^ الأنظار ستتركز أكثر على البحرين بعد اثني عشر يوماً تحديداً حينما تتم استضافة حدث الفورمولا واحد، والذي بحسب تصنيف المتابعة العالمية الرياضية يعتبر ثالث أضخم حدث من حيث المتابعة الجماهيرية بعد منافسات كأس العالم والألعاب الأولمبية. في السنوات الماضية التي استضافت فيها البحرين سباق الجائزة الكبرى كانت تستضيف معه مئات الصحفيين والإعلاميين من حول العالم. ورغم أن التركيز كله ينصب على تغطية الحدث الرياضي باعتبار الإعلام الموجود هو إعلام رياضي بحت، إلا أن هؤلاء الإعلاميين يلتفتون لكل شيء يثير الاهتمام في البلد المستضيفة للفعالية. سباق هذا العام سيكون محور تركيز إعلامي لا محالة، خاصة وأن سباق العام الماضي تم إلغاؤه بسبب الأزمة، بالتالي لن يكون اهتمام الإعلام الموجود فقط على السباق بل على رصد ومتابعة الأمور الأخرى التي ارتبطت بإلغاء سباق العام الماضي، وعلى رأس ذلك الأمن في البحرين. لمن تابع برنامج “الهارد توك” على “البي بي سي” الإنجليزية والتي تمت فيه استضافة رئيس المركز المنحل المحرض نبيل رجب، يدرك بأن نية مؤزمي الوضع في البحرين ودعاة الانقلاب هو الاستفادة من وجود هؤلاء الإعلاميين في البحرين لمنحهم المزيد من المعلومات المضللة والأكاذيب، ولمحاولة الاستفراد بهم لوحدهم ليأخذوا القصة من جانب واحد. كان هدفهم إلغاء السباق مثلما حصل في العام الماضي كأولوية، لكن مع تصريحات مالك الحقوق الحصرية ورئيس إدارة الفورمولا واحد السيد بيرني إيكليستون المؤكدة لإقامة السباق وبيان أن ما يحصل في البحرين تقوم به فئات تمتهن التخريب والإرهاب، فإن الخطة البديلة تتركز الآن على استغلال وجود الإعلاميين لشن هجمة إعلامية جديدة على مملكة البحرين. النية المبيتة لديهم واضحة ومكشوفة، وهذا حديث ليس بجديد، لكن الجديد في المسألة هو ما يرتبط باستعدادات البحرين كدولة ومؤسسات مجتمع مدني ومواطنين مخلصين للتصدي لهذه المحاولات عبر احتواء الإعلاميين الأجانب وتزويدهم بالحقيقة التي حصلت في البحرين. نكتب هذه السطور للتذكير ولعل الجهات المعنية ماضية في الإعداد لأسلوب تعامل تنويري وتوضيحي لوسائل الإعلام بشأن ما حصل في البحرين، وبيان الحقائق التي تبين أن ما حصل هو حركة انقلابية طائفية عنصرية هدفها لم يكن مصلحة المواطن وتحقيق مطالباته المعيشية بل هدفها اختطاف الدولة وتغيير نظامها. لدى الدولة رصيد غني من التسجيلات المرئية للإرهاب الممارس على الأرض، فيديوهات عن التخريب وأخرى تبين الاعتداء على رجال الأمن وقتلهم، إضافة إلى مشاهد تؤكد زيف ادعاء سلمية التظاهرات مثلما حصل في الجامعة ومشهد السكاكين وتخريب الممتلكات العامة واستهداف العمالة الأجنبية والتعرض للمواطنين. إضافة إلى ذلك يجب إبراز السيناريو الذي مضت فيه الدولة لاحتواء الأزمة وحماية البحرين من هذا المخطط الانقلابي، وذلك عبر استعراض خطوات التهدئة منذ الإخلاء الأول للدوار ودعوات الحوار وصولاً إلى لجنة تقصي الحقائق الدولية وتطبيق توصياتها على الأرض. الحلقة الأخيرة لبرنامج “الهارد توك” والتي سنعرج عليها قريباً بإمكانها أن تكون أحد الشواهد التي تقدم لبيان تناقض من يدعي الدفاع عن حقوق الإنسان، وكيف أنه يتحرك بطريقة طائفية عنصرية، وتثبت “المعايير المزدوجة” التي لا يصح أن توجد في حقوقي لا يفترض تحوله إلى سياسي، وهذه مسألة مهم أن يعرفها الغرب عن هؤلاء الذين يدعون نضالهم من أجل الحرية والعدالة والإنسانية، بينما هم يصنفون البشر ويتعاملون معهم بناء على معايير عنصرية. مثل هذه المقابلات والتسجيلات وغيرها من المواد التوثيقية هي التي تكشف للإعلام الأجنبي الحقيقة بشأن ما حصل في البحرين، إضافة لردود فعل القوى العالمية والشخصيات الدولية المؤثرة، وهي الردود التي نتمنى أن يتم توثيقها في كتاب أو مطبوعات تبين تعاطي المجتمع الدولي مع خطوات البحرين حين تم النظر للمسألة بحيادية وموضوعية دون الاكتفاء بما يقوله طرف أقواله تناقض أفعاله. ليس الإعلاميون الغربيون فقط هدفاً لهؤلاء حتى يشنوا حملة إعلامية جديدة من خلالهم، بل حتى السياح الأجانب وزوار البحرين لأجل السباق، والذين ننبه بأن عملية الاستفراد بهم وغسل أدمغتهم بالكذب والادعاءات ستبدأ منذ وصولهم المطار وتحديداً عند ركوبهم وسائل المواصلات وسيارات الأجرة، فالبعض لن يفوت أي فرصة لضرب البحرين في أي وقت وأي مكان. أسلوب التعامل مع الإعلام الغربي هو المهم هنا، ولن يكون أسلوباً ذكياً إبعادهم عما يحصل في البحرين كدولة وحصرهم فقط في السباق، لأنهم أصلاً لن يقبلوا بذلك بل هم يأتون بدافع الفضول ولمعرفة الحقيقة، بالتالي الحقيقة وحدها وبالأدلة الموثقة وبالشرح الصحيح للواقع هو أفضل أسلوب. هم يريدون الآن الاستفادة من حدث الفورمولا واحد للترويج لمؤامرتهم الانقلابية باستخدام المظلومية والتباكي وإدانة الدولة في مقابل إخفاء جرائمهم وإنكارها، بالتالي على الدولة والمكونات المخلصة أن تستفيد قبلهم من هذا الحدث لبيان الحقيقة للغرب بأن ما حصل لنا ليس حراك شعب بأكمله، بل مؤامرة انقلابية لفئة لعبت على جراح الناس ودفعتهم للشوارع ليموتوا من أجل إسقاط نظام لتوريثه بعدها لأناس لديهم أجندتهم وأهدافهم المدعومة بأطراف خارجية كانت ومازالت ترى البحرين ولاية تابعة لها. استفيدوا من هذا الحدث انتصاراً للبحرين، ولا تتهاونوا فيه، إذ هم بدأوا يعدون العدة لاستغلاله منذ أن صدمهم إيكليستون وبقية فرق السباق حينما أكدوا إقامة السباق في موعده.