استضافة إحدى الشركات الكبرى في البلاد عدداً من الطلبة المبتعثين من قبل الجهات والهيئات التعليمية المختلفة للتدرب خلال شهري يوليو وأغسطس من كل عام أمر يستحق الشكر والتقدير والإشادة، فهذا دعم نتاجه صقل مهارات المتدربين وتوسيع مداركهم وتعريفهم بطبيعة العمل في المجال الصناعي بالإضافة إلى شغل فراغهم وملء إجازتهم بالمفيد، وهو مثال للدور الوطني الذي ينبغي أن تقوم به كل الشركات والمؤسسات الكبرى في البلاد والتي ينبغي أيضاً ألا يقتصر دورها على هذا وإنما أن تسهم بطرق أخرى في خدمة هذا الوطن والارتقاء به.

شركات ومؤسسات أخرى قامت وتقوم بأعمال تستحق الشكر والتقدير أيضاً ينبغي أن يشاد بفعلها وتذكر بالاسم، وكذلك العائلات الكبيرة التي يعلم الداني والقاصي ما تقدمه لهذا الوطن ولأهله، فالإعلام عنها إضافة إلى أنه حق اكتسبته بفعلها الطيب فإنه يشجع الآخرين على القيام بمثل ما يقومون به، وهو إعلام لا يدخل في باب الإعلان والترويج خصوصاً وأنها ليست في حاجة إليه.

في إحدى الدول الشقيقة قامت إحدى الشركات الكبرى بتشجير طريق طويل يربط بين مدينتين فتحول إلى طريق جميل يسر مستخدميه وأسهم فعلها في تنقية الجو، وفي دول أخرى عديدة قامت بعض الشركات والمؤسسات بمشاريع أخرى نافعة سجلت باسمها وحصلت بسبب ذلك على مزيد من التقدير والاحترام والمكانة في المجتمع.

هذا أمر ينبغي تشجيعه وأن تدرك الشركات والمؤسسات والعائلات الكبيرة أهميته وأن تحرص عليه، ولا بأس لو أنها اختارت عدم الإعلان عن اسمها لأسباب هي مقتنعة بها، كما تفعل بعض العائلات، فالأهم هو أن يكون لها إسهام في الارتقاء بالوطن وبأهله وألا يكون مرتبطاً بفترة محددة أو بظروف معينة.

لعل من المناسب هنا طرح فكرة تشارك الشركات والمؤسسات الكبيرة في تنفيذ مشروع معين يعود نفعه على البلاد والعباد ويوفر مثالاً على إمكانية وأهمية التشارك ويوفر الفرصة أيضاً لمجموعات من المتعطلين والباحثين عن عمل ليتكسبوا. مثال ذلك تشجير وزراعة كل شوارع البحرين، أو إنشاء مركز تدريب يوفر للشركات والمؤسسات الصغرى عناصر تتخصص في مجالات معينة وتستفيد منها، أو تأسيس شركات ومؤسسات صغيرة تتاح لذوي الخبرة المحدودة من الشباب فرصة إدارتها ومساعدتهم على تحويلها إلى شركات ومؤسسات ناجحة، وغيرها من المشاريع التي يمكن أن يعود نفعها على الوطن.

ليس صحيحاً أبداً أن هذا العمل وتلك المشاريع هي من واجبات ومهام الحكومة وحدها، فهذا الدور تتقاسمه معها كل المؤسسات والشركات التي تستطيع أن تسهم في تنمية المجتمع فهي جزء منه أيضاً ومسؤوليتها تجاهه لا تقل عن مسؤولية الحكومة خصوصاً في الظروف غير العادية التي تمر بها البلاد والمنطقة. وليس صحيحاً أيضاً أن هذا العمل سيجعل الحكومة تعتمد في قيامها بواجباتها ودورها على تلك الشركات والمؤسسات وقد تصل إلى مرحلة تلزمها فيها بالقيام بذلك وليبدو الأمر وكأنها تدفع ضريبة.

إسهام الشركات والمؤسسات في الارتقاء بالمجتمع وبالوطن واجب لا يدخل ضمن هذه الحسابات وينبغي ألا يدخل ضمنها أبداً، ولعل من المناسب الدعوة هنا إلى إيجاد مؤسسة يعهد إليها القيام بعملية التنسيق بين المؤسسات والشركات الكبرى والحكومة وبالإشراف على تنفيذ المشروعات المجتمعية التي يتم الاتفاق عليها والتي قد يكون منها تعميم فكرة تدريب الطلبة في الصيف وتنمية قدراتهم والمساعدة على تأهيلهم لشغل العديد من الوظائف مستقبلاً، وتعميم فكرة التعاون مع الحكومة في تنفيذ المشروعات التي يعود نفعها على الوطن.

مثالية الأفكار لا تعني أنها غير قابلة لترجمتها إلى واقع، والأمر فيما يخص هكذا مشاريع ربما لا يحتاج إلا إلى البدء فيها، فمن الجداول ما تحول إلى أنهار.