التقى الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية اليوم الخميس وبحضور صالح بن عيسى بن هندي مستشار جلالة الملك المفدى لشئون الشباب والرياضة، واللواء عادل بن خليفة الفاضل وزير الدولة للشئون الداخلية واللواء طارق حسن الحسن رئيس الأمن العام ومحافظي المحافظات الخمس، مع نخبة من أصحاب الفضيلة علماء الدين وأعضاء من مجلسي الشورى والنواب وغرفة تجارة وصناعة البحرين ورؤساء تحرير الصحف وممثلين للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بالإضافة إلى عدد من أصحاب المجالس والوجهاء ورؤساء المراكز والجمعيات الشبابية.
وقد عبر الوزير في مستهل اللقاء عن شكره وتقديره لكافة الحضور، وحرصهم على التواصل في كل ما من شأنه حماية الصف الوطني وتعزيز السلم الأهلي.
وخلال اللقاء ، ألقى وزير الداخلية، كلمة جاء فيها:
يسعدني بداية أن أرحب بكم جميعاً وأن أشكر حضوركم ؛ كما ويطيب أن أبارك لكم بحلول شهر رمضان الفضيل ، أعاده المولى عز وجل على هذا البلد باليمن والخيـر والبركة في ظل قيادة حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه. وإنه من منطلق الشراكة الأمنية المجتمعية ارتأيت في هذا الظرف الدقيق، أن أتحدث معكم في الشئون الأمنية، والتي هي بطبيعة الحال تعنينا جميعاً. إننا اليوم على بُعد أكثـر من ثلاث سنوات من فبـراير 2011 والصورة العامة للموقف أصبحت أكثـر وضوحاً عن تلك التي رسمتها بعض وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية حينذاك، وكما تعلمون أيها الإخوة فإن الصورة الإعلامية لا تحتاج إلى وقت طويل لرسمها، ولكن تصحيحها يحتاج إلى وقت أطول بكثيـر، وأن أهم الأمور التي تساعد في إظهار الحقيقية هو الثبات على الحق، والتمسك بالقانون. فقد مرت علينا أيام مؤلمة لم نتمناها للبحرين ولا لأي بلد، فلقد عاش المواطنون الآمنون حالة من الذهول والخوف وخيبة أمل نحو بعض المواقف، ولا أريد أن أخوض في تلك المرحلة التي عشنا تفاصيلها، فإننا في مرحلة تضميد الجراح وليس فتحها من جديد ولكنني أشكر المولى عز وجل كل يوم أنْ لنا قائداً وطنياً كبيــر المقام، ثبت على الحق وثبتّ الموقف، وجنبنا بحكمته من الدخول في صراع أهلي لا تحمد عقباه، فشكراً لكم سيدي حضرة صاحب الجلالة وحفظكم الباري سنداً وذخراً لهذا الوطن، والشكر موصول للمواطنين الأعزاء ولكل من ساهم في حفظ الأمن في الداخل والخارج من الدول الشقيقة ، فإنه لو فلت منا زمام الأمور لا قدر الله لكنا اليوم في وضع مختلف كلياً. والأمثلة مع الأسف ليست ببعيدة ومن سيكون الملام على هذا الأمر؟ وهذه التطورات الخطيـرة تحدث إما بأسباب فقدان القيادة أو انعدام السيطرة على الموقف، ولا أحد ممكن أن يتكهن ويقدر حدودها ومدى حجم ضررها على المجتمع. ولقد تبع مرحلة الضبط والسيطرة الأولى مرحلة دقيقة تداخل في تطبيقها الكثير من التقديرات الميدانية والقانونية والسياسية والاجتماعية والتـي تم اتخاذها في تلك الفتـرة لمواصلة احتواء الموقف وإفشال محاولات التصعيد،ولم يكن عملنا في هذه المرحلة ردود فعل ، وإنما اعتمد على رؤيا واضحة المعالم والأهداف تتمثل في التواجد والصمود والسيطرة على المواقف واستخدام القوة بالقدر المناسب لحفظ الأمن ، وتجنب محاولات الاستدراج الخطيرة. وبالرغم من هذا الوضوح في ضرورة التمسك بالقانون ؛ فإننا نرى بعض الجماعات والأفراد لم تستوعب هذا الوضع الحضاري ومازالت تعتقد بأنها يمكن أن تنظم نفسها ، وتمارس نشاطها خارج كيان الدولة وهذا أمرٌ مخالف للقانون وغير ممكن في ظل حضور الدولة المدنية وفي هذه الحالة سوف يتم معالجة الأمر بطبيعة الحال بالقانون.أيها الإخوة مازلنا نتذكر التجربة التي عشناها جميعاً، وكيف تحولت الفوضى إلى عنف وتخريب وتطورت إلى تفجيـر وقتل لتشكل حالة إرهاب، والنتيجة والمحصلة الوطنية كانت سلبية، ولنا أن نتساءل أين أوصلتنا هذه البذرة السيئة ؟ وماذا جنينا من حصادها ؟ وليقيم كل من اقتنع بهذه الفكرة الهدامة ماذا ربح؟ وماذا خسر؟ أترك إلى كل شخص الإجابة على ذلك بينه وبين نفسه في مصارحة مع الذات، وأنا أعرف كما تعرفون أن كلام مجاملة الشارع قد يكلف صاحبه ثمناً كان في غنى عنه، لأنه في ليس مقتنعاً به أصلاً. وأود أن أؤكد لكم أيها الإخوة بأن إحساسنا المشترك نحو أبناء الوطن يدفعني للقول بأن البحرين خسرت كل قطرة دم أُريقت في تلك الأحداث ، ونحن اليوم ننظر بثقة إلى المستقبل، فعجلة الموقف تحركت وقطعت مراحل من الإنجاز ، بالرغم من وجود من ظل يتحرك في دائرة التطرف وإنه من المهم أن تكبر الدولة على الحدث حتى تستمر حركة الحياة ويجب أن لا تتوقف مسيرة النهوض بسبب من أختار لنفسه أن يتأخر، ولكن سوف تكون هناك أبواب مفتوحة لمن أراد أن يتبع. أيها الإخوة، لا يخفى عليكم ما نشاهده ونسمعه من نشوب أحداث ونزاعات إقليمية ودولية مؤسفة، فقد كنا بالأمس القريب ننظر إلى ما يحدث في سوريا وقد حذرنا من أثر ذلك على أمننا الوطني، واليوم نرى بكل أسف قتالاً طائفياً في العراق بين أشقاء عرب ومسلمين، إنها العروبة تنتحر لأسباب طائفية ، وقد نتج عن ذلك هنا اختلاف في وجهات النظر حول ما يجري ونحن نراقب الأمور ونقف بحزم ولن نسمح بتفشي هذا الخطر الطائفي الذي يهدد سلامة الناس ويهدد وحدتنا وثوابتنا الوطنية، ونحن والحمد لله قد اجتزنا تحديات خطيـرة سابقة بفضل تمسكنا بمبادئنا الوطنية. لقد سبق وأن تعالت الأصوات الطائفية وانتشرت مشاعر لا تخدم الوطنية ومن المؤسف أن نسمع من البعض من يتحدث عن التفرقة بين طائفة وأخرى، وهذا أمر في غاية الخطورة، فدستورنا وقوانيننا لا تميز بين أبناء الوطن الواحد. أيها الإخوة، ليكون شعار البحرين أولاً برنامج عمل وطني يعزز المناعة الوطنية ضد أسباب الاختلاف ، فلدينا والحمد لله ثوابت وطنية واضحة أجمعنا عليها وعادات كريمة وتقاليد أصيلة اتسم فيها المجتمع البحريني، وهي تمثل أسس حميدة في التعايش السلمي. أيها الإخوة، إن ما طالعتنا به وسائل الإعلام مؤخراً من معلومات هامة تم الكشف عنها حول برامج تغييـر الأنظمة في المنطقة، فإن هذا الأمر سوف لن يربكنا من جديد، ولكننا سنتعامل معها بكل جدية للوقوف على أبعاد تلك المفاهيم والأهداف التي ترمي إليها.
أيها الإخوة، أنا أعلم أنكم تفرحون بأن الوطن قد تعافى والحمد لله، وأن عجلة النمو قد تحركت حيث تشير الإحصاءات والبيانات إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي من (9,871) بليون في عام 2012 إلى (10,207) بليون، وزيادة معدل النمو الاقتصادي بنسبة 5,4 % بعد أن كانت 2,7%, كما بلغ عدد الزائرين لمملكة البحرين عام 2012م (8151890) زائر ،في حين كان عدد الزائرين في عام 2010م (5563336) زائر، وفي عام 2013م بلغ عدد الزائرين (8132543) زائر وهذا يدل على استقرار المملكة وازدهارها.
أيها الإخوة، إننا مقبلون على مرحلة هامة جداً يجري فيها الحديث عن أجواء الانتخابات البرلمانية والبلدية والتي ستجري بإذن الله نهاية هذا العام ، وهنا نأمل من الجميع المشاركة الفاعلة فيها. وفيما يتعلق بالحوار فهنالك رأيان ، رأي متشدد وآخر معتدل توافقي ، فإذا طغى الرأي المتشدد احتجنا مع ذلك إلى مزيد من الوقت ، وقد تكون هناك خسائر ومواقف غير متوقعة. وفي حالة تقدم الرأي المعتدل حصلنا على توافق وطني واستكملنا المسيرة. والبحرين بحمد لله وبفضل قيادتها الحكيمة وإرادة شعبها الأصيل ماضية في طريقها نحو المستقبل. أيها الإخوة، إنْ كنا نتوخى النجاح فأنه يجب أن نبتعد عن الديمقراطية الطائفية وأن تكون ديمقراطيتنا وطنية ومن خلال مايتم التوصل إليه من توافق وطنـي تحت قبة البرلمان ولا شك فإن تحقيق التوافق الوطني هو لتحاشي الاصطفاف الطائفي وأن يكون التعاطي مع القضايا المطروحة منطلقاً من حس وطنـي، وإن التطبيقات الديمقراطية يجب أن تكون واقعية تخدم المصلحة الوطنية العليا. وأنتهز هذه المناسبة الطيبة لأتوجه بالشكر إلى مجلسي النواب والشورى على تمرير قانوني المرور والدفاع المدني لما لهما من علاقة بحياة الناس وسلامتهم، وسوف تقوم وزارة الداخلية بالتعريف بقانون المرور وتطبيقه، وبما ينعكس بشكل واضح على انضباط الناس والتعاون من أجل سلامتهم وتكريس الثقافة والعادات المرورية الصحيحة. أيها الإخوة، إذا كانت المرحلة السابقة تطلبت جهداً أمنياً لاحتواء الموقف فأن رؤيتنا في المرحلة القادمة هي التركيز على استخدام وسائل التـأثير السلمية لتحقيق الأمن وتثبيته من خلال برامج سياسية وشبابية وإعلامية واجتماعية يشارك فيها الجميع من أجل الوطن واحترام وحدته وثوابته، لأن في ذلك حماية لمصالحنا الوطنية في الحاضر والمستقبل . وإذا كان هناك من كلمة أخيــرة فأود أن أذكر بأن المرحلة القادمة تتطلب منا التحرك في اتجاه واحد، إن تفرقنا أو اختلفنا. إن هذا يعتمد إلى حد كبيـر على ما نعكسه من انطباع للعالم. لقد كان التباين واضحاً في بعض الأمور على سبيل المثال؛ بينكم من خاطبنا عن هيبة الدولة والإجراءات اللينة وصوت آخر يقول بأن هناك استخداماً مفرطاً للقوة. أيها الإخوة ، لقد كانت مهمتنا وطنية تخدمكم جميعاً وتحميكم جميعاً ، مهمتنا هي حفظ أمن البحرين، والمرحلة القادمة تتطلب تقارباً وإخلاصاً وطنياً يحرص على سلامة البحرين وعروبتها، ولكم منا الوفاء والإخلاص. بارك الله فيكم أيها الإخوة وسدد على طريق الحق والخيـر خطانا، وأدام على وطننا المحبة والأمن والسلام في ظل قيادة سيدي حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.