عواصم - (وكالات): خسر تنظيم الدولة "داعش"، الثلاثاء مدينة الرقة، التي كانت تعد معقله الأبرز في سوريا، بعد أكثر من 4 أشهر من المعارك العنيفة التي خاضها ضد قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي بقيادة أمريكية.

وتشكل السيطرة على مدينة الرقة نكسة كبرى لتنظيم الدولة "داعش"، الذي مني في الأشهر الأخيرة بسلسلة خسائر ميدانية في سوريا والعراق المجاور، أدت إلى خسارته 87 % من أراضي "الخلافة" التي أعلنها في البلدين منذ عام 2014.

وفور إعلان قوات سوريا الديمقراطية سيطرتها بالكامل على وسط الرقة الثلاثاء، تجمع عدد من مقاتليها عند دوار النعيم الذي شهد عمليات اعدام وحشية نفذها التنظيم خلال سيطرته على المدينة، ما دفع سكان المدينة إلى استبدال تسميته بدوار "الجحيم".



ورفع المقاتلون رايات قوات سوريا الديمقراطية الصفراء ابتهاجاً، وفي مقدمهم قائدة حملة "غضب الفرات" روجدا فلات التي حملت سلاحها على كتفها. وسارع مقاتلون إلى التقاط الصور مع ابتسامة عريضة أمام أبنية مدمرة ووسط شوارع مليئة بالركام وهياكل سيارات محترقة، فيما غرق آخرون في دموعهم تأثراً.

وقال المقاتل الشاب شفكر هيمو من دوار النعيم "سترجع الفرحة إن شاء الله إلى المدينة كافة، ذهب اللون الأسود "راية التنظيم" والآن بات دوار النعيم أصفر اللونً".

وأعرب عضو مجلس الرقة المدني عمر علوش عن سعادته لطرد التنظيم من المدينة التي كانت تعد أبرز معاقله. وقال "بقضائنا على عاصمة "داعش"، حققنا انتصاراً للشعب السوري وللعالم".

ودفعت المعارك عشرات الآلاف من المدنيين إلى الفرار من المدينة وبينهم أم عبدالله المقيمة في مدينة كوباني "عين العرب" الواقعة على بعد نحو مئة كيلومتر من الرقة.

وقالت بتأثر واضح "فرحتنا لا توصف.. عندما أخبرتني شقيقتي أن الرقة تحررت، بدأت تبكي وأنا أيضاً. الحمدلله، الحمدلله".

ومع انتهاء المعارك، حذرت منظمة إنقاذ الطفل "سايف ذي شيلدرن" في بيان الثلاثاء من أن توقف القتال لا يعني انتهاء الأزمة الإنسانية المتفاقمة.

وقالت مديرة المنظمة في سوريا سونيا خوش "قد تصل العمليات العسكرية في الرقة الى نهايتها لكن الأزمة الإنسانية هي أكبر من أي وقت مضى".

وألحقت المعارك منذ اندلاعها في المدينة في يونيو الماضي، دماراً كبيراً بالأبنية والبنى التحتية. وتسببت بمقتل 3250 شخصاً بينهم 1130 مدنياً، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان الذي أفاد بوجود مئات المفقودين من المدنيين تحت أنقاض الأبنية المدمرة.

وجاءت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية بشكل كامل على المدينة الثلاثاء بعد سيطرتها على دوار النعيم ليل الثلاثاء فالمشفى الوطني صباح الاثنين ثم الملعب البلدي.

وشكلت النقاط الواقعة وسط الرقة، آخر الجيوب التي انكفأ اليها العشرات من المقاتلين الأجانب في صفوف التنظيم المتطرف في الأيام الأخيرة.

وأعلن الناطق الرسمي باسم قوات سوريا الديمقراطية طلال سلو بعد ظهر الثلاثاء "تم الانتهاء من العمليات العسكرية في الرقة" مؤكدا "سيطرة قواتنا بالكامل على الرقة".

وأضاف "إنتهى كل شيء في الرقة" مشيراً الى "عمليات تمشيط تجري للقضاء على الخلايا النائمة إن وجدت، وتطهير المدينة من الألغام" التي زرعها مقاتلو التنظيم في وسط الرقة.

ومن المقرر بحسب سلو أن تعلن قوات سوريا الديمقراطية "قريباً في بيان رسمي عن تحرير المدينة".

وبدأت قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي هجوماً واسعاً في محافظة الرقة في نوفمبر 2016، لتتمكن بعد 7 أشهر من دخول مدينة الرقة.

وتسارع التقدم العسكري في وسط المدينة بعد خروج نحو 3 آلاف مدني نهاية الاسبوع الماضي، بموجب مفاوضات قادها مجلس الرقة المدني ووجهاء من عشائر محافظة الرقة.

وبموجب الاتفاق أيضاً، خرج 275 شخصاً بين مقاتلين سوريين في صفوف التنظيم وأفراد من عائلاتهم دون أن تعرف وجهتهم حتى الآن.

وتضاربت المعلومات حول خروج مقاتلين أجانب أيضاً، لكن مسؤولين محليين أكدوا عدم مغادرة أي منهم.

وقال المتحدث باسم التحالف الدولي ريان ديلون "نحن مصرون على عدم السماح للمقاتلين الأجانب بمغادرة المدينة"، مضيفاً "موقفنا كان أن يبقوا ويقاتلوا أو يستسلموا من دون شروط".

ومع سيطرة هذه القوات على المدينة الثلاثاء، "يكون وجود تنظيم الدولة في كامل محافظة الرقة قد انتهى" وفق المرصد السوري.

ومني التنظيم بسلسلة خسائر ميدانية في سوريا والعراق المجاور.وقال المتحدث باسم التحالف الدولي ريان ديلون في تغريدات على موقع تويتر الثلاثاء تزامنت مع الذكرى الثالثة لتأسيس التحالف، "طرد شركاؤنا تنظيم الدولة من 87 % من الأراضي التي سيطر عليها وحرروا أكثر من 6.5 ملايين شخص".

واضاف "يخسر التنظيم على مختلف الصعد. لقد دمرنا شبكاته وقضينا على قادة من كافة المستويات".

ويقدر التحالف أن عدد مقاتلي التنظيم الذين ما زالوا ينشطون في البلدين يتراوح بين 3 آلاف و7 آلاف مقاتل.

وفي سوريا، يحتفظ التنظيم حالياً بسيطرته على بعض الجيوب المحدودة في محافظة حمص وحماة "وسط" وقرب دمشق وفي جنوب البلاد. ويشكل الجزء المتبقي تحت سيطرته في محافظة دير الزور "شرق" "مركز ثقله" على رغم أنه خسر خلال أقل من شهرين سيطرته على أكثر من نصف مساحتها.

وفي العراق المجاور، ما زال التنظيم يسيطر على مدينتين في منطقة صحراوية غرب البلاد.

وتشهد سوريا منذ مارس 2011 نزاعاً بدأ باحتجاجات سلمية ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد، سرعان ما تحول الى حرب دامية متعددة الاطراف تسببت بمقتل اكثر من 330 ألف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية وبنزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل سوريا وخارجها.