^ رغم تحفظي الحالي والمستمر على إطلاق لفظ (مجنس) على أي شخص سواءً كان بحرينياً أم غير ذلك لأنها تحمل دلالات عنصرية ينبغي تجنبها نهائياً. إلا أنني أجد أن مناقشة هذا الموضوع الذي أشبع نقاشاً منذ سنوات طويلة مهم بين وقت وآخر. في الحالة البحرينية صدر خلال العام 1937 أول قانون وطني ينظم الجنسية البحرينية، وفي المادة الخامسة من هذا القانون أعطي حاكم البحرين الحق في منح الجنسية لأي شخص يسكن البحرين ويقدم طلباً بذلك. وتطورت الممارسة بعد ذلك مع تشكيل الدولة الحديثة خلال عهد الأمير الراحل طيّب الله ثراه عندما أصدر في 16 سبتمبر 1963 قانوناً جديداً للجنسية، وبعد ذلك شهد القانون وآلياته تطورات عديدة نتيجة التطورات التي شهدتها الدولة. المهم هنا أن نتعرف جيداً على الفترة التاريخية الممتدة بين العام 1937 إلى العام 1963 وهي فترة حساسة في تاريخ البلاد، لأنها شهدت ظاهرة موثقة ولكنها غير مكشوفة حتى الآن، وتتعلق بحصول العديد من الأفراد على شرف الجنسية البحرينية بالتزوير أو من خلال علاقات القرابة والصداقة التي تتم عبر بعض الأشخاص الذين كانوا يحترفون مهنة الشهادة لأغراض سياسية. هذه الفترة التاريخية الهامة لا يتذكر البحرينيون الكثير عنها الآن بسبب تقادم الأجيال، ولكن هناك قصص باتت منسوجة في الذاكرة المحلية عندما يتم الحديث عن بعض الأشخاص العرب أو غير العرب القادمين من الساحل الإيراني إلى أرخبيل البحرين على قوارب التجارة أو عبر قوارب تهريب البشر التي كانت ترسو في مياه الخليج قرب المياه الإقليمية للبلاد، وتتم عمليات السباحة بعد غروب الشمس، لتبدأ بعدها عملية البحث عن الجنسية نتيجة الشروط المرنة والبسيطة للغاية التي كانت تحكم استحقاق شرف الجنسية البحرينية في تلك الحقبة التي تفصلنا عنها نحو أكثر من 70 عاماً بوجود عدد يسير من الشهود لا أكثر. هذه القصص موجودة في الذاكرة المحلية اليوم، والبعض يعتقد أنها قصص فكاهية أو خرافات تم نسجها من تلك الفترة الزمنية. والبعض ينفي حقيقتها، ولكن يمكن إثباتها في وقتها ومن خلال وثائقها للتعرف على حقيقة الأهداف التي تمت للعديد من الأسر والشخصيات (البحرينية). ليس هذا الموضوع هنا، ولكن المسألة تتعلق بأن الأشخاص الذين نالوا شرف الجنسية في تلك الفترة، هم الذين تحولوا إلى ناشطين سياسيين أو حقوقيين. وامتد بهم الأمر إلى السعي لنيل جنسيات أجنبية أخرى في سبيل الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات العامة في البحرين، وعليه صارت لدينا مجموعات باعت شرف جنسيتها لصالح شرف جنسيات أجنبية أخرى. والهدف من هذه الخطوة الحصول على جنسية أجنبية يمكن أن توفر غطاءً يحمي هذه الشخصيات خلال ممارساتها السياسية المتنوعة وإن كانت راديكالية. الحالة التي وصلنا إليها أن لدينا شخصيات بحرينية تحمل جنسية مزدوجة، وتستغل هذا الازدواج ـ بعيداً عن حيثياته القانونية ـ من أجل الإضرار بالمصالح الوطنية، وصارت مصدراً من مصادر عدم الاستقرار السياسي والأمني، بل ارتكب بعضها العديد من الجرائم التي تتعارض وأبسط مبادئ حقوق الإنسان. أعتقد أن الوضع صار يحتم تدخلاً قانونياً سريعاً وحاسماً لمعالجة مثل هذه الإشكاليات بدلاً من انتظار الأجانب من البحرينيين يساهمون في تآكل الدولة.