الدعوى هي الوسيلة القانونية التي يتوجه بها الشخص للقضاء للحصول على تقرير حق له أو حمايته. حيث كان التعريف التقليدي للدعوى على أنها (حق الشخص في المطالبة أمام القضاء بكل ما له أو ما يكون واجب الأداء له). فالقضاء هي السلطة القائمة على حماية الحقوق الذاتية بواسطة الحق المخول للفرد المتمثل في الدعوى. إلا أن الفقه القضائي لاحظ وجود الدعاوى التي لم يكن هدف المدعي منها المطالبة بحق ثابت وإنما كانت مجرد دعوى كيدية غير حقيقية الهدف منها الإضرار بمصالح الآخرين والإساءة لسمعتهم وتعطيلهم عن أعمالهم.

ونظراً لأهمية وانتشار مثل هذه الدعاوى سنتطرق إلى إضاءات حول معنى الكيدية وعن أحقية المدعى عليه في المطالبة بالتعويض في مواجهة المدعي. حيث يمكن تعريف الدعوى الكيدية على أنها (عبارة عن إجراء قانوني يلجأ بمقتضاه الفرد إلى المحكمة للحصول على ما لا يخصه، أو يحمي نفسه أو غيره بطريقة غير مشروعة، أو يحاول تعطيل الإجراءات، أو دفع الضرر عن نفسه بادعاءات واتهامات كاذبة لا أساس لها من الصحة، بهدف الضغط على الخصوم للصلح أو التنازل) وبمعنى آخر هي (استغلال حق الفرد في التقاضي والإلمام بالنظم والقواعد الفقهية والقانونية في توجيه الاتهامات الباطلة بهدف إحقاق باطل أو إبطال حق، للضغط على الخصم وإجباره على التنازل أو الصلح، أو ابتزازه مادياً لتحقيق بعض المكاسب غير المشروعة).

أي أن الدعوى الكيدية يجب أن يتوفر فيها عنصر إلحاق الضرر بالمدعى عليه، سواءً كان ذلك بانتقاص حقه وجحده، أو رفض منحه هذا الحق، أو ابتزازه مادياً بمحاولة الحصول على تعويض مادي منه، أو معنوياً بإلحاق الأذى والضرر بسمعته نتيجة اتهامات كاذبة مغرضة لا أساس لها من الصحة تعبر عن ضعف الوازع الديني وتدني القيم الأخلاقية لدى المدعي.



ومن هذا المنطلق سعى المشرع البحريني ولمواجهة هذا النوع من الدعاوى ومن أجل سد الطريق أمام ضعفاء النفوس باستعمال حق التقاضي بقصد تصفية الحسابات والكيد بخصومهم بطرق غير شرعية، فقد جاء في المادة (198) من المرسوم بقانون رقم (12) لسنة 1971 بإصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية على أنه (إذا قصد من الدعوى أو الدفاع فيها مجرد الكيد، جاز الحكم بالتعويض على من قصد ذلك). هذا وقد أكدت محكمة التمييز حق طلب التعويض وفقاً للمادة (198) مرافعات عندما قررت أنه (للخصم وفقاً للمادة 198 من قانون المرافعات طلب إلزام خصمه بتعويض ما لحقه من ضرر نتيجة دفاعه الكيدي بطلب عارض يقدمه إلى المحكمة التي تنظر الدعوى وكان يجوز إبداء هذا الطلب حسبما جرى عليه قضاء هذه المحكمة في مذكرة دفاعه.....). ومفهوم ذلك بأن التعويض المعني يكون عن المصاريف أو النفقات المادية التي تحملها المدعى عليه في الدعوى التي قصد بها الكيد، ولا خلاف بأن تلك المصاريف غير الرسوم القضائية المفروضة، بالإضافة إلى التعويض عن الأضرار النفسية التي لحقت به جراء تلك الدعوى، ذلك جزاءً لهذا التصرف غير المقبول باستغلال حق التقاضي ولكي يكون ردعاً لأي فرد رغب للامتثال لرغباته إضراراً بالغير.

ولنأخذ بالحسبان بأن ليست بالضرورة كل دعوى لم يثبت الحق فيها أن تكون كيدية ما لم يثبت ركن الضرر دون مصلحة أخرى منها.

مكتب المحامي بندر بن شمال الدوسري