من منا لا يحب التسوق ؟! والكثير يتسوق بهدف المتعة والتسلية، لا لتوفير احتياجاتهم أو احتياجات أسرهم، فكم اشترينا سلعاً لا نحتاجها ولم نستخدمها قط حتى تتلف، فكم فتحنا أبواب خزائن الملابس فاكتشفنا وجود ملابس جديدة اشتريناها منذ زمن طويل ولم نلبسها بعد، فقد أصبح التسوق وسيلة للترفيه، وهواية تستهوي البعض، فمتعة التسوق لا تضاهيها متعة عند الكثير لا سيما السيدات والفتيات.

فلك أن تتخيل عندما تكون فرصة التسوق متاحة بين يدي هواة التسوق في المنزل وفي كل وقت، من خلال شاشة الهاتف أو شاشة النقال، فهاهي مواقع التواصل الاجتماعي ، والمواقع الإلكترونية تعج بالأسواق، المتخصصة في مختلف أنواع السلع، كالملابس، والإكسسوار ، والقرطاسية، والأثاث، والأطعمة وغيرها، كما تعج بالإعلانات والعروض المغرية لسلع لا حصر لها. فهي فرصة ذهبية لهواة التسوق لممارسة هوايتهم . حيث سهولة التسوق والوصول للسلعة، علاوة عن انخفاض أسعارها، وسرعة وصول السلعة للمشتري إلى منزله بشكل عملي ومريح .

ومن زاوية أخرى تعتبر تلك الأسواق الافتراضية فرصة للاستثمار والإتجار لدى الكثيرين، حيث فتحت فرص لكسب الرزق لعشرات العاطلين عن العمل واستغنوا عن الوظائف بالدخول في مجال الإنتاج والبيع، وربما البعض لجأ للاستيراد من منتجين خارج البلاد، ياله من عالم جديد وواسع ومعقد.

ولكن مع هذه الصور المضيئة الجميلة تجد في المقابل جوانب تستدعي التأمل والتريث . . فهل حدث وأن اشتريت سلعة فاكتشفت بعد أن استلمتها أنها تخالف المواصفات التي كتبت عنها في الموقع الإلكتروني، أم استلمت سلعة فيها تلف أو عطب، أم فوجئت بقميص اشتريته بمقاس غير مناسب لك، أو لعلك دفعت قيمة سلعة ويئست من استلامها وغيرها من المشاكل والصعوبات.

وهذا السوق الافتراضي لا يقتصر على بيع السلع بل تعدى ذلك ليقدم خدمات بمقابل مادي مثل خدمة تصليح الهواتف النقالة، وخدمة تنظيف السيارات، وتجد بعض الخدمات المقدمة من بعض الفتيات لتقديم خدمات تجميلية منزلية لعمل صبغات للشعر ومواد كيماوية، ومواد طبيعية وغيرها لعلاج وتحسين الشعر وتجدها بأسعار أقل بكثير من أسعار الصالونات مما يشجع الكثيرات للاستفادة منها دون التأكد من أن مكونات المواد المستخدمة لن تؤثر على شعرهن وصحتهن وكذلك ناهيك عن بيع العدسات الملونة المجهولة المصدر والتي تتسبب في التهابات للعين وتعرض النظر للخطر، بالإضافة إلى الإعلان عن المكملات الغذائية ومنتجات من مواد كيميائية أو طبيعية لإنقاص الوزن أو أنها تعالج السكري والضغط والسرطان أو أمراض المعدة والكلى وغيرها من الأمراض الأخرى معتمدين على نصيحة وتجربة من سبقهم فيثقون بأن هذه الأدوية تم تجربتها من قبل الكثير من المستخدمين لها ، ولها آثار إيجابية كبيرة.

و تلاقي هذه البضائع إقبالاً من البعض في محاولة للاستفادة من أسعارها المنخفضة وخدمة التوصيل إلى المنازل دون التحقق من مصدرها ومعرفة آثارها الجانبية التي قد تضر بحياة المستخدم ، متناسين أن الدواء لا يجب أن يؤخذ دون استشارة الطبيب ومن الأماكن المصرح لها بالبيع، فلا بد من شراء مثل هذه الأدوية والوصفات العشبية أن تتأكد من اجتياز الإجراءات الرقابية اللازمة للتأكد من فاعليتها في علاج الأمراض وسلامتها، ولقد أكدت العديد من وزارات الصحة في مختلف الدول على ضرورة الابتعاد عن استخدام مثل هذه المستحضرات والأدوية الطبية المجهولة المصدر في كثير من الأحيان، فإن استعمال مستحضر طبي أو دواء اعتماداً على الترويج له على مواقع التواصل يعد نوعاً من الجهل أو التجاهل الذي يشكل خطراً على صحة الإنسان.

لقد وصلنا لمرحلة يجب أن نقف فيها وقفة تأمل، فيجب تنظيم هذه الأسواق الافتراضية التي تضم السلع، وتقدم الخدمات، يجب إيجاد حلول عملية لإيقاف بيع هذه المنتجات الضارة ، ووضع آلية وأطر قانونية للبيع عبر الإنترنت يلتزم بها كل من التاجر والمستهلك، ووضع التشريعات والقوانين التي تنظم هذا العالم الجديد ، بحيث يحصل هؤلاء الأشخاص على رخص تجارية وذلك من أجل حماية التاجر والمستهلك على حدٍ سواء، ليضمنا بذلك الحصول على حقوقهما كاملة، ولا ننسى أهمية توعية المستهلك وتثقيفه لاختيار المواقع الإلكترونية الآمنة والمشروع للتسوق من خلالها، وكيفية الحفاظ على حقوق وواجبات المستهلك والتاجر، ودمتم أبناء وطني سالمين.

نجوى عبداللطيف جناحي