كتبت ـ سلسبيل وليد:
يأتي رفع وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، دعوى قضائية بوقف أنشطة جمعية «الوفاق» 3 أشهر، بعد نحو 3 أعوام تحدّت خلالها الجمعية صحيح القانون، ودعت للانقلاب على الشرعية، وعملت ضد هوية المملكة واستقلالها، فضلاً عن مخالفاتها الإدارية والإجرائية الظاهرة على السطح إبان أزمة 2011 وما بعدها.
ودعت الوزارة في نص الدعوى، «الوفاق» إلى تصحيح وأضاعها وتسويتها وفقاً للقانون خلال الفترة، إثر بطلان 4 مؤتمرات عامة للجمعية، بسبب عدم تحقق نصابها القانوني، وعدم التزامها علانية وشفافية بإجراءات انعقادها.
وقالت إن الجمعية أصرت على مخالفة القانون ونظامها الأساس، وامتنعت عن تصحيح المخالفات المتعلقة بانعقاد مؤتمراتها العامة غير القانونية، وما يترتب عليها من بطلان قراراتها كافة.
وخاطبت الوزارة، الجمعية بشأن هذه المخالفات أكثر من مرة، ودعتها لتصحيح وضعها، غير أن الجمعية استمرت في المخالفة في مؤتمراتها العامة اللاحقة.
وبالاطلاع على قانون الجمعيات السياسية وما يحويه من أسس ديمقراطية متحضرة، تختلف تماماً عما تمارسه الوفاق على أرض الواقع، إذ تتحدث عن نهج آخر مغاير لتلك الأسس والمبادئ، ما يوضح كم المخالفات المرتكبة من قبل الجمعية، لجهة تحديها القانون، ومساسها بالوحدة الوطنية، والدعوة للانقلاب على الشرعية، والعمل ضد هوية المملكة واستقلالها.
وأصدرت الوفاق بياناً في سبتمبر 2012، جهرت فيه بالتهديد بالتصعيد والاستمرار في تنظيم المسيرات في كل مكان بما فيها العاصمة، ما يعتبر إمعاناً في مخالفة القانون وتعنتاً في استغلال الحريات المتاحة في المملكة، بينما يشترط قانون الجمعيات السياسية أن تمارس الجمعيات عملها «بصورة علنية وبوسائل سياسية ديمقراطية مشروعة».
ونص قانون الجمعيات «أن تعمل في إطار من الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والديمقراطية، على الوجه المبين بالدستور وميثاق العمل الوطني»، فكيف تعد الوفاق ملتزمة بما سبق وهي تهدد بتصعيد العنف، وتتبع قيادة دينية تحرض على العنف صراحة والاعتداء على رجال الأمن، وتعطيل مصالح الناس؟
ونص القانون على «عدم استخدام مؤسسات الدولة والمؤسسات العامة ودور العبادة والمؤسسات التعليمية لممارسة نشاطها»، بينما تعد دور العبادة أهم معاقل الوفاق، وتتلقى توجيهات السحق وإشعال الفتن من على منابرها.
ومن أهم قواعد القانون التي خالفتها الوفاق ما جاء في مادة نصت على «ألا تتعارض مبادئ الجمعية وأهدافها وبرامجها وسياساتها وأساليبها مع الثوابت الوطنية القائم عليها نظام الحكم في المملكة»، حيث أصبح سعي الوفاق منصباً على تحطيم هذه الثوابت.
واشترط القانون «ألا ترتبط الجمعية أو تتعاون مع أية أحزاب أو تنظيمات أو جماعات أو أفراد أو قوى سياسية تقوم على معاداة أو مناهضة المبادئ أو القواعد أو الأحكام المنصوص عليها في الدستور»، في حين أن الوفاق أجرت اتصالات ولقاءات مع جهات في العراق وإيران تتبنى مناهضة المملكة صراحة، إضافة إلى أن الوفاق تعتبر على نطاق واسع هي ومرجعيتها الدينية ذراع طهران في البحرين، وتابعاً دينياً وسياسياً لنظام الولي الفقيه الإيراني.
وفي نوفمبر 2011 طالب وزير العدل والائتلاف الوطني، بإقامة دعوى إدارية لحل جمعية الوفاق وحليفاتها من الجمعيات السياسية، ومراقبة المنابر كي لا تخرج عن غاياتها الدينية، لارتكابها عدة مخالفات، أبرزها المساس بالأمن القومي وتهديد الطائفة السنية.
