اليوم العالمي للمرأة.. عنوان له بريقه ويوم له خصوصيته عند أنصار حقوق المرأة من الجنسين، هو اليوم الموافق 8 مارس من كل عام وهي ذكرى النضال العمالي لعاملات مصانع الملابس في نيويورك عام 1909 للمطالبة بحقوقهن من زيادة الأجور وتقليل عدد ساعات العمل الطويلة، يضاف إليها الحق السياسي للمرأة في التصويت على الانتخابات، وقد اهتمت بعض الدول الشيوعية الاشتراكية، وعلى رأسها الاتحاد السوفيتي وما يدور في فلكها من أحزاب شيوعية واشتراكية حول العالم، بهذا اليوم حتى قررت الأمم المتحدة عام 1975 اعتبار هذا العام هو العام العالمي للمرأة، ومن عام 1976-1985 هو عقد الأمم المتحدة للمرأة.

والحقيقة، أن النضال النسائي لم يركز على قضية محددة بعينها، وذلك لاختلاف الأعراق والثقافات والظروف من مجتمع لآخر، ولكن أبرز المشاكل التي لطالما واجهت المرأة قديماً وحديثاً هي ظاهرة العنف بكل صوره ضد المرأة وكذلك حقوق العمل والضمان الاجتماعي للمعيشة والختان وزواج القاصرات، وإذا استثنينا الدول المتقدمة علمياً وحضارياً، وهم قليل بالطبع حيث وضع المرأة أفضل كثيراً من نظيرتها في باقي دول العالم، نجد صعوبة تواجه المرأة في نيل حقوقها تحت قهر العادات المجتمعية وخاصة في المنطقة العربية وأفريقيا وبعض شعوب جنوب شرق آسيا، فإذا علمنا أن 39 ألف قاصر «تحت سن الـ18 عاماً»، يتزوجن يومياً وواحدة من كل 3 نساء في العالم تواجه العنف الجسدي.

فضلاً عن معاناة النساء في الحروب وظروف أخرى يستحيل فيها العيش الكريم من مجاعات وبطالة وتمييز، ومع ذلك فالنضال مستمر منذ القدم بلا كلل أو ملل أو إحباط، وهذا إن دل فإنما يدل على أنها تملك إرادة أقوى من الرجل عندما تتوفر لها نفس الظروف والفرص. المجتمعات الذكورية تحكم على المرأة بالفشل مع أنها محرومة من نفس الامتيازات الاجتماعية للرجل وكل ما تناله يأتي بالنضال والكفاح والصبر.

وبالطبع لا يمكننا الحديث عن معاناة المرأة ونتجاوز وضع المرأة العربية التي تعيش مأساة حقيقية تختلف وفقاً للظروف والبيئة المحيطة، ويكفي أن قرابة ثلاثين دولة من جميع قارات العالم جعلت هذا اليوم ما بين إجازة رسمية لجميع الموظفين أو إجازة للمرأة فقط، وليس من بينهم دولة عربية واحدة وهذا مؤشر واضح على حالة اللامبالاة نحو المرأة العربية، فالمرأة العربية وخاصة في المجتمعات الفقيرة وفي دول «الخريف العربي» تعاني الإهمال وقسوة المعيشة على المستويين الرسمي والشعبي! وحتى هنا في الكويت ورغم الجهود المبذولة من رواد الفكر المستنير في نيل المرأة الكويتية حقوقها كاملة غير منقوصة ورغم توقيع الحكومة الكويتية لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عام 1994 إلا أننا ننتظر تفعيلها رغم أن الدستور الكويتي في المادة 70 يعطي للاتفاقيات الدولية قوة القانون الكويتي، ولذلك لا تنتهي معاناة الكويتيات المتزوجات من غير كويتيين وكذلك الأرامل والمطلقات في النفقة والولاية على الأبناء والتمثيل الجيد في الحياة السياسية ودوائر صنع القرار، رغم أنها تشكل 64% من المقاعد الدراسية و59% من قوة العمل.

حيث لاتزال العادات والعصبية تتغلب على الحداثة ومتطلبات العصر ومنح الحقوق كاملة، لذلك نكرر أن معاناة المرأة في كل أنحاء العالم لا تنتهي وهي كثيرة لا يمكن حصرها وتختلف من بيئة لأخرى، والنضال والكفاح والتوعية بأهمية دور المرأة هو السبيل الوحيد لانتزاع حقوقها ولو على المدى البعيد، «فما لا يؤخذ كله لا يترك كله»، وبالإرادة والعزيمة والثقة بالنفس ستنجح المرأة في نيل حقوقها المشروعة.

والإحباط والسلبية واليأس سيأتي بنتيجة عكسية، على النساء أن يستلهمن التجارب الناجحة والعظيمة لنساء أثروا التاريخ الإنساني بإسهاماتهن العلمية والثقافية والاجتماعية والسياسية، فالمرأة على الأقل نصف المجتمع، وتحضر وتقدم أي دولة ومجتمع مرهون بحقوق المرأة، لذلك نجد أن المرأة في الدول المتقدمة شرقاً وغرباً كالرجل تماماً في الحقوق والواجبات، فماذا ننتظر إذاً؟!! وما الضرر في منح الحقوق كاملة؟!!

أسئلة ننتظر إجابتها بإنصاف ووضوح وحق إن كان هناك مجيب!!... في هذا اليوم كل التحية والتقدير لأحرار العالم نساءً ورجالاً من أصحاب الفكر الراقي المستنير والأخلاق الرفيعة الذين يدعمون المرأة في كل مكان في العالم لتنتزع حقوقها الكاملة المشروعة، فالأخلاق أفعال وليست أقوالاً.