كانت الخسارة حتمية فى نهائى كأس الليبرتادورس عام 2012، خرج الفتى الذى يناهز من العمر 36 عاما يلهث محملًا ومسترجعًا اخفاقاته - التى تعتبر فى نظر الجميع أكثر من نجاحاته - إلى غرفة خلع الملابس ليمارس عادته فى التوحد بعد المباريات سواء فائزًا او خاسرًا ، كان شعوره بكرة القدم يتضاءل بسبب عامل السن وخروج الآخرين آخرهم مارتن باليرمو الذى كان يحمل قيادة الفريق لأكثر من عشرين عاما ومن قبله كارلوس بيانكى مدرب العصر الذهبى لبوكا جونيورز، امتلاكه احساسًا خاصًا تجاه كرة القدم يمكن وصفه بالنضال الكروى جعله يكافح من أجل ان يكون سعيدًا فى الملعب .

يصفونه دومًا بأنه لاعب متجهم وصعب المراس ، وهو يقر بذلك لأن الملعب فى نظره ليس مكان لتكوين صداقات . لديه طلاسمه الخاصة التى لاتتناسب مع المزاج العام فى اللعبة وهو ما جعله فى نظر أغلب المديرين الذى عمل تحت قيادتهم لاعب متكاسل لا يقوم بتنفيذ المطلوب منه .

فى مرحلة سابقة من حياة اللاعب تحديدًا فى نهاية الموسم الافتتاحى فى الارجنتين عام 2002 كان الفتى يحزم حقائبه – شبه مجبرا – متهيأ للرحيل الى اقليم كتالونيا لاجراء الفحوصات الطبية تمهيدا لانتقاله الى برشلونة فى بداية مسيرة جديدة وانتهاء عصر كان هو نجمه الاوحد ، كان شقيقه الأصغر رهينة لدى احدى المافيا الارجنتينية ، فدفع ثمن انتقاله للعب فى اوروبا فدية لتحرير اخيه الاصغر من الاسر بعد مسيرة ست سنوات هى الأنجح فى تاريخ اى لاعب مر على النادى الجنوبى مشتركا فيها مع مدربه ووالده الروحى كارلوس بيناكى الذى جاء به فى سن التسعة عشر من احدى ضواحى العاصمة الارجنتينية بعد ان كان يلعب كرة القدم فى نادى أرخنتينوس جونيورز المغمور وجعله اللاعب رقم 10 فى الفريق وترك العنان لموهبته ، نضالا سويا ضد كل من يقف امام افكارهم وقواعدهم الخاصة .

امتلكا البوكا آنذاك جميع عناصر اللعبة وامتزج ذكاء ودهاء بيناكى مع غريزية ريكليمى وتعلقه بالكرة الذى يشبه تعلق الفتيات الصغيرات بالدمى وقدرته الفطرية على تبسيط اللعبة ، وكونوا كتيبة البوكا التى لم تخسر طيلة اربعين مباراة وحققوا بطولتين ليبرتادوريس وحصل ريكيلمى على جائزة احسن لاعب فى امريكا الجنوبية .



كان عصر ريكليمى مع برشلونة على النقيض مع البوكا ، محبط للغاية ، كانت حقبة جديدة بالنسبة للاعب وللنادى معًا ، عاصر الفتى جميع ناشئي برشلونة الذين خلدوا اسم النادى فيما بعد ، وضعه لويس فان جال على الاطراف فجاء أداءه متذبذب وضعيف ومخيب للآمال ، خرج لويس فان جال بعدما رفعت جماهير النادى المناديل البيضاء فى شكل احتجاجات على اداء الفريق ، وامتلك مساعده " رادومير انتيتش " زمام الامور مؤقتا ولعب بنفس تكتيك لويس فان جال ووضع ريكليمى على الجناح مما أدى إلى تحجيم حركته داخل الملعب وفشله فى التأقلم مع مركزه الجديد ، كان لزامًا عليه الخروج من كتالونيا بعدما اتسعت دائرة منتقديه بأنه بطئ الحركة ولا يدافع بشكل جيد ، خرج ريكليمى بتجربة قاسية بكل المقاييس ، أما عن اللعب ك جناح وترك العمق فيدافع بيرلو فى مذاكرته ضمنيا عن ريكليمى وعن جميع لاعبى الوسط : "ولدت لالعب فى العمق ، علاقتى بعمق الملعب مثل علاقة السمكة بالماء ، هل تعتقد ان السمكة تعيش بدون ماء ..؟ وهو احد الاسباب التى دفعتنى للرحيل عن السانسيرو " .



حزم أمتعته مرة آخرى وذهب الى فريق صاعد حديثًا الى الليجا يدعى فياريال ، كانت فترة انعدام ثقة بالنسبة للسنيور لكن الضغوط هناك كانت اقل ، وبين النسيان التام والذاكرة المطلقة للفترة التى عانها فى اقليم كتالونيا ، استرد اللاعب هيبته مرة آخرى واثبت لمنتقديه بأن ارائهم كانت محض هراء .

كون ثنائيا جبارًا مع دييجو فولارن وكان العصر الذهبى لفريق الغواصات حيث استطاع فى أول مواسمه فى الليجا احتلال المركز الثالث خلف برشلونة وريال مدريد واللعب فى دورى الابطال وحصل ريكليمى على جائزة افضل لاعب امريكى جنوبى فى الليجا ، كان مسيرة النادى فى دورى الابطال تتجاوز كل التوقعات ، استطاع إزاحة كلا من مانشستر يونايتد وإنتر والوصول إلى نصف نهائى البطولة حتى جاءت ضربة الجزاء التعيسة فى نصف نهائى البطولة ضد الارسنال والتى كانت كفيلة بصعود الفريق إلى نهائى البطولة ليعاند الحظ الفتى ريكليمى ويضعها فى يد الحارس وتنتهى المغامرة بشكل كابوسى .



تعالت صيحات الانتقادات مرة آخرى بنهاية عام 2006 كانت المشاكل بينه وبين مدرب فياريال التشيلى بيللجرينى قد وصلت الذروة بعدما حمله الاخير مسئولية الخروج من دورى الأبطال ، قرر ريكيلمى الخروج من أوروبا نهائيًا على الرغم من وصول عروض انجليزية وايطالية .

كانت تلك الفترة تزامن كأس العالم 2006 ، اختاره بيكرمان ضمن القائمة الذاهبة إلى المانيا ولكن المنتخب الأرجنتينى خرج من دور الثمانية وانتقده بشدة بيكرمان قائلا " اردنا أن نجعله قائداً، لكن بأسلوبه الطفولي في ممارسة كرة القدم، يعتبر نقيضاً للقائد " فجاء رد ريكليمى على مدربه بالاعتزال الدولى لأنه يمتلك مبادئه الخاصة لا مبادئ المدرب .

عاد إلى معشوقته البوكا فى شكل إعارة من فياريال ، كانت الأمور على مايرام ، استطاع ان يتحكم فى الإيقاع من جديد فهو قادر على تحويل الملعب الى صالة من الجمباز على حد قول بيانكى ، إحراز 8 اهداف فى كأس الليبرتادورس واهداء اللقب للنادى الجنوبى، عاد مرة آخرى الى فياريال بعد انتهاء فترة الاعارة وظل حبيس الاحتياطى فى عهد بيللجرينى ، عاد مرة أخرى إلى البوكا ليظن الجميع أنه سينهى مسيرته فى النادى الجنوبى لكن عجلة التاريخ لاتعرف المستحيل ليعود فى مطلع هذا الموسم إلى ضواحى العاصمة حيث ذكرياته القديمة ويحمل شارة قيادة ارخنتينوس جونيورز لتبدأ رحلة نضال جديدة تستمر إلى حافة العقد الرابع من عمره فى ساحات الملاعب.

ريكليمى لاعب متمرد آثار جدلًا فى الملاعب بين المنتقد والمُحب وتخطت شهرته فيما يخص اللاعبون الذين يحافظون على مبادئهم فى الملعب ولا يسمحون بالتجاوز عندما يتعلق الامر بإلغاء شخصية وكيان المرء ، لاعب عندما ستصير كرة القدم أمرًا غير ممتع بالنسبة له ، سوف يعتزلها وسيدمن على نبتة الماتي مع أمه .