أولاً لنثبت هنا حقيقية لا يمكن نكرانها، تتمثل بأن الدولة قامت مشكورة بتحسين كثير من الأمور التي تمس المواطن من ناحية مستواه المهني والبدلات والتعويضات، منذ تولي جلالة الملك مقاليد الحكم وبدء مشروعه الإصلاحي.

ولعل المتقاعدين يمثلون الشريحة البارزة التي تدعو دائماً لجلالة الملك بالخير وتشكره على اهتمامه الشخصي بهم، والذي تمثل بتحسين مستحقاتهم وإقرار الزيادة السنوية بنسبة ثابتة ومنحهم علاوات أيضاً.

كل هذه الأمور إيجابية وتساعد المواطن، وتمضي الدولة باتجاه تحسينها من خلال تعاون الحكومة مع السلطة التشريعية، ومن طاله الاستحقاق يستحق الخير وندعو الله أن يزيده.

لكن هناك ملاحظة لا بد من تسجيلها في المقابل، إذ رغم كثير من التحسينات والتسهيلات وإقرار التعويضات والبدلات والعلاوات، إلا أن كثيراً منها لا يطال الشرائح التي تتعدى النسب المحددة والتي لا تدخل ضمن الاشتراطات.

اليوم لو زاد راتبك بمقدار دينار واحد فقط عن السقف المحدد لاستحقاق أية علاوة ما، فإنك أوتوماتيكياً تخرج من الحسبة، ولا تستحق شيئاً، وهذا ما يراه البعض ظلماً بحقهم، وأن هناك تمييزاً غير صحيح.

نفس الوضع ينطبق على استحقاق الاستفادة من خدمات الدولة، من ضمنها الإسكان على سبيل المثال، إذ هذه الخدمة اليوم لا يستفيد منها جميع المواطنين، بل يستفيد منها من يقع ضمن دائرة الاشتراطات، وأيضاً بنفس المثال السابق، لو تعدى راتبك ديناراً واحداً فقط عن السقف المحدد، فلا يحق لك الاستفادة من أية خدمات مقدمة.

كنا نقول في السابق، ومازلنا نكرر، بأن المستحسن بل الأفضل أن تكون المعاملة بشأن استحقاق الخدمات والبدلات تحقق الاستفادة التامة لجميع المواطنين، بغض النظر عن مستوياتهم الوظيفية ورواتبهم، بحيث لا نجد في النهاية مواطناً واحداً «خارج الحسبة»، ولا يمكنه الاستفادة من خدمات الدولة.

طيب هناك طرح منطقي يقول بأنه لا يعقل مساواة مواطن في وظيفة وزير أو أدنى منه في الوظائف القيادية، مع مواطن في وظائف أقل من الوظائف التنفيذية، لكن الفكرة هنا بأنه يمكن تحقيق العدالة في الاستفادة من خدمات الدولة للجميع، لو تم استحداث نظام فيه توزيع يعتمد على النسبة والتناسب، بحيث تقل مبالغ الدعم والتعويضات ابتداء من أعلى المناصب وصولاً لأدنى مستوى، والأخير يحصل على الحصة الأكبر، لأنه يحتاجها بالفعل.

بهذه الصورة لن تجد مواطناً واحداً مستثنى من الاستفادة مما تقدمه الدولة، وبالتالي ننهي حالة الغبن التي يحس بها البعض، خاصة من يتساءل عن ذنبه إن كان تعب على نفسه وتحصل على أفضل تعليم وشغل مناصب متقدمة لكنه في المقابل لا يحصل من الدولة تلك الخدمات التي يتحصل عليها من هم أقل منه مهنياً.

أعود وأكرر بأن ما تقدمه البحرين اليوم كدولة لمساعدة المواطنين من خدمات وبدلات أمور إيجابية، لا تقدمها دول عديدة متقدمة في أوروبا وكثير من العالم، لكن العشم بأن يطال الخير الجميع، وأن يتم التخطيط لهذه الأمور بطريقة تضع لها محددات أولها تحقيق العدالة وثانيها الحرص على أن يستفيد الجميع من خير هذا الوطن الحبيب.