في اجتماع عمل يوم أمس بإمارة دبي، سألني عدد من المشاركين البريطانيين حول "البحرينية التي طارت بمقاتلة حربية"، على حد وصفهم، وهل صحيح أنها من العائلة الحاكمة؟!

قلت "نعم"، مبيناً لهم بأن الشيخة عائشة بنت راشد آل خليفة أقلعت بطائرة حربية من طراز "هوك"، وأنها "حفيدة" سمو رئيس الوزراء صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة حفظه الله، وأنها خريجة كلية "ساندهيرست" العسكرية الشهيرة في بريطانيا.

من تحدثوا معي عرفوا على الفور سمو الأمير خليفة، وأحدهم قال بأن خليفة بن سلمان يعرفه البريطانيون المطلعون على العلاقات البحرينية البريطانية الممتدة لعقود على أنه "رجل البحرين القوي"، وأنه يحظى بشعبية ومحبة من قبل البحرينيين.

أسئلتهم كانت تتركز على الشيخة عائشة بأسلوب فيه فضول غريب، إحدى البريطانيات كانت تقول إنهم كانوا يظنون أن المرأة البحرينية عليها قيود كثيرة، وليس متاحاً لها أن تخوض في كل المجالات، لكن ما انتشر بخصوص أن فتاة بحرينية تقود طائرة حربية أمر كان فريداً من نوعه، حتى إن الشبكات الإخبارية البريطانية نقلت الخبر بطريقة أبرزت فيه صغر سن الشيخة عائشة، وكيف أنها من العائلة الحاكمة، وهو الجزء الذي كان مبعث فضول لديهم، إذ الصورة النمطية بأن أفراد العائلة وخاصة الفتيات والنساء لهن وضع خاص بحيث لا يشقين أنفسهن بمهام ومسؤوليات متعبة، لكن أن تكون واحدة منهن "مقاتلة حربية"، فهذا أمر مدهش!

طبعاً بينت للمتحدثين معي، بأن هناك للأسف قصوراً لدى الغرب في معرفة كثير من الأمور لدينا في منطقة الخليج والبحرين على وجه الخصوص عن قرب وكثب، رغم أن البحث عن المعلومات بشأن المرأة البحرينية لا يحتاج لعناء كثير على الشبكة العنكبوتية.

ما حققته الشيخة عائشة يعتبر إنجازاً غير مسبوق، يضم لعديد من الإنجازات التي حققتها المرأة البحرينية، في ظل المشروع الإصلاحي لجلالة الملك حفظه الله، والذي من خلاله مكن المرأة البحرينية في كافة المجالات، وبفضله تشكل المجلس الأعلى للمرأة، والذي ترأسه قرينة جلالة الملك سمو الأميرة سبيكة حفظها الله، والتي بدورها كانت سبباً في بروز المرأة البحرينية وبلوغها مراتب متقدمة مهنياً، فأصبح لدى البحرين الوزيرات والعضوات البرلمانيات، وترأست المرأة البحرينية اجتماعات الأمم المتحدة، وأصبحت توجد في كل مجال ومنصب، وتنافس الرجل بقوة وتتفوق عليه، واليوم الأمم المتحدة بنفسها تحتضن جائزة الأميرة سبيكة لتمكين المرأة على مستوى عالمي.

الحديث جرنا للشيخة عائشة نفسها، وبعضهم سأل لماذا قبلت يد رئيس الوزراء، حينما عرضت عليهم التقرير الإخباري لتلفزيون البحرين، وحينما أدركوا بأنها تقبل يد "جدها" احتراماً له وتقديراً وهي عادة بحرينية أصيلة تصدر عن الأصيلين في محبتهم واحترامهم لأجدادهم وآبائهم ورموزهم، زاد إعجابهم بالشيخة عائشة، وأحدهم قال بأنها تمثل بالفعل نموذجاً "غير اعتيادي" للمرأة إن أرادت أن تخوض مجالاً لا يتوقع أن تكون فيه وتبدع وتتفوق فيه.

ظلت نقطة أخيرة كان لزاماً علي أن أبينها لهم تتمثل بسمو الأمير خليفة بن سلمان نفسه، إذ هو بالنسبة لعائشة ليس فقط جداً، بل هو بالنسبة لها ولغالبية البحرينيين صبيانهم وبناتهم يمثل جداً وأباً وملهماً ونموذجاً في الحكمة والإصرار والعزيمة، الفخر الذي كان فيه عيناه وهو ينظر لحفيدته تحقق شيئاً غير مسبوق، فخر نجده دائماً من سموه حينما يسعد بنجاح أي بحريني في أي مجال، لأنه هو بنفسه -أي خليفة بن سلمان- يعتبر نموذجاً متفرداً للقائد الخبير الحكيم الذي يبعث دوماً طاقة الأمل والإصرار والتحدي لدى الموهوبين والمبدعين من البحرينيين، ويحفزهم لبذل المزيد لأن ذلك ينعكس إيجاباً على البحرين، ويجعل الغرب يعرف تماماً منجزات بلادهم.

اتجاه معاكس:

الشيخة عائشة حفيدة رئيس الوزراء الموقر وابنة كريمة سمو رئيس الوزراء، المرأة الأصيلة سمو الشيخة لولوة التي يعرفها جميع البحرينيين بكرمها وأعمال الخير التي تقوم بها، وقوتها وطيبتها وحبها لبلادها، الشيخة عائشة ابنة معالي الشيخ راشد، الرجل الفنان بحسه وريشته، كريم الأخلاق الذي يأسرك بدماثته، وشقيقة شباب لهم بصماتهم الطيبة في المجتمع البحريني، عبر وطنيتهم وعطائهم ومحبة الناس لهم، الشيوخ راشد ومحمد وعبدالله، هذه المرأة البحرينية القوية صنعت لنا اليوم إنجازاً يبعث على الفخر والاعتزاز، جعلت كثيرين حول العالم يبحثون عن البحرين ويسعون للتعرف على إنجازات المرأة فيها.

فشكراً لـ"البحرينية التي تطير"، وشكراً لمنبتها الطيب الذي يبدأ أساسه من "أسد البحرين" الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله ورعاه، شكراً لمن رباها فأحسن تربيتها، وجعلها فخراً للبحرين وشعبها.