^ استطراداً للحديث حول العلاقة بين أفراد الطائفتين بعد أحداث فبراير المؤسفة، ينبغي التأكد على أن جوهر المشكلة في البحرين سياسي وليس طائفياً، فالمشكلة لا تعود إلى خلافات مذهبية أو فقهية، فما يؤجِّج الوضع والانقسام الاجتماعي سببه الخلافات السياسية، وتضارب مصالح القوى والنخب السياسية التي تمثِّل، أو بالأحرى تدعِّي تمثيل، أبناء الطائفتين الكريمتين. أعتقد أن الانقسام الاجتماعي الذي يكاد يكون أمراً واقعاً في مجتمعنا البحريني، وتدنِّي مستوى ثقة أفراده بعضهم في بعض، مردّه الخلاف السياسي الحاد في أسباب الأزمة، وكيفية الخروج منها، وقد تسبّب في هذا الخلاف سياسيّون، وذلك بصرف النظر عن الملبس أو الكلمات التي ينتقونها بتأنٍ ودقةٍ قبل التفوّه أمام الميكرفون أو عبر القنوات الفضائية الأجنبية. إن هذا قد يفسِّر أيضاً ضعف تأثير الخطاب الديني في الخروج من الأزمة السياسية، أو حتى التقليل من وطئها وحدتها، فهذا الخطاب لم يستطع حتى هذه اللحظة نزع الفتيل الطائفي، بل زاده اشتعالاً، رغم كل مزاعمه بالدعوة إلى الائتلاف والتآخي بين أبناء البلد، فما يحدث اليوم للأسف الشديد هو الاستقطاب الطائفي المقيت، وتشغيل الماكينات المذهبية الإعلامية ليلاً ونهاراً، واستغلال كل حادثة عارضة، وكل خبر تافه، في تأجيج الكراهية للآخر، والتهويل من خطره، وادعاء كل طرف بأن الآخر يريد استبعاده من المشاركة في صنع القرار السياسي. لابّد أن تدرك النخب السياسية أن التحشيد الطائفي المتبادل على الضفتين، والزعم المستمر بأن هذا التنظيم أو ذاك نصب نفسه مدافعاً عن مصالح طائفته، يؤسِّسان لفتنة مذهبية عمياء قد تأتي على كل منجزات الوطن، وتطيح بقيم التسامح والتعايش التي تربّى عليها أبناء البحرين عقوداً طويلةً، وهذا لن يحدث لأن المواطن يعي حالياً بأن الإطار الوطني التوافقي من خلال الحوارات السياسية المتواصلة هو الطريق السليم لحلحلة الأزمة السياسية، وهو أيضاً السبيل لقطع الطريق على محاولات تشطير المجتمع، وبناء جدران الثقة والمودة بين أبنائه!