في كل مرة أقرأ خبراً للأرباح الصافية الخيالية التي تحققها البنوك أو الشركات التابعة للقطاع الخاص أتساءل بيني وبين نفسي لما تصاب ميزانيات بعض الحكومات بالعجز بينما يحافظ القطاع الخاص على أرباحه؟؟ ولماذا تصر بعض الحكومات على التعامل بتقليدية في تقديم خدماتها، بينما يبتكر لنا القطاع الخاصة خدمات جديدة توفر لنا الراحة والرضا؟

بالطبع لا أستطيع أن أقارن آليات العمل الحكومي بآليات العمل في القطاع الخاص، وأؤمن إيماناً قطعياً بأن آليات ومنهجيات العمل في القطاع الحكومي تختلف اختلافاً جذرياً عن آليات العمل في القطاع الخاص لاسيما من حيث تقيدها والتزامها بالعديد من القنوات لاتخاذ قراراتها.

ولكن أليست هناك حلول ابتكارية تساعد الحكومات على إيجاد حلول ناجعة لمشكلاتها وتساعدها على مواصلة المسير نحو التنمية الشاملة المستدامة؟؟ أليست هناك حالات مشابهة لدول نمت مدخولها واستطاعت مواصلة التنمية دونما الحاجة إلى زيادة الاقتراض الخارجي للاستفادة من تجربتها؟؟ أليست هناك استعانة بالقطاع الخاص في جانب الاستشارة والتنفيذ للوصول إلى حلول جذرية للعوائق التي تعاني منها بعض الحكومات؟؟

أنهيت مؤخراً دورة في مجال الابتكار الحكومي من مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي، وهي دورة تناولت منهجيات عالمية وأدوات علمية لتمكين ولترسيخ ثقافة الابتكار في القطاع الحكومي، كما هدفت هذه الدورة كذلك على تعزيز آليات تحليل وسن السياسات العامة المبتكرة لتلائم تحديات القرن الواحد والعشرين التي تواجه الحكومات.

وتناولت الدورة العديد من الأمور والتجارب لجعل الحكومات أكثر ابتكاراً من أجل مواصلة عملها وتحقيق التنمية الشاملة، وأكد المحاضر خلال هذه الدورة على أهمية أن تنتقل الحكومات إلى إيجاد حلول ابتكارية تصلح لحل المشكلات الآنية مؤكداً على "لا يمكن حل مشاكل حديثة بأساليب قديمة" كما أشار على أهمية أن يواكب القطاع الحكومي التطور والابتكار ليستطيع إشباع رغبات المواطنين وتحقيق رضاهم في عالم شرس يعمل على مبدأ التنافس والمقارنة وارتفاع توقعات المواطنين، ليس هذا وحسب بل شكل تطور التكنلوجيا والمعلومات المتاحة للجميع بالإضافة إلى زيادة أعداد المواطنين تحديات كبيرة بالنسبة للعمل الحكومي.

خلال هذه الدورة تم التطرق كذلك إلى العديد من الأمثلة سواء العالمية أو الخليجية التي اتخذت من الابتكار منهجاً فعلياً لمعالجة المشكلات والنتائج الإيجابية التي حصلت عليها هذه الحكومات. وأكد المحاضر بأن دول الخليج لديها فرص ذهبية لتحقيق الأرباح إذا ما بدأت الآن في استثمار الأفكار وتحويلها إلى تطبيقات ذات جدوى وأهمية إشراك كل أصحاب العلاقة للتأكد من نجاح أي ابتكار أو تغيير نود القيام به في المؤسسات الحكومية.

في ظل عالم مليء بالتغيرات يستوجب علينا الإيمان بأن الابتكار هو رحلة في العمل الحكومي وليس غاية فقط، وهو عملية تعلم مستمرة لإيجاد خدمات جديدة تحقق التنمية المستدامة.

ملاحظة:

حدثني عدد من العاطلين عن العمل، عن أنهم مازال عليهم التوجه إلى مبنى الوزارة لمراجعة طلباتهم!! فهل ممن الصعب توفير هذه الخدمة إلكترونياً؟؟

عالمياً تتعارف المؤسسات التي تستقبل كميات كبيرة من المراجعين على مصطلح "بيئة طاردة للمراجعين" بمعنى أن المراجع لا يستوجب عليه الحضور إلى مبنى هذه المؤسسات، ويمكن إنجاز مختلف معاملاته عن طريق الخدمات الإلكترونية.