إن أكثر ما يثير قلق الأم بصورة خاصة والعائلة بصورة عامة في البحرين هو انتظار عودة ابنها المراهق سالماً إلى المنزل في ظل الحوادث المميتة وعدم التزام الكثير من السّواق بقواعد المرور. فإما أن يكون ابنها من الشباب المنفلتين فتخشى عليه من أن يصيبه حادث يودي بحياته في طرفة عين، أو تخاف عليه أن يتعرض لحادث من طرف سائق غير ملتزم بقوانين السير فيتعرض لموت محتوم.

لا نعلم حقيقة ما يمكن أن يدفع بعض الشباب للسياقة المتهورة في شوارع البحرين الصغيرة على الرغم من التوجيهات والإرشادات وقساوة العقوبات وفرض الغرامات الكبيرة ضد المخالفين؟ لا نعلم كيف يدخل هؤلاء الشباب في عمليات معقدة وخطرة للغاية بطريقتهم البدائية للسّواقة التي لا تراعي أدب المرور ولا تلتزم بقوانينه وأنظمته التي من خلالها يقضون فيها زهرات شبابهم في لحظة طيش؟

تخيلوا أن شاباً متهوراً في سواقته يصطدم بمركبة تحتوي على أسرة محترمة مكونة من أم وأب وثلاثة أطفال ورضيع وتسير وفق النظام فيسحق عظامهم ويودي بحياتهم في لحظات. بعدها، هل سيقول السائق القاتل آسف «وحقكم علي»؟ أم سيدفع غرامة مالية فقط أو يقضي بالحبس لمدة خمس سنوات ليخرج بعد انقضاء مدة حبسه لمزاولة حياته بشكل طبيعي حتى دون وخز ضمير منه على فعلته الشنيعة؟ هذه الفواجع لا ينفع معها اعتذار ولا غرامة، فحياة الناس أهم من فكرة متخلفة تسكن ذهن مراهق كل همّه أن يرضي غروره ويشبع تطلعات من معه من المراهقين الذين يركبون معه في سيارته الرياضية فيشجعونه بغباء على السواقة المنفلتة والمتهورة لتكون النتيجة إمّا خسران شبابهم أو إقصاء غيرهم من الحياة عبر اصطدامهم بأناس أبرياء.

ربما التفتت الإدارة العامة للمرور فقامت بملاحقة كل من يقوم بالاستعراض الخطير والمتعمد وسط الشارع أو يقوم بأعمال متهورة أثناء السياقة وثم عرضه على النيابة أو بحبسه حتى ولو لم تنتج سلوكياته في السواقة أية أضرار فعلية، وكأنما تريد أن تقول الإدارة العامة للمرور لهؤلاء الفتية بأننا لن ننتظركم أن تقتلوا أنفسكم أو أن تؤذوا غيركم حتى يتم القبض عليكم، بل إننا سنقوم بمعاقبة كل فرد تؤدي سواقته لمخاطر محتملة وليست أكيدة.

مع كل هذه المجهودات التي يشكر عليها المرور في مخالفة المتهورين، إلا أننا نطالب بإجراءات أكثر حزماً وأكثر قساوة ضد كل من لا يعبأ بأرواح الناس البريئة، فكم من أمٍّ فُجعت بابنِها، وكم من أب فقد كامل أسرته بسبب مراهق أو سائق لا يراعي حرمة القانون. ولهذا يجب أن يضع المرور حداً لهذه المهزلة بتشديد العقوبات دون الالفتات للأصوات الناعمة التي تريد تخفيفها، فأرواح الناس ليست «لعبة» في أيديهم.