تتجه الأنظار اليوم إلى مملكة الحزم والعزم التي تستضيف القمة العربية التاسعة والعشرين في مدينة الظهران شرق المملكة العربية السعودية بحضور العديد من ملوك ورؤساء الدول العربية، وذلك في ظل ظروف استثنائية تحيط بالمنطقة وتهديدات حقيقية تعصف بأمنها واستقرارها.

حالة من اللامبالاة والإحباط تخيّم على الشارع العربي بسبب فقدان الأمل في مخرجات القمم العربية استناداً إلى النتائج التي أفرزتها القمم السابقة والتي لم ترتقِ إلى طموحات الشعوب العربية ولم تلبِّ أمانيها في الوحدة والتكامل والدفاع عن أراضيها ومكتسباتها، فأضحت القمة العربية مناسبة بروتوكولية سنوية لالتقاط الصور بمن حضر من القادة العرب.

أعتقد أن القمة العربية في مدينة الظهران سوف تكون مختلفة هذه المرة، وذلك لما للمملكة العربية السعودية من ثقل عربي لا شك في أنه سيسهم بفعالية في إدارة القمة وتوجيهها نحو أهم أهدافها في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ أمتنا العربية، ألا وهو ترتيب البيت العربي في المقام الأول والعمل على تصفية الشوائب التي لحقت بالعلاقات العربية - العربية وتحصين البناء العربي من التدخلات الأجنبية والتجاذبات الإقليمية التي أدت إلى إحداث شرخ عظيم في الجدار العربي زاد البناء وهناً على وهن، فانشغلت الدول العربية بمشاكلها وأغفلت قضيتنا الأولى، ألا وهي القضية الفلسطينية والاحتلال الصهيوني للأراضي العربية.

تنعقد القمة العربية في الظهران، ومشاهد الخراب والدمار في بعض بلداننا العربية ترسم لوحة سوداء، ورائحة الدماء العربية والبارود الأجنبي يزكم الأنوف، وأصوات إخواننا وأخواتنا وصراخهم تصم الآذان، ومآسي اللاجئين منهم والفارين من الحروب أمام أعيننا ولا يحرك ساكناً فينا، والإرهاب البغيض يقضّ مضاجعنا بقنابله وتفجيراته التي تحصد أرواحاً بريئة لا تدري لماذا قُتلت، وبأي ذنبٍ عوقبت، ونقف أمامه عاجزين مذهولين من هول القسوة والتطرف وتشويه الدين.

تعتصر قلوبنا حزناً وشفقةً وأساً على حالنا ومكانتنا بين الأمم ومساهماتنا في تطور وتقدم البشرية، ولا نملك إلا الدعاء والابتهال لرب العزة والجلال أن يصلح حالنا ويهدي ولاة أمورنا لما فيه خير البلاد والعباد، وأن يجعل تجمعهم في أرض المملكة العربية السعودية بشرى خير وبداية لتصحيح مسار الجامعة العربية وتوحيد الرؤى لمستقبل واعد لبلداننا وشعوبنا.

هذه المرة لن نسرف في طموحنا وأحلامنا العربية، لن نطلب حل القضية الفلسطينية ولا الوحدة الاقتصادية ولا القوة العربية المشتركة، هذه المرة نطمع ونحلم فقط بأن يكون بيان القمة العربية سطراً واحداً «تم ترتيب البيت العربي وتصفية الشوائب».