معرقلات العمل البرلماني في البحرين، تحددها 3 محددات رئيسة هي الحكومة والناخبين والنواب، وفي هذا المقال سيكون محور حديثنا النواب بصفتهم اختيارات الإرادة الشعبية.
فأحياناً يمكن للتغيير أن يحدث من خلال النواب أنفسهم، إلا أن هذا التغيير المنشود لم يتحقق طوال 16 عاماً مضت على التجربة البرلمانية في مملكة البحرين. وعندما يصل إلى البرلمان 40 عضواً منتخباً، يمارسون صلاحيات واسعة من التشريع والرقابة طوال 4 سنوات، وفي آخر عام من مشوار البرلمان المتجدد "قبل الانتخابات" نجد من يهتف لنا بأن الحكومة تعرقل جهودهم لتحقيق مطالب الناخبين، فهؤلاء النواب هم المعرقل الحقيقي للأداء البرلماني!
إن تشخيص النظام السياسي في البحرين يجعل من البرلمان "معارضة سياسية"، بسبب اشتراكهم مع الحكومة في وظائفه التشريعية والرقابية. فالبرلمان قادر على إيقاف تشريعات الحكومة أو تغييرها أو استبدالها، ومحاسبة الحكومة على أعمالها وبرامجها، وبالتالي تكون حدة المنافسة بين الحكومة والبرلمان قائمة على صراع سياسي "مطلوب" لصالح المواطنين والناخبين، وهي عملية طبيعية لا تحدث ضرراً في النظام السياسي، ولا تولد صراعات مجتمعية.
ولكن! هل يعتبر البرلمان البحريني معارضة سياسية مؤثرة؟ لا أعتقد في ظل ما نشهده من ضعف الأداء البرلماني القائم على وجود نواب "ممثلين" غير مؤثرين، بل في ظل وجود حكومة قوية وقادرة على التأثير، فإننا بحاجة إلى نواب فاعلين وقادرين على التأثير، وهو غير موجود في برلمان البحرين.
كثير من نواب البحرين لا يكترثون بالتكتلات السياسية داخل البرلمان، ولا يتناغمون مع تطلعات الناخبين، ولا يوجد لديهم مؤشرات لقياس أدائهم باستثناء الأرقام التي تتصدرها التقارير السنوية لأدوار الانعقاد التي تصدرها الأمانة العامة لمجلس النواب، والتي في الواقع لا تعتبر مقياساً للأداء البرلماني، حيث يتطلب القياس تحليل أداء كل نائب وفقاً لما أحدثه من تغيير في التشريعات ورقابة على عمل الحكومة.
وليس من الأهمية أن نعلم مجموع التشريعات والأدوات التي استخدمها النواب، بل نحتاج إلى تحليل أداء كل نائب وفقاً لكل أداء برلمانية في التشريع والرقابة، حتى يمكننا الوصول إلى نتائج تحليلية دقيقة تعكس مخرجات النواب بصورة تجعل من
الناخبين على علم ودراية بما قدمه ممثليهم طوال عملهم في الفصل التشريعي.
إن مسؤولية تطوير العمل البرلماني هي مسؤولية مشتركة داخل البيئة الداخلية، حيث مازال البرلمان بحاجة للارتقاء بمخرجات منظومته الوظيفية إذ لا يمكن الركن على إحصاءات تقليدية، تبرز الكم على الكيف، وتلتفت عن الشفافية عند طلب المعلومة من قبل مؤسسات المجتمع المدني التي تعد جزءاً لا يتجزأ من الإسهام المجتمعي للارتقاء بعمل المجللس. ولن يتحقق ذلك إلا بالتدريب لتنمية مهارات موظفي الأمانة العامة وتعزيز كفاءة القائمين على الإدارات ورفع القدرة على التجاوب مع متطلبات العملية التشريعية بما يسهم في تطوير الأداء البرلماني وتعزيز مخرجاته في خدمة المسيرة التنموية الشاملة التي تشهدها مملكة البحرين.