* مصادر لبنانية لـ "الوطن": الدبلوماسية المصرية الفرنسية وراء موقف الحريري من الاستقالة

* ميشال معوض: سلاح "حزب الله" عبء استراتيجي ولابد من إعادة إنتاج تسوية لبنانية

بيروت - بديع قرحاني



أعلن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري الأربعاء من بيروت تريثه في المضي رسمياً باستقالته، بعد نحو 3 أسابيع على إعلانها بشكل مفاجئ في الرياض، ليفسح بذلك المجال أمام المزيد من المشاورات بشأن القضايا الخلافية تلبية لطلب الرئيس ميشال عون، فيما أكدت مصادر لبنانية لـ "الوطن" أن "الدبلوماسية المصرية الفرنسية وراء تريث الحريري من إعلان استقالته".

وخلافاً لكل التوقعات، أعلن الحريري تريثه عن الاستقالة بعد الخلوة التي عقدها مع عون حيث أعلن أنه عرض استقالته على عون الذي تمنى عليه التريث في تقديمها والاحتفاظ بها لمزيد من التشاور في أسبابها وحيثياتها سياسياً.

وقال الحريري من قصر بعبدا "أبديت تجاوبي مع هذا التمني آملاً في أن يشكل مدخلاً جدياً لحوار مسؤول يجدد التمسك باتفاق الطائف ومنطلقات الوفاق الوطني ويعالج المسائل الخلافية وانعكاساتها على لبنان مع الأشقاء العرب".

وأشارت مصادر إعلامية إلى أن الحريري وضع جدول زمني لتريثه عن إعلان استقالته إفساحاً في المجال أمام عون و"حزب الله" من أجل العودة إلى مبادئ التسوية التي حصلت في السابق أي سياسة "النأي بالنفس" وعدم التدخل في الخلافات والصراعات العربية. ورأى محللون ومراقبون أن ما أعلنه أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله في كلمته الأخيرة التأكيد على عدم إرساله أي سلاح إلى اليمن وانسحاب عناصره من العراق وربما قريباً من سوريا قد تكون بداية لإعلان "حزب الله" رسمياً عدم تدخله في شؤون المنطقة . من جانبه، رأى رئيس "حركة الاستقلال" ميشال معوض أن "هناك صراعاً كبيراً في المنطقة وأمامنا خياران إما الدخول في الصراع أو إعادة إنتاج تسوية لبنانية"، مشدداً على أن "سلاح "حزب الله" عبء استراتيجي من هنا فإن العودة إلى التسوية هو بداية عودة الجميع إلى لبنان".

وعاهد الحريري المئات من مناصريه الذين احتشدوا أمام دارته وسط بيروت احتفالاً بعودته، بالبقاء معهم وإكمال مسيرته حفاظاً على "استقرار" لبنان.

وأثارت استقالة الحريري في 4 نوفمبر الجاري، صدمة كبيرة لدى حلفائه وبيته الداخلي كما لدى خصومه، ورفض عون قبولها رسمياً قبل عودته الى بيروت بوساطة فرنسية بعد بقائه أسبوعين في الرياض وسط ظروف "غامضة" لم تتضح ملابساتها بعد.

وقال الحريري في خطاب تلاه من القصر الرئاسي بعد خلوة عقدها مع عون "لقد عرضت استقالتي على فخامة الرئيس وقد تمنى عليّ التريث في تقديمها والاحتفاظ بها لمزيد من التشاور في أسبابها وخلفياتها السياسية فأبديت تجاوباً مع هذا التمني".

وبحسب الخبير الدستوري اللبناني إدمون رزق، فإن قرار الحريري يعني أنه "مستمر في مهامه لأن التريث يعني تعليق الاستقالة".

وأضاف "طالما أن رئيس الجمهورية لم يقبلها فلا تعتبر الاستقالة ميثاقية".

وفي بيان استقالته الذي بثته قناة العربية في الرابع من الشهر الحالي، وجه الحريري انتقادات لاذعة الى كل من إيران و"حزب الله"، أبرز مكونات حكومته. واتهم الأخير بفرض "الأمر الواقع" وعدم الالتزام بمبدأ "النأي بالنفس" عن النزاعات في المنطقة خصوصاً في اليمن وسوريا.

وجدد الحريري تمسكه "بوجوب الالتزام بسياسة النأي بالنفس من الحروب وعن الصراعات الخارجية والنزاعات الإقليمية"، آملاً أن يشكل قراره "مدخلاً جدياً لحوار مسؤول" من شأنه أن "يعالج المسائل الخلافية وانعكاساتها على علاقات لبنان مع الأشقاء العرب".

وأكد الحريري تطلعه الى "شراكة حقيقة من كل القوى السياسية في تقديم مصلحة لبنان العليا على أي مصالح أخرى".

وصدرت مواقف الحريري الأربعاء بعد حضوره ورئيس الجمهورية ورئيس البرلمان نبيه بري عرضاً عسكرياً وسط بيروت لمناسبة الذكرى الـ74 لاستقلال لبنان، قبل أن ينتقل الثلاثة إلى القصر الرئاسي لعقد خلوة والمشاركة في حفل استقبال رسمي بالمناسبة.

وأثمرت وساطة فرنسية مصرية قادها الرئيس ايمانويل ماكرون والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، انتقال الحريري الى باريس السبت بعد بقائه لأسبوعين في الرياض، وإعلانه التريث في استقالته. وتوجه الثلاثاء الى القاهرة لبضع ساعات حيث التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قبل أن ينتقل إلى لارنكا في طريقه إلى بيروت.

وأطل الحريري أمام مناصريه الذين توافدوا إلى دارته وسط بيروت، حيث رفعوا صوره ورايات تيار المستقبل الزرقاء مرددين هتافات "بالروح بالدم نفديك يا سعد".

وأعرب في خطاب ألقاه أمامهم عن امتنانه لوفائهم. وقال "أنا باقٍ معكم وسأكمل "مسيرتي" معكم.. لنكون خط الدفاع عن لبنان وعن استقرار لبنان وعن عروبة لبنان".

وكان الرئيس اللبناني رفض قبول استقالة الحريري التي تعد سابقة في الحياة السياسية اللبنانية، إذ يقضي العرف بأن يتسلم رئيس الجمهورية الاستقالة خطياً من رئيس الحكومة خلال لقاء يجمعهما.