بعد تعيين وزيرتين جديدتين في الحكومة المصرية قبل قرابة أسبوعين، لتتسلم هالة زايد الصحة وياسمين فؤاد البيئة، إلى جانب وجود 6 وزيرات ما زلن يشغلن مناصبهن الوزارية، تشهد مصر لأول مرة في تاريخها تشكيل حكومتها لتكون النساء فيها بمعدل ربع الأعضاء. فكيف أصبحت 8 وزيرات في حكومة واحدة! يا له من فخر نشعر به كنساء عربيات، شعور يثلج الصدر ويغمرنا بالسعادة ليدفعنا نحو مزيد من العطاء والإنجاز. إن الفخر بنسبة النساء بالحكومة المصرية الحالية، لا يعني أن الخليج العربي لم يعين وزيرات من النساء من قبل، فكثير من الوزيرات الخليجيات لم يتبوأن المناصب وحسب، بل تميزن فيها وقدن الوزارات باقتدار، لكن يبقى أن تعيين المرأة في الحكومات الخليجية ليس القاعدة الثابتة، وما زال للرجال نصيب الأسد منها بما لا يكافئ نسبة النساء إلى الرجال في مجتمعاتنا، وبما لا يكافئ أيضاً مستوى الخبرات والمؤهلات الأكاديمية التي تحظى بها نساؤنا..!!

إن تجربة توزير النساء في العالم الثالث قديمة قدم استقلال دوله، فقد تبوأت ولأول مرة في تاريخ العالم الحديث السيدة باندرانايكا منصب رئيسة وزراء سيريلانكا، لتقود السياسة السيريلانكية قيادة رائعة ثلاث مرات، من 1960 إلى 1965، ومن 1970 إلى 1977، ومن 1994 إلى 2000، ومن الجدير الإشارة إلى أن المنصب لم يكن عائقاً يحول دون تربية أولادها وتنشئتهم على مستويات عالية، لتكون أماً للرئيسة التنفيذية الرابعة للبلاد - تشاندريكا كماراتونغا، وللوزير ورئيس البرلمان السريلانكي الراحل - أنورا باندرانايكا. أما في القارة الهندية فهناك انديرا غاندي، التي ترأست وزراء الهند لثلاث مرات على التوالي بين عامي 1966 و1977، وربما كانت ستستمر في العطاء لسنوات أطول لولا أنها اغتيلت في المرة الرابعة بين 1980 و1984. لقد كانت امرأة ذات شأن رفيع على مستوى العالم، وبفضلها تحولت الهند إلى بلد عظيم، وقد حالت قيادتها للبلاد دون دخول إسرائيل إليها في عهدها. يضاف إلى النموذجين الفريدين السابقين رئيسة وزراء باكستان بينظير بوتو لمرتين، لتكون أول امرأة تشعل رئاسة الوزراء في بلد مسلم، وقد اغتيلت من قبل متطرف شأنها شأن غاندي. وبإعلان أسبانيا عن تشكيل حكومتها الجديدة بعد سقوط حكومة الفساد التي سبقتها، يكون تاريخ العالم قد سجل رقماً قياسياً للحكومة الأكثر «نسوية»، بتعيين 11 وزيرة من أصل 17.

من جهة أخرى، ثمة ما يسترعي الانتباه، حيث إن أغلب توزير النساء في بلادنا العربية وخصوصاً الخليجية يأتي في أطر افترض المجتمع أنها مراكز اهتمام المرأة دوناً عن غيرها من المجالات ربما لارتباطها بالأسرة، كالبيئة والمساواة والشؤون الاجتماعية والصحة. لكن من النساء في الخارج من تولت منصب نائبة رئيس الحكومة وأخرى وزيرة الدفاع، وثالثة وزيرة للعدل، أو وزيرة للصناعة، أو الاقتصاد والمالية والضرائب. وربما من المهم الإقرار بأن محدودية فرص النساء ومجالاتها تعود لأمرين، الرجعية المستترة قديماً والتي يبدو لي أنها نفضت غبارها نسبياً في السنوات الأخيرة، وسوء أداء بعض الوزيرات، وأشدد على كلمة «بعض»، بما يوزاي إنصافاً «بعض» الوزراء الرجال أيضاً وإخفاقاتهم. وإن أردنا إلقاء نظرة سريعة على واقع الحال مؤخراً، فلعلنا نستبشر بعودة حميدة لمشاركة النساء إخوانهم الرجال في شغل المناصب الوزارية والتعاطي مع الأمر كمسؤولية كبيرة وتكليف يتطلب فهماً ودراية وعملاً دؤوباً دقيقاً، وليس تشريفاً ومنحة بريستيج.

* اختلاج النبض:

ما زالت المرأة الخليجية بحاجة لمزيد من الفرص والإيمان بقدراتها بما يساوي الرجل، وأن لا يكون منحها المناصب مسألة إثبات موقف أمام العالم وحسب، إن الإيمان بالمرأة الخليجية إذا ما اكتملت أركانه، لن يقتصر على مجالات اهتمامات قررها لها المجتمع، بل سيبحث في إمكانياتها الفعلية التي تخوض فيها ميادين لطالما اعتبرها الرجال حكراً لهم، على الرغم من إمكانية إن يكن النساء خير من يشغل وزارات تتطلب الدقة والجرأة وصرامة اتخاذ القرار، وكأنني بكل مؤهلة منهن تقول: «عينوني وزيرة».