أحمد التميمي

رغم أننا لسنا في زمن المعجزات، إلا أننا قبل موسمين شهدنا معجزةً كروية تكاد لا تتكرر, فقد حقق الدوري الإنجليزي فريق متواضع الإمكانيات، كان ينافس على الهبوط في الموسم السابق، يدربه مدرب إيطالي لم يعرف بإنجازاته وإنما كثرة إخفاقاته، ومجموعة من اللاعبين طردوا من أنديتهم الأصلية و ظلوا تائهين في الأرض حتى وصلوا إلى ليستر..

ذلك بالتأكيد إنجاز يخلده التاريخ الكروي في صفحاته، فما فعله كلاوديو رانييري مع لاعبيه في ذلك الموسم يعد مصدر إلهام لكل المدربين حول العالم، والصعود الرائع في مستويات لاعبي ليستر يونايتد يترجم حرفياً ألا مستحيل في عالم كرة القدم.



بهذا الإنجاز، ظنت إدارة نادي ليستر أن النادي تحول فجأة إلى أندية بقوة ومكانة مانشستر يونايتد، أو السيتي، أو ليفربول وتشيلسي، وذلك كان بداية لانحدار المستوى. فشخصية لاعبي ليستر تختلف كلياً عن شخصية لاعبي تلك الأندية الكبيرة، فلاعبي مانشستر -مثلاً- من القاعدة أن يكونوا على قمة الدوري، ومن الشذوذ أن يكونوا في منتصف الترتيب أو نهايته، أما ليستر سيتي فيمثل النقيض تماماً، فمن القاعدة أن يتذيل الترتيب ومن الشذوذ والإعجاز أن يكون في مقدمته. فعندما يحقق الشياطين الحمر الدوري الإنجليزي، فذلك أمر عادي ستنساه الجماهير مع بداية الموسم الجديد وستطالبهم بدوري جديد، أما جماهير ليستر فلم تعتاد الفوز، وهي بالتالي سترضى بهذا الدوري وستحكي للأجيال القادمة عنه، ولن تجد داعٍ للضغط على لاعبيها من أجل تحقيق اللقب في الموسم القادم. الإدارة تناست بأن ما حدث مع فريقها في موسم 2015-2016 هو معجزة، والمعجزات عادةً لا تتكرر مرتين متتاليتين.

كان من الأجدر على إدارة ليستر أن تسعى للحفاظ على الفريق متماسكاً، في منتصف الترتيب على أعلى تقدير وأن تحافظ عليه من الهبوط، لكن للأسف ظن القط نفسه أسداً، فأقالت الإدارة مدربها وصانع إنجازها، الإيطالي كلاوديو رانييري لسوء النتائج، وقامت بتعيين الإنجليزي كريغ شكسبير خلفاً له. الأخير لم يسلم هو الآخر من لعنة ليستر، فبعد تسعة جولات من الموسم الحالي تمت إقالته هو الآخر من تدريب النادي لسوء النتائج أيضاً!

إدارة الثعالب مازالت نظرتها للفريق غير واقعية، فهي تبحث عن "باراشوت" ينقذها من السقوط الحر، لكنها في الواقع تربط الأثقال في أقدام لاعبيها، فعليها أن تعي جيداً أن عدم الاستقرار الفني للفريق يزيد من مآسيه.