في شهر أبريل من سنة 1927 نشرت إحدى الصحف العراقية هذا الخبر: في يوم 16 فبراير سنة 1927 مرت عربة على الجسر الشمالي يسحبها حصانان أحدهما أشقر والثاني أملح وكانت العربة محملة بالحديد، وعندما وصلت لبداية الجسر من جانب الكرخ ثار الحصان الأملح وبدأ يرفس ويركض بسرعة والعربة مربوطة به، فضربت رجلاً وامرأتين كانوا يمشون على الجسر وألقت بهم في نهر دجلة فأنقذ أحد الصيادين الرجل وإحدى النساء أما المرأة الثانية فكان نصيبها الغرق وحتى المرأة الأولى ماتت بعد يومين، وفي يوم 23 مارس أي بعد شهر وأسبوع مرت نفس العربة والحصانين على نفس الجسر وتسببت بحادث آخر مات بسببه حصان مار على الجسر، وفي يوم 6 أبريل أي بعد أسبوعين من الحادث الثاني نفس العربة والحصانين على نفس الجسر تسببوا بحادث ثالث أصيبت به امرأة وطفل، فألقت العربة بالمرأة في النهر وأنقذها عمال الجسر، والطفل كسرت رجله، وفي كل هذه الحوادث كانت الشرطة تلقي القبض على سائق العربة سيئة الصيت ويحجز ويقدم إلى مديرية الشرطة ثم يخلى سبيله ويعود للعمل مرة أخرى على تلك العربة وحصانيها.. فمن المسؤول عن هذه الأرواح البريئة وكيف يمكن أن تتوقف هذه الحوادث فإنا نلفت أنظار أولي الأمر..

هذا ما ورد بالجريدة قبل 91 سنة، ولنتكلم بواقعنا اليوم، عندما غزت أمريكا العراق واحتلته سنة 2003 فرضت عليه العملية السياسية الجارية حالياً وربطت بها السياسيين الذين رافقوا دبابتها ومن التحق بركبهم، وبعد 15 سنة من الفشل والدمار مازالت أمريكا مصرة على تلك العربة المتهالكة التي فرضتها على العراق وشعبه «العملية السياسية» ولا تقبل بتغييرها، مع أن كثيرين شخصوا لها المشكلة ألا وهي العربة نفسها فقد ركبت بطريقة خاطئة، لكن مع ذلك آمنا بالله، أمريكا لا تريد تغيير هذه العملية بأي حال من الأحوال ومع أن عربتها متهالكة فيمكن التسليم بها وقبول هذا الواقع على مضض، لكن على أقل تقدير غيروا الخيل التي تجرها، والتي تسببت بكل الحوادث التي قضت على البلد وأهله، وابحثوا عن حصان أصيل بدل خيولكم المتخصصة بالحوادث فلا هم أوصلوا حمل العربة ولا تركوا الناس يمشون بأمان.

عربة العملية السياسية في العراق لا تختلف عن عربة الجسر قبل 91 سنة وزادت عليها، فقد ارتكبت ثلاثة حوادث بين حادث وآخر أربع سنوات حادث 2006 «انتخابات» و2010 «انتخابات» و2014 «انتخابات» وأي حوادث!! وها هي الآن ترتكب حادث 2018 هذه الانتخابات التي أعادت الوجوه نفسها وربما أسوأ، وأيضاً مثل كل مرة قائد العربة لا يحاسب على أي حادث من الحوادث وهذا ما يؤكد رضا صانع القرار الأمريكي على ما يجري هناك.