غزة - عز الدين أبو عيشة

بعد التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزّة مساء السبت، حيث استهدفت طائرات الاحتلال مواقع للمقاومة الفلسطينية وأراضي زراعية، بنحو 18 غارة جوّية، وقصف مدفعي كبير لمناطق مختلفة من محافظات القطاع، وأسفر عنه استشهاد مواطنين، وتضرر عدد كبير من المنازل المجاورة للمناطق المستهدفة، تثار تساؤلات جدية حول امكانية اندلاع حرب جديدة وعدوان اسرائيلي جديد على القطاع.

ووصفت حملة القصف التي جاءت ردًا على تفجير عبوة على حدود غزة أصيب إثرها 4 جنود إسرائيليين، بأنها الأعنف منذ إنتهاء العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة صيف 2014، وكان لأوّل مرة ردٌ من المقاومة على الاحتلال باستخدام مضادات الطائرات.



بدورها، حركة حماس أكّدت أنّ المقاومة في قطاع غزة لن تسمح بفرض أي معادلة جديدة على الأرض، وأنّ العدوان الإسرائيلي يأتي وفق القرارات الأخيرة التي أصدرتها الإدارة الأمريكية.

الناطق باسم "حماس" حازم قاسم قال لـ "الوطن"، "اتخذت المقاومة إجراءات احترازية بالتزامن مع قيام الاحتلال بمناورات كبيرة بالقرب من القطاع وهي على أهبة الاستعداد لخوض أي عدوانٍ جديد".

وتابع قاسم ""حماس" لا تخشى المواجهة وهي مستعدة لها، وإن كانت غير معنية بالتصعيد لغاية الآن، لكن نحن مستعدون وجاهزون لكل الاحتمالات، إلا أنه ليس متوقعًا أن يكون هناك عدوان إسرائيلي على القطاع في الوقت الحالي".

وشدّد على ان "المقاومة لن تسمح أيضًا بتصدير أزمات الاحتلال الداخلية وقضايا فساد قادته بالتصعيد ضد شعبنا"، منوها إلى أنها "سياسة فاشلة لن تكسر إرادة شعبنا".

ورجّح محللون سياسيون ومتابعون للشأن الإسرائيلي أن تكون هذه الشرارة الأولى التي ينتظرها الاحتلال لاشتعال التصعيد، ولكنهم استبعدوا اندلاع مواجهة بين إسرائيل وقطاع غزة، لأنّ المقاومة غير معنية بتصعيد الأمور على الأرض، غير أنهم أبقوا جميع الاحتمالات مفتوحة في ظل الأوضاع الدولية الراهنة وأزمة نتنياهو الداخلية.

ولكن وفق المحللين فإن كافة الأطراف مستعدة ولكنها غير معنية بالتصعيد، فإسرائيل تعلم أن استهدافها قطاع غزة سيفتح عليها جبهة جديدة جنوب لبنان، وحماس غير معنية بالتصعيد خلال الفترة الحالية.

المختص في الشأن الإسرائيلي عدنان أبو عامر رأى أن "تفجير عبوة على حدود غزة حدث غير عادي، ولكن قد لا يتجاوز الرد الإسرائيلي الرد التقليدي فالعيون الإسرائيلية ما زالت نحو الشمال".

وأكّد في تصريح لـ "الوطن" أنّ "اسرائيل غير معنية بالحرب مع غزة"، مشيرًا إلى أن "عينها على سوريا والشمال وجنوب لبنان، خاصة أنها لن تسمح بأن تكون ايران على حدودها، وكل ما تخطط له إسرائيل هو تقسيم سوريا والعراق وابقاء الانقسام الفلسطيني، حتى تصبح دولة عظمى".

وأشار أبو عامر إلى أنّ "الحدث لن يشتعل أكثر من ذلك، وأن الاستهداف الإسرائيلي سيتوقف عند هذا الحد، خاصة وأن المناطق التي ضربتها فارغة".

من جهته، أكد المحلل السياسي إبراهيم المدهون أن "الاحتلال يدرك أن أي عملية عدوانية على غزة لن تمر مرور الكرام لدى المقاومة"، مشيًرا إلى أنّ "غلاف القطاع لن يكون أمنا وأمانا للمحتل وما حدث بالأمس أكبر دليل".

وأضاف المدهون في تصريح لـ "الوطن"، "تفجير العبوة دليل على أن شعبنا الفلسطيني يعمل دون كلل أو ملل ومستعد لجميع السيناريوهات"، مستبعدًا أن "تؤدي العملية لمواجهة كبيرة مع الاحتلال، على الرغم من استعداد المقاومة للسيناريو الأسوأ".

وتابع المدهون "من المبكر الحديث عن اندلاع حرب جديدة في غزة خلال الأشهر القليلة المقبلة، فلا أظن أن هناك حرباً مفتوحة، لاعتبارات تخص كل طرف، والمواقف الميدانية ليست مشجعة للدخول في هذه الحرب".

بدوره، أوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر ناجي شراب، لـ "الوطن" أنه "لا أعتقد أن تندلع حرب أو عدوان جديد على غزة، لكن تبقى كل الاحتمالات مفتوحة، غير أنه ليس من العقل الانجرار للحرب، وكل المستجدات الإقليمية والدولية ناهيك عن الداخلية لا تعمل لصالح خيار الحرب".

وتوقع شراب أن "تكون موجة التصعيد الأخيرة بمثابة جس نبض للمقاومة الفلسطينية، وأن يكون التصعيد محدودًا"، داعيًا المقاومة إلى "التعاطي بحكمة مع رد الفعل الإسرائيلي".