لم يكن الإرهاب مندرجاً تحت إطار «الحروب الداخلية، والأسلحة، والتضاد» فقط، بل أصبح نتيجة مباشرة لخطوات مسبقة له تتدرج ما بين ضعف الإدارة، وبعثرة الكفاءات، وتوزيع المناصب القيادية لشخصيات متضادة في الاختصاص والميول، اختلاف الشرق والغرب! فضلاً عن الخطوات غير المدروسة لاتخاذ القرارات، والفتن، والفساد، وما إلى غيره. بحيث أصبحت المعادلة الحقيقة أن الفتن والفساد والبعثرة القيادية، كلها أوجه مترادفة لعملة الإرهاب.

وعلى ذلك، من المستحيل أن نحدد دولة واحدة فقط تحتضن الإرهاب، ولا إقليم ولا حضارة، ولا شخصية واحدة بنفوذها وجيوشها! خاصة وأن خريطة العالم تربطها المحيطات، والبحار والجبال والمنخفضات. ففي النهاية كلنا رقعة واحدة، ومجتمع دولي واحد، وكلنا مسؤولون، وكلنا نتحمل بعثرة الخطايا والأخطاء! ولو كان غير ذلك، لما استطاعت دولة التدخل في شؤون دولة أخرى، ولما استطاعت وسائل الإعلام في دولة تبعد 15 ساعة أن تترصد لآخر أخبارنا، وتترجم ما نقوله في سرعة قياسية، بحيث نجدها تعقب في نفس اللحظة بصياغة احترافية على ما نقول. في حين لا يستطيع القيام بذلك - بنفس الاحترافية والنمط والترصد- بعض مؤسسات الدولة! التي تحتضنها الدولة وتربطها رابطة الزمان والمكان والتوقيت والجنسية واللغة! سبحان الله.. ما الذي يقربهم منا ويبعدنا من دولنا؟!

قد يركز البعض على أن الإرهاب غير محدد المعالم.. بحيث لا توجد اتفاقية دولية تعرفه وتحدده.. وما بالنا نركز على الشكل فقط؟ وهناك العديد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان المختومة بختم الجمعية العامة للأمم المتحدة، موجودة ومحددة بالتفصيل ومنشورة على الملأ، إلا أنه بالرغم من ذلك، هناك بعض الدول لا تنضم لها بجبروت، في حين تنضم لها الدول الأخرى معلنة حريتها في انتهاك الحقوق والحريات على حسب أهوائها! إن الإرهاب يتطلب استراتيجية احتماء من الأخطاء الموجودة، وليس هو مصطلح قادم من الفضاء!

* همسة:

لم تكن قضايا الإرهاب بلاء فقط.. بل أيضاً حسنة تكشف لنا مواطن الخلل الذي أدت إلى الإرهاب. ومثلما نعرف لا يوجد دخان بلا نار.. أتمنى أن نستفيد جميعاً من نظرية أن التاريخ يعيد نفسه مرتين، وأن يتعظ صناع القرار من الأخطاء المعتادة وغير المدروسة!