ونظمت الوفاق بمساعدة حليفاتها من الجمعيات الأخرى، اعتصامات وتظاهرات منذ 14 فبراير غير مرخص لها، تتعارض مع مطلب قانون التجمعات والمسيرات والمظاهرات، وتعمدت تنظيمها في فترة احتفالات وطنية بمرور 10 أعوام على ميثاق العمل الوطني الذي وافق عليه 98،4% من الشعب، وتهجمت على أفراد الأمن والمدنيين العزل بالسيوف ما أدى إلى مقتل شخصين.
واحتلت «الوفاق» وأتباعها دوار مجلس التعاون وعطلت الحركة المرورية هناك في أكثر شوارع المملكة حيوية، وشكلت نقاط تفتيش من المحتجين قرب الدوار مع ممارسة السب والشتم للمارة من الطوائف الأخرى، إضافة إلى تنظيم أنشطة مشينة داخل الدوار.
وعثرت الجهات المختصة بعد فض الدوار، على زجاجات خمور في تناقض مع الطبيعة الدينية للتحرك الحاصل، حيث كانت المطالبة بجمهورية إسلامية على غرار الجمهورية الإيرانية، بينما تواترت الأخبار عن ممارسة زيجات المتعة في الدوار، وإلقاء خطابات التحريضية داخل الدوار، تكفّر من خلالها الطائفة السنية.
وبفضل جهود منابرهم الدينية قامت فئة لا تذكر بالتعدي على سائق تاكسي سني وهو الحاج راشد المعمري 70 عاماً عن طريق تحطيم سيارته بالارتطام المتعمد بها وجهاً لوجه، ثم ضربه وتعذيبه حتى الموت، والاعتداء على حوالي 15 عاملاً من جنسيات آسيوية مختلفة ما أدى لوفاة أحدهم، وخطف 5 من العمال الآسيويين وتعذيبهم وتصويرهم.
ولقيت دعوة أطلقها أمين عام الوفاق إلى ما أسماه «ديمقراطية الطوائف التوافقية»، انتقادات واسعة شعبية ورسمية، بينما أكدت وزارة العدل حينها أن الدعوة تأتي لتحويل البحرين إلى كانتونات طائفية لمناهضة الدولة المدنية، والسعي لاستنساخ نماذج إقليمية قائمة على أسس طائفية مذهبية، وممارسات المحاصصة والفيتو الطائفي في المشاركة والقرار السياسيين، إلا أن الوزارة اكتفت بهذه الانتقادات دون اتخاذ إجراء قانوني.
وتزعم الوفاق أنها تمثل شريحة تنبذ العنف، ويثبت الواقع أن الجمعية لم تصدر بياناً ولو يتيماً في إدانة أي عمل إرهابي شهدته المملكة، بل على العكس، إذ عادة ما تستنفر للدفاع عن مرتكبي الاعتداءات وتصفهم بالمناضلين.
وطالبت وزارة العدل، الوفاق بتصحيح أوضاع مخالفاتها، التزاماً بأحكام القانون والنظام الأساس للجمعية، ولكن الجمعية لم تلتزم بهذه التنبيهات رغم تكرارها.
وبما يخص مخالفات الوفاق في مجال العمل، نظمت الجمعية عصياناً مدنياً للعمال للإضرار باقتصاد وسياحة الدولة، وخصوصاً في القطاعات الحيوية كالنفط والاقتصاد وبعض الشركات الحكومية العاملة في مجال الغاز الطبيعي، بإشراف من الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين برئاسة حسن محفوظ.
وتولى موظفون بهذه الشركات ويحملون ذات أفكار الجمعية، توجيه المحتجين في العديد من الوزارات والشركات إلى سرقة سيارات العمل واستخدامها لصالح الاعتصامات، إلى جانب هروب العديد من الموظفين من أعمالهم بالتواطؤ مع أرباب العمل، وتكليف الموظفين المنتظمين «من الطائفة السنية الأقل درجة وظيفية» بأداء أعمالهم، وتهديد جميع من يرغب في الانتظام بالعمل بالقتل أو الضرب أو حرق البيوت، ودخول بعض الشركات والوزارات وتهديد موظفيها.