برعاية سامية من لدن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى ال خليفة ملك البلاد المفدى تم افتتاح مؤتمر سفراء دولة فلسطين لدى الدول العربية صباح هذا اليوم بفندق الخليج بمملكة البحرين.

وقد اناب جلالة الملك المفدى سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء في افتتاح المؤتمر وذلك بحضور علي صالح الصالح رئيس مجلس الشورى و الشيخ خالد بن احمد بن محمد آل خليفة وزير الخارجية ، ورياض نجيب المالكي وزير خارجية دولة فلسطين وعدد من اصحاب المعالي والسعادة الوزراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى مملكة البحرين .
ويناقش المؤتمر عددا من القضايا ذات العلاقة بقضية فلسطين في ظل ما تشهده الساحة الفلسطينية من تطورات واحداث جسام و ما يتعرض له الشعب الفلسطيني الشقيق من عدوان اسرائيلي غاشم .
ويأتي انعقاد المؤتمر في مملكة البحرين تأكيدا لموقفها الثابت والداعم لقضية الشعب الفلسطيني الشقيق والوقوف الى جانبه في كفاحه العادل لنيل حقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وفي بداية كلمته رحب معالي وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة بسمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء ومعالي الدكتور رياض المالكي، وزير خارجية دولة فلسطين وبأصحاب السعادة سفراء دولة فلسطين لدى الدول العربية، فيما نقل إليهم تحيات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وترحيب مملكة البحرين بانعقاد المؤتمر على أرضها.
وأكد الشيخ خالد أن مملكة البحرين لم ولن تدخر جهداً في مساندة مطالب الشعب الفلسطيني المشروعة في المجتمع الدولي، مهنئا المسئولين الفلسطينيين على تحقيق الكثير من الانجازات وفي مقدمتها حصول فلسطين على وضع الدولة المراقب في الامم المتحدة وعلى عضوية منظمة اليونسكو وغيرها من المحافل الدولية، والتوقيع على عدد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وهو الأمر الذي يعزز مكانتها كدولة، ويمثل تقدما في مسيرة الشعب الفلسطيني للحصول على الاستقلال في ظل دولة فلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية ، وهذا حق طبيعي من حقوق شعب فلسطين الشقيق، التي لا يمكن التنازل عنها، وتؤكدها القرارات والمعاهدات الدولية، مؤكدا في نفس الوقت إدانة مملكة البحرين الشديدة لسياسات إسرائيل الاستيطانية الهادفة إلى الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، وتغيير الوضع الديموغرافي فيها، باعتبارها جريمة أخلاقية وإنسانية، يجب إيقافها لضمان الوصول إلى سلام عادل و دائم.
وقال وزير الخارجية أن ما يجري اليوم للشعب الفلسطيني العزيز في قطاع غزة، من اعتداء غاشم وقمع وأعمال وحشية تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلية، من إزهاقٍ للأرواح وسفكٍ لدماء الأبرياء ودمار للبنى التحتية والممتلكات، لهو انتهاك إسرائيلي صارخ لجميع الأعراف والقوانين الدولية، وإن مملكة البحرين تدين وترفض تلك الأعمال الإجرامية، وتؤكد على ضرورة أن يقوم المجتمع الدولي بدوره في حماية الشعب الفلسطيني الشقيق، وإلزام إسرائيل بوقف غاراتها وممارساتها البشعة.
وأضاف وزير الخارجية أنه استمراراً لموقف مملكة البحرين، كما هو دائماً، في مقدمة الصفوف للوقوف معكم أيها الأشقاء، فإن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى ، قد أصدر تعليماته الى المؤسسة الخيرية الملكية، لتواصل عملها والقيام بواجباتها تجاه الأخوة والأهل في غزة في كافة المجالات.
وأعرب الشيخ خالد بن أحمد في ختام كلمته عن تمنياته للمؤتمر في التوصل لقرارات ملموسة ولرؤية ذات ابعاد استراتيجية تدفع بالعمل الوطني الفلسطيني قدماً نحو الامام وتساعد في تحقيق طموحات الشعب الفلسطيني الأبي، داعيا لله بالتوفيق والتقدم والنجاح، وعلى فلسطين وشعبها العزيز دوام الاستقرار والأمن والرفعة والازدهار.
من جانبه توجه وزير الخارجية الفلسطيني معالي الدكتور رياض نجيب المالكي باسم الرئيس الفلسطيني السيد محمود عباس بأسمى آيات التقدير والعرفان إلى مملكة البحرين ملكاً وحكومةً وشعباً على استضافتها الأخوية الكريمة لمؤتمر سفراء دولة فلسطين في الدول العربية، وعلى رأسها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة عاهل البلاد المفدى ، وبالشكر الموصول إلى صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الأمين، والشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير خارجية مملكة البحرين.
وقال الدكتور رياض المالكي أن هذه اللفتة الأخوية الصادقة تأتي امتداداً للسياسة العربية الأصيلة التي ينتهجها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، تجاه القضايا العربية عامة، وتجاه القضية الفلسطينية بشكل خاص، فجلالته لا يترك أي مناسبة إلا ويذكر الجميع ويؤكد لهم بضرورة توجه البوصلة دائماً نحو فلسطين، وأن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى والمركزية، وما الدعم الكبير الذي تقدمه مملكة البحرين للشعب الفلسطيني، ووقوفها الفاعل ضد هذا العدوان الهمجي الذي يتعرض له، خاصة أهلنا في قطاع غزة، واحتضانها الأخوي الدافئ للجالية الفلسطينية، والاهتمام بأوضاعها رسمياً وشعبياً، وكذلك المواقف الصادقة التي تتبناها بشكل مستمر مع حقوق الشعب الفلسطينية في المحافل كافة، والوفود الكثيرة الرسمية والشعبية التي تبادر بزيارة فلسطين المحتلة، إلا ترجمة لتوجيهات وسياسات جلالته وحكومته الرشيدة، هذه السياسات والمواقف دائماً تتقدم الصفوف في الدفاع عن عدالة القضية الفلسطينية وحقوق شعبنا المشروعة.
كما تقدم وزير الخارجية الفلسطيني بالشكر الجزيل لكافة الدول الشقيقة والصديقة التي تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني وتدعم قضاياه، وخص بالذكر دول مجلس التعاون الخليجي التي توفر شبكة أمان وذخر استراتيجي، سواء بالمواقف السياسية أو بالدعم السخي الذي تقدمه، وتشارك الشعب الفلسطيني همومه وطموحاته ومواقفه في كافة المراحل، وتعمل بشكل دائم لرفع المعاناة والظلم عنه، وقال إننا إذ نفتخر ونعتز بالعلاقة الأخوية الصادقة مع دول مجلس التعاون الخليجي، التي تثبت دوماً أنها قلب العروبة النابض والحارس الأمين على مصالحنا القومية، فإننا نعاهدكم أن نبقى أوفياء لمواقف العز التي تقفونها إلى جانب فلسطين.
وأكد الدكتور رياض المالكي أن انعقاد المؤتمر على أرض مملكة البحرين يكتسب أهمية كبيرة، خاصة في هذه المرحلة من عمر القضية الفلسطينية، وفي هذه الظروف التي تعصف بالعالم العربي، فمن جهة يتعرض الشعب الفلسطيني إلى عدوان إسرائيلي وحشي يصل إلى مستوى حرب إبادة حقيقية، تهدف إلى خلع جذوره العربية من أرض وطنه، وتدمير مقومات صموده، حيث لم تكتف الحكومة الإسرائيلية بإفشال فرصة السلام الأخيرة، والجهود الأمريكية والدولية التي قادها وزير الخارجية الأمريكي السيد جون كيري لإنجاح المفاوضات، ولم تقف عند حد التنكر لمرجعيات عملية السلام ولا الاتفاقيات الموقعة والتفاهمات بين الجانبين، وفي ظل استباحة جيش الاحتلال للضفة، واصلت الحكومة الإسرائيلية عمليات نهب الأراضي والاستيطان وتهويد أجزاء واسعة من الضفة، وفي مقدمتها تهويد القدس، ومحاولاتها تقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً، وأطلقت يد عصابات المستوطنين الإرهابيين ليعيثوا دماراً وتنكيلاً بشعبنا وممتلكاته ومقدساته، وبلغت بهم العنصرية والفاشية إلى حد اختطاف الطفل الفلسطيني محمد أبو خضير وتعذيبه وحرقه وهو حي.
كما واصلت الحكومة الإسرائيلية حصارها الظالم على قطاع غزة وحولته إلى سجن كبير، يتعرض بشكل يومي إلى عمليات القصف بالطائرات والاغتيالات وتحرمه من أبجديات الحياة الإنسانية مثل الكهرباء والماء والغذاء والدواء، وها هي تحول القطاع الصامد إلى ميدان للرماية والتدريب لأجهزتها العسكرية وأسلحتها المختلفة كلما لزم الأمر، وهي تشن على أهلنا في القطاع حربها الثالثة وبأسلحة الدمار المتطورة التي تطال الحجر والشجر، الإنسان والجماد، في حرب إبادة مدمرة لمقومات الحياة الفلسطينية في القطاع.
ويفرض على شعبنا النزوح مجدداً وبشكل جماعي من منازله والتجمع في المدارس وغيرها، ولكن أين يذهبون؟ في ظل المساحة الصغيرة لقطاع غزة، وهم أيضاً بدون ملاجئ، فيتواصل سقوط الشهداء والجرحة وتهدم المنازل بالمئات على مرأى ومسمع من العالم، وفي صبيحة هذا اليوم ارتكبت قوات الاحتلال الاسرائيلي مجزرة مروعة ذكرتنا بمجازر صبرا وشتيلا الدموية، حيث تقوم بمدفعياتها وطائراتها بقصف عشوائي للمناطق الشرقية لمدينة غزة وفي حي الشجاعية كانت المجزرة، مما أدى إلى أكثر من خمسين شهيداً وجرح أكثر من 500 جريح في منظر مروع تشاهدون به جثث الشهداء في الشوارع وأمام المنازل.
وأوضح وزير الخارجية الفلسطيني أن الرئيس محمود عباس قد طلب من السيد بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، اتخاذ الإجراءات الأممية اللازمة قانوناً لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وهو الأمر الذي دعمته الدول العربية كافة في الاجتماع الوزاري الذي عقد في الجامعة العربية مؤخراً، كما التزمت فيه أيضاً ببذل جهودها الدبلوماسية مع الدول المختلفة لتحقيق هذه الغاية، والعمل على عقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة لبحث سبل توفير هذه الحماية، انطلاقاً مما توفره اتفاقيات جنيف للشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال، وبناءً على التزامات تلك الدول الموقعة عليها، وأن مجزرة الشجاعية البشعة تؤكد مجدداً على أهمية توفير الحماية الدولية لشعبنا الذي يتعرض لحملة إبادة جماعية.
وقال الدكتور رياض المالكي أنه ومنذ اللحظة الأولى يدرك السيد الرئيس محمود عباس بأن وقف العدوان لا بد وأن يبدأ قبل كل شيء بوقف اطلاق النار، لذا بادر سيادته وتواصل مع قيادات الدول الشقيقة والصديقة والمؤثرة، وحثهم على تقديم مبادرات لوقف إطلاق النار بهدف وقف العدوان، وكان الحديث الأساس في هذا المجال مع سيادة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، تقديراً للدور المصري الهام، حيث تجاوبت مصر الشقيقة مشكورة لهذا الطلب الفلسطيني الملح، وتقدمت بمبادرة قالت أنها نسقت بخصوصها مع كافة الأطراف المعنية، وحظيت بموافقة الدول العربية ودعمها في الاجتماع الطارئ لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، وكما تتابعون يقوم السيد الرئيس بجولة متواصلة للعواصم المختلفة ويواصل اتصالاته الدولية مع العالم، حيث عقد سلسلة اتصالات مع المسئولين المصريين وقيادات حماس والجهاد الإسلامي وتوجه إلى تركيا، باذلاً كل الجهد المستطاع لوقف العدوان من خلال وقف إطلاق النار أولاً وحماية شعبنا ووقف اراقة دمائه والمجازر التي ترتكب بحقه، ونحن متفائلون في نجاح جهود الرئيس محمود عباس هذا اليوم في اقناع الأطراف المعنية بوقف اطلاق النار والالتزام بالمبادرة المصرية التي لا يوجد مبادرة غيرها على الطاولة.
وأكد وزير الخارجية الفلسطيني سعي القيادة الفلسطينية لتحقيق وقف اطلاق النار وتثبيته واستدامته، والبحث في الاحتياجات الفلسطينية وما سينتج عن ذلك في اليوم الذي يليه، بما يعزز من دور حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني ونجاحاتها، خاصة فيما يتعلق بقطاع غزة ورفع الحصار عنه وفتح المعابر وإعادة إعماره، وقال أننا نقف بكل مسؤولية أمام الواقع المأساوي الذي فرض على قطاع غزة، ونتحمل مسؤولياتنا تجاه الظروف الإنسانية الصعبة التي حلت بشعبنا نتيجة العدوان، لذا ندعو الدول الشقيقة والصديقة لتقديم كل ما تستطيع من مساعدات طبية وغذائية ومالية للتخفيف من معاناة أهلنا في القطاع، وفي الوقت الذي نشكر به جميع الدول التي تقدمت بشكل فوري وعاجل بهذه المساعدات، فإننا ندعو إلى تفعيل مخرجات مؤتمر شرم الشيخ الذي انعقد عام 2009 من أجل إعادة إعمار قطاع غزة، علماً بأن المسؤولية قد تضاعفت بعد الدمار الذي خلفه العدوان الأخير، حيث هدم مئات المنازل بشكل كامل، وآلاف المنازل بشكل جزئي، وكذلك تدمير البنى التحتية والمستشفيات والمدارس والمؤسسات والمقرات الحكومية، مما يستدعي إعادة التركيز على تلك المقررات، والبحث في إمكانية الإعداد لمؤتمر شبيه في القريب العاجل للبحث في إمكانية إعادة الإعمار.
وشدد وزير الخارجية الفلسطيني على تمسك القيادة الفلسطينية بكل قوة بالمصالحة الفلسطينية، وبذل كافة الجهود لإنجاح حكومة الوفاق الوطني كطريق لا رجعة عنه، وضرورة وطنية ملحة للوصول إلى الحرية والاستقلال، وكذلك التمسك بضرورة تحقيق المزيد من الفعالية للعمق العربي كاستراتيجية دائمة في السياسة الفلسطينية ومواقفها، بما يشكله من حماية ودعم واسناد وشبكة أمان لصمود الشعب الفلسطيني وحقوقه، مؤكدا على الأهمية الكبيرة للتنسيق العربي المشترك، وعلى قرار القيادة الفلسطينية الاستراتيجي بضرورة تنسيق كافة الخطوات والقرارات والتوجهات الفلسطينية مع أشقائنا العرب، أشقائنا في المسيرة والمصير.
وأضاف أنه وبعد الاعتراف الأممي بدولة فلسطين كعضو مراقب في الأمم المتحدة، لا بد لنا من استكمال مسير الاعتراف الأممي بها كدولة كاملة العضوية في الأسر الدولية، واستكمال انضمامها لكافة المنظمات والاتفاقيات والمؤسسات والعهود والبروتكولات الدولية، حتى تكتمل الشخصية القانونية والسياسية لدولة فلسطين نحو تجسيد سيادتها على الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967.
وأشار وزير الخارجية الفلسطيني إلى أن المؤتمر يتطلب بذل الجهود اللازمة للإجابة على مجموعة من التساؤلات الهامة للارتقاء بمستوى التحديات المطروحة.
وفي كلمته وجه السفير الفلسطيني بالبحرين طه عبد القادر شكره لجلالة الملك وللحكومة البحرينية ولشعب البحرين الشقيق على مواقفهم الداعمة دائما للقضية الفلسطينية ، قائلا أن جلالة الملك المفدى لم يفتأ أن يؤكد دوما على أن القضية الفلسطينية ستبقى القضية المركزية للأمتين العربية والإسلامية ، ويجب أن لا تنسينا مشاكلنا العربية الداخلية هذه القضية المركزية ، وأضاف قائلا أن الرعاية الملكية السامية لهذا المؤتمر ليست سوى دليل حي على دعم جلالة الملك للقضية الفلسطينية ، والوقوف مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس.