قالت إدارة الأوقاف الجعفرية إنها بصدد تصحيحٍ شامل للوضع الذي تمر به الأوقاف منذ سنوات طويلة، وأن ذلك يتطلب إتخاذ بعض الإجرءات الصعبة والضرورية لوقف النزيف المستمر في أموال الوقف .
وبالإشارة إلى إنهاء التعاقد مع 42 إماماً من منتسبي الكادر أوضحت إدارة الأوقاف إلى أنها لم تلجأ إلى هذا الاجراء إلا بوصفه العلاج الوحيد المتاح لحل أزمة كادر الأئمة والمؤذنين الذي يشكل أسوأ ملف فساد في تاريخ الأوقاف وذلك بعد استنفاذ جميع الحلول الأخرى، وقد قامت الإدارة بصرف مخصصات نهاية الخدمة تعادل خمس رواتب لمن شملهم قرار الفصل، كما أنه سيكون من حقهم التقدم بعد خمسة اشهر للالتحاق بنظام المكآفآت وفق الضوابط والأنظمة المعمول بها في الإدارة.
وفي هذا الصدد قال رئيس مجلس الأوقاف سماحة الشيخ محسن آل عصفور :" في الحقيقة إننا نرث اليوم تركة ثقيلة ومشاكل مستعصية ومتراكمة لازمت مجالس الإدارات السابقة، وقد حان الوقت لتصحيحها وضبط الوضع المالي والإداري للأوقاف وحماية مال الوقف من التلاعب تحت مسميات مختلفة، ولتضع لأول مرة استراتيجية واضحة وخطة عمل زمنية للتغلب على هذه المشكلة، واعادة المبالغ المسحوبة الى الحساب العام للاوقاف ولو استغرق ذلك فترات زمنية طويلة ".
وأضاف آل عصفور:" نحن مؤتمنون على الأوقاف، ومحاسبون أمام الله عز وجل والواقفين والجهات الرقابية بحفظ وحسن توجيه أموال الوقف، ووضع حد للتلاعب الذي استمر فترات طويلة، ولا نستطيع إجراء أي إصلاح حقيقي في الأوقاف إلا بعد اقتلاع جذور هذه المشكلة".
ولفت لآل عصفور إلى أن مجلس الإدارة أخذ على عاتقه أن يبدأ في إجراءات تصحيحية شاملة، ومن بين "أبرز الملفات العالقة في إدارة الأوقاف هو التسيب وعدم الانضباط في عدد غير قليل من منتسبي كادر الأئمة والمؤذنين.
وقال آل عصفور إن مجلس الأوقاف الجعفرية كان حريصاً منذ بداية تعيينه على تصحيح هذا الوضع، وقد عقد اجتماعاً استثنائياً قرر فيه بالإجماع وقف نزيف هدر مال الوقف العام، وإنقاذ الأوقاف من حالة الانهيار المالي، حيث أن أكثر من ستة ملايين دينار صرفت من أموال الوقف العام في ثلاث سنوات على أئمة ومؤذنين بدون مسوغ شرعي وقانوني، كما تم تحميل الأوقاف ديون باهظة بدون وجود آلية لاسترجاعها.
وأكد ان استمرار الوضع على ماهو عليه سيؤدي في نهاية المطاف إلى إفلاس الأوقاف وانهيارها، وإن ماحدث في بداية تفعيل كادر الائمة والمؤذنين من توظيف مستمر تجاوز المنحة المخصصة للكادر أدى الى اقتطاع جزء ضخم من أموال الاوقاف".
وأشار إلى أن غياب تطبيق المعايير والضوابط في التوظيف وتدخل بعض المحسوبيات أدى إلى صرف رواتب شهرية للبعض دون وجه حق، كما أن غياب المتابعة والإشراف المستمر على أداء موظفي نظامي الكادر والمكآفات أدى إلى تقاعس البعض منهم وعدم الالتزام بالمهام المنوطة به.
وأكد رئيس الأوقاف أن الموازنة المخصصة لمشروع كادر الأئمة والمؤذنين لا تكفي لتغطية نصف المساجد التابعة للإدارة .
وقد أشار ديوان الرقابة المالية والإدارية من خلال ملاحظة رقم 1 من تقريره لشهر يوليو 2012م إلى مخالفة صريحة بخصوص قيام الإدارة بالسحب من الحساب الوقفي العام دون وجود أي برنامج لتسوية هذه المبالغ طوال السنوات الماضية.
وفي هذا الصدد أشارت إدارة الأوقاف إلى أنها خاطبت الجهات الرسمية ذات العلاقة وأوصت بزيادة ميزانية الكادر حتى تستوعب الوضع الحالي، ولكن تلك الجهات اعتذرت عن تلبية هذا الطلب بسبب الوضع المالي المثقل للدولة والذي أفادت أنه يتطلب ترشيد الإنفاق وضبط المصروفات.
وذكرت إدارة الأوقاف الجعفرية أنها استندت في قراراتها إلى قانون الخدمة المدنية، وقامت بالتنسيق مع مسؤلي الديوان، حيث أن كثير ممن شملهم القرار غير منضبطين في عملهم بل إن أكثرهم كان يعيش خارج البحرين دون إشعار الإدارة وفقاً لما تقتضيه أنظمة ديوان الخدمة المدنية.
وأضاف آل عصفور :" لقد جاءت هذه الاجراءات بعد استفحال المشكلة وخروجها عن السيطرة، وبحسب التقارير المحايدة للجهات الرقابية فإن استمرار الوضع السابق ينبئ بخطورة كبيرة على مستقبل الأوقاف وأموال المساجد والحسنيات.
ونوه إلى أن ديوان الرقابة المالية والإدارية أشار بوضوح إلى هذه المشكلة في تقاريره السنوية المتعاقبة، حيث اشارت مسودة تقرير الرقابة المالية الى وجود عدد من الائمة والمؤذنين مسجلين على الكادر غير منضبطين بالمهام الوظيفية الموكلة لهم (اداء صلوات الجماعة في المساجد المسجلين عليها)، ولم تقم الادارة باتخاذ أي اجراء حيالهم لضبط حضورهم او انهاء خدماتهم واستبدالهم بآخرين.
كما تبين انقطاع عدد من الائمة والمؤذنين عن العمل لسفرهم خارج البلاد لفترات طويلة متصلة ومنفصلة بلغت في بعض الاحيان اكثر من 120 يوما خلال العام 2013، دون الحصول على اذن من الادارة، مما يعد مخالفة للمادة (28) من قانون ديوان الخدمة المدنية التي تنص على انه "يعتبر الموظف مستقيبلا اذا انقطع عن عمله بغير اذن اكثر من خمسة عشر يوم عمل متصلة او ثلاثين يوم عمل غير متصلة في السنة".
وقد فوض مجلس الاوقاف عضوين منه لعمل زيارات تفتيش ميداني على المساجد للتاكد من مدى انضباط الائمة بالعمل، وقد بين التقرير الذي تم اعداده في ديسمبر 2013 عدم انضباط 83 اماماً.كما اشار التقرير الى غياب قاعدة بيانات تتضمن معلومات مكتملة ومحدثة عن أشخاص الائمة والمؤذنين.
وتجدر الاشارة الى ان الادارة قامت في 21 يناير 2014 بتوجيه طلب حضور لجميع الائمة والمؤذنين البالغ عددهم 590 شخصا للحضور خلال شهرين لتحديث بياناتهم لديها، غير انه تبين عدم استجابة 299 منهم للحضور حتى 31 مارس 2014.
ولفت ال عصفور إلى أنه وجه الإدارة - واستناداً إلى توصية من ديوان الرقابة - إلى اعتماد دليل سياسات واجراءات ينظم شؤون شاغلي الوظائف الدينية بنظام المكافئات والبالغ عددهم 245 موظفا، حيث يشمل ذلك الدليل وصفاً للاجراءات المنظمة لعمليات التوظيف والترقيات والتدريب والتقييم وانتهاء الخدمة وغيرها من المسائل الهامة المتعلقة بالموارد البشرية، وان غياب ذلك الدليل من شانه ان يؤدي الى عدم اتباع سياسات واجراءات واضحة وموحدة ويجعل العمليات المطبقة عرضة للاجتهادات والتقديرات الشخصية.
وفي هذا السياق أشار رئيس الأوقاف إلى أن من المساؤى في الوضع السابق وجود تفاوت فاحش في المكافات الممنوحة لشاغلي الوظائف الدينية، فهناك من يستلم مكافاة شهرية قدرها 250 ديناراً في حين يوجد من يستلم مكافاة قدرها 60 ديناراً فقط.
وأفصح آل عصفور أن الإدارة ستبدأ عن قريب العمل بنظام جديد من شأنه أن يرفع المخصصات المالية لمنتسبي نظام المكآفآت بحسب مؤهلاتهم الدراسية يبدأ بمائتي دينار الى اربعمائة دينار.