البطولة.
غاب مولر عن المانشافت في دور الاربعة فخسر منتخب بلاده صفر-1، لكنه عاد الى الصفوف في المباراة النهائية المصغرة وافتتح التسجيل في المباراة امام الاوروغواي والتي حسمها الالمان بصعوبة 3-2 ونالوا المركز الثالث.
انهى مولر المونديال الجنوب افريقي برصيد 5 اهداف وهو الرصيد ذاته للاسباني دافيد فيا والهولندي ويسلي سنايدر والاوروغوياني دييغو فورلان، بيد ان الالماني الواعد (20 عاما وقتها) نال اللقب بفضل تفوقه في التمريرات الحاسمة وعددها 3 مقابل واحدة لشركائه الثلاثة.
ونال مولر ايضا جائزة افضل لاعب واعد في البطولة.
ليس من السهل حمل اسم مولر في كرة القدم الالمانية، وخصوصا عندما تلعب في صفوف فريق بايرن ميونيخ في مركز هجومي، لكن يبدو أن زعزعة ثقة توماس مولر بنفسه ليس بالامر السهل ايضا، فهذا اللاعب الشاب بدأ مسيرة احترافية واعدة، ويملك القدرة على ان يكون احد نجوم كأس العالم في البرازيل.