أحمد التميمي

منذ بداية الألفية الجديدة، وسياسة نادي ريال مدريد الإسباني في التعاقدات تتلخص في مقولة مديره التنفيذي خوزيه أنخيل سانشيز:"ريال مدريد مثل أستوديو في هوليوود، كل يوم نصنع فيلماً جديداً، والفيلم يساوي أكثر حينما يكون بطله توم كروز". ريال مدريد يركز كثيراً على المردود المادي -إلى جانب المردود الفني- من وراء كل صفقة، ويهتم بفتح أسواق جديدة لمبيعات قمصان النادي عن طريق التعاقدات مع لاعبين ذوي قواعد جماهيرية كبيرة في بلدانهم. وهذا تجلى واضحاً في التعاقد مع الإنجليزي ديفد بيكهام، البرازيلي ريكاردو كاكا، البرتغالي كريستيانو رونالدو، و الكولومبي خاميس رودريغز المعار حالياً لنادي بايرن ميونخ الألماني. فلكلٍ منهم شعبيته الكبيرة في بلده والقارة التي أتى منها، فكان التعاقد معهم له طابع اقتصادي بالإضافة إلى تدعيم صفوف الفريق. صفقة غاريث بيل التي كانت تعتبر الأغلى في وقتها، حيث وصلت إلى 85 مليون جنيه إسترليني (99 مليون يورو) حسب ما أعلنت قناة ريال مدريد في أكتوبر 2013، كانت لتدعيم خط الهجوم في الفريق إلى جانب فتح أسواق جديدة للفريق في ويلز مسقط رأس اللاعب، وآسيا و الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كان بيل هو الوجه التسويقي لشركة أديداس في كل من تلك المناطق آنذاك.

بيل قدم مستويات رائعة في أول موسم له مع ريال مدريد، حيث لعب 44 مباراة سجل فيها 22 هدفاً وصنع 19 هدفاً، و قد نجح بالتسجيل في نهائي كأس الملك ونهائي أبطال أوروبا.



في الآونة الأخيرة، كثر الحديث عن وجوب رحيل غاريث بيل عن ريال مدريد، بعد أن توالت إصابات اللاعب حتى وصل إجمالي إصاباته مع الملكي إلى 18 إصابة منذ انضمامه في سبتمبر 2013، كان آخرها في مباراة فريقه أمام بوروسيا دورتموند الألماني في دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا. الصدمة كانت عندما أعلنت صحيفة الـ"آس" الإسبانية أن بيل لم يشارك سوى في 57% فقط من الدقائق مع ناديه، وأنه غاب عن 9346 دقيقة من إجمالي دقائق اللعب في المواسم الماضية.

في هذا المقال نتناول الجدوى الاقتصادية والفنية من بقاء اللاعب في صفوف ريال مدريد الإسباني. غاريث بيل يتقاضى راتباً أسبوعياً يقارب الـ288 ألف جنيه إسترليني (15 مليون إسترليني سنوياً)، أي أن إجمالي الرواتب التي تقاضاها اللاعب تقريباً هي 60 مليون جنيه استرليني، وإجمالي كلفة اللاعب منذ انضمامه للريال في 2013 تعادل تقريباً 145 مليون جنيه إسترليني. بتقسيم إجمالي الرواتب على عدد الدقائق و المباريات التي خاضها اللاعب، وعدد الأهداف التي سجلها نجد بأن بيل قد تقاضى 4800 جنيه إسترليني مقابل كل دقيقة لعبها، 377 ألف جنيه إسترليني مقابل كل مباراة شارك فيها، و480 ألف جنيه إسترليني لقاء كل هدف شارك فيه سواءً بالتسجيل أو بالصناعة!

حسب موقع Transfer Market البريطاني والذي يعنى بإحصائيات اللاعبين وقيمتهم السوقية، فإن القيمة السوقية لغاريث بيل حالياً تعادل 72 مليون باوند، أي أنه قد خسر 13 مليوناً من قيمة شرائه في عام 2013.

أما من ناحية إيرادات اللاعب من بيع قميصه، فلا بد أولاً أن نوضح أن صافي أرباح بيع قمصان اللاعبين بشكل عام تتقاسمها الشركة المصنعة والراعية للفريق مع النادي، حيث يكون نصيب الأسد من الأرباح للشركة. مسألة سداد قيمة الصفقات عن طريق مبيعات قمصان اللاعب خلال أسابيع معدودة، ما هي إلا خرافة يروج لها الإعلام الرياضي بعد كل صفقة كبيرة للدلالة على نجاحها مادياً. إلى حد الآن، لا توجد إحصائيات رسمية لعدد مبيعات قمصان غاريث بيل، لكن حسب موقع Soccer365 الرياضي، فإن قائمة القمصان الأكثر مبيعاً في العالم، والتي ضمت 15 اسماً، قد خلت من وجود بيل!

بقاء غاريث بيل ضمن صفوف الريال يشكل عبئاً مادياً على النادي دون جدوى فنية، وأن رحيله يمكن تعويضه بالشاب الصاعد ماركو أسينسيو الذي لفت جميع الأنظار بما يملكه من موهبة وحس تهديفي منذ بداية الموسم. كما أن رحيله قد يعطي المدرب الفرنسي زين الدين زيدان أريحية أكبر في اللعب بأكثر من تشكيلة